السنوار .. الخيار الأصعب
صالح الراشد

“لكل فعل رد فعل مساوياً له بالقوة ومعاكس له بالاتجاه”، هكذا اعتقد العالم بأن تولي يحيى السنوار قيادة حركة حماس جاء كرد فعل لحظي على اغتيال القائد إسماعيل هنية، لكن القرار في حقيقة الأمر ليس رد فعل بل قرار استراتيجي وطريق جديد فرضتها الأحداث بعد فشل الصهاينة في التعامل بلغة الفرسان التي يجهلونها، وفشلهم في لغة الإنسانية القائمة على أن السفير لا يقتل والمفاوض لا يُغتال، لكن من أين لعصابة صهيونية اعتادت على النازية وإدارة الكيان على طريق العصابات كونها نشأت باجرام العصابات أن تعرف الأخلاق ولغة النبلاء، وهم مجموعات متفرقة من قُطاع الطرق وقراصنة البحر وسارقون لأرض الغير، لذا جاء خيار السنوار الذي يعتبره الصهاينة متشدد وحامل للبندقية وكاسر لغصن الزيتون كخيار طبيعي وليس إنفعالي.

منذ اليوم ستتغير طرق الحوار ولن يأمن السنوار الخيار الأصعب لأحد ولن يكون التفاوض سهلاً بل سيمر عبر صعوبات متعددة في مقدمتها عدم الثقة بالعدو الصهيوني وعدم التنقل بالعلن، وزيادة الحالة الأمنية في كل مكان لضمان السرية لا سيما أن السنوار مطلوب للكيان الصهيوني، لذا لا يُتوقع أن يغادر غزة وبالتالي لن يتعرض لأي ضغوط لتقديم تنازلات، فللعدو الصهيوني ألف عين وألف عميل في عديد الدول وقد استطاع بفضلهم من اغتيال عدد كبير من قيادات حماس وكانت البداية بالشهيد المُقعد أحمد ياسين ثم الرنتيسي فالشهيد الجامع إسماعيل هينة، ولخص وزير خارجية الكيان طريقة عمل السياسية الصهيونية بقوله: “يجب اغتيال السنوار في أسرع وقت”، ومثل هذا التصريح الفارغ المُعيب في الفكر السياسي سيُبقي الصهاينة بعيداً عن الحوار بتقديمهن الحرب على السلام ليلوح في الأفق بأن القادم صعب على الجميع وبالذات الصهاينة الذين سترتفع قيمة فاتورة قتلاهم.

وجاء اختيار السنوار لمنصب رئيس المكتب السياسي بعد موسى أبو مرزوق وخالد مشعل والشهيد إسماعيل هنية. لزيادة الضغط على الكيان الصهيوني المُنتظر لضربة عسكرية غير محددة الأهداف والمُدة من قبل ايران واليمن ولبنان والعراق وسوريا وغزة، وهذا أمر أجبر نتنياهو على الدخول للغرفة المُحصنة وجعل الراعي الرسمي للكيان الصهيوني “وأعني الولايات المتحدة” ترسل أعداد كبيرة من جيشها وحاملات طائراتها للمنطقة على أمل التصدي لصواريخ ومسيرات الرد ومنح الصهاينة شعوراً بالأمان يفتقدوه حالياً، وزاد من فقدان الصهاينة للأمان ظهور السنوار بوجه آخر ومنصب جديد قاتلاً أي أمل بالمفاوضات، كون السنوار يعرف الصهاينة جيداً بعد أن قضى في سجون الاحتلال أكثر من عشرين عاماً وخرج حراً بصفقة شاليط، واليوم سيطالب السنوار بحريه شعب ووطن وسينتظر ويقاتل الوقت والرعب حتى يتحقق مراد الشعب.

ويتوقع أن يعمل السنوار على تعين ممثل له خارج فلسطين لممارسة اللقاءات التي ستتبع قراره، كما يتوقع أن يغلق باب المفاوضات مع الكيان لعدم وجود مفاوض حقيقي يتم التفاهم معه بل يوجد مجرمون يبحثون عن المزيد من القتل، في المقابل سيعمل الكيان على زيادة جرعات الألم للأسرى الفلسطينين وقتل أكبر عدد من الأطفال والنساء والمدنيين على أمل زيادة الضغط على السنوار وقوات حماس، هذه المعادلة الجديدة في المواجهات الفلسطينية الصهيونية ستقود المنطقة في النهاية صوب أمرين، فإما استمرار القتل والتقتيل بين الطرفين بطرق غير مسبوقة أو الذهاب لحل نهائي حيث لا يمكن لفلسطيني أن يقدم ما قدمه قادة حماس الذين تم تعذيبهم في سجون الصهاينة ثم واصلوا الطريق فضحوا بأرواحهم وأرواح عائلاتهم، في المقابل ظهر نتنياهو بأنه أكثر صهيوني مجرم في تاريخ الحركة الصهيونية لذا لن يعترض أي يهودي على أي تنازل “حسب فكرهم” يقدمه لإحلال السلام.

آخر الكلام:

ستتراجع أي مسيرة سلمية خلال الأشهر القادمة بانتظار الرد الإيراني وارتداداته، ولن تجرؤ دولة في العالم على تقديم مبادرات سلمية إلا بعد أن تهدأ المنطقة وهذا أمر سيحتاج لفترة زمنية ليست بالقصيرة.
رحم الله الشهيد الجامع إسماعيل هنية وصدق السموأل حين قال:

إذا مات منا سيد قام سيد
قؤول لما قال الكرام فعول

زر الذهاب إلى الأعلى