«نتنياهو لاند».. أرض نتنياهو !
رجا طلب

النشرة الدولية –

 

لم يعد مصطلح مجزرة أو مجازر يثير فينا وبكل أسف أي اهتزاز في المشاعر أو خضة في الضمير رغم اننا نرى تلك المذابح على الهواء مباشرة بعد عشرة شهور من القتل المتواصل للشعب الفلسطيني في غزة واسباب ذلك كثيرة اخطرها على الاطلاق «التعود» الذي يسبب «التبلد»، وها هو مسلسل الابادة يستكمل ومنذ عدة ايام في مدن الضفة الغربية وتحديدا في مخيمات شمالي الضفة الغربية في عملية «مخيمات صيفية» التى تستهدف القضاء على حواضن المقاومة الفلسطينية في المخيمات والقرى وبعض المدن.

 

كل ما جرى منذ السابع من اكتوبر الى اللحظة هو من نتاج تفكير بنيامين نتنياهو، لم يشاركه به أحد لا وزير الدفاع ولا قائد الجيش ولا قادة الاجهزة الامنية المختلفة وهي حالة فريدة غير مسبوقة في تاريخ هذا الكيان، حيث التقط بانتهازيته السلطوية الطاغية اللحظة «التاريخية» واقصد هنا طوفان الاقصى ليزيد من قبضته على مفاصل الكيان الاسرائيلي ليكون على مقاس أهدافه ورغباته وقضاياه الشخصية محققاً هدفه غير المعلن الذي اشرت اليه في مقالي هنا الأسبوع الماضي والمعنون (إسرائيل.. دولة الرجل الواحد) وهو (انا الدولة والدولة انا) وهذه مقولة «لويس الرابع عشر» الذي حكم فرنسا لمدة 72 سنة وهي اطول فترة حكم في تاريخ اوروبا وفي العالم المعاصر.

 

هندس نتنياهو «الرد» على طوفان الاقصى ليترجم عقيدته التي اسميها «عقيدة نتنياهو » القائمة على الثوابت الثلاثة تجاه القضية الفلسطينية وهي:

 

اولا: انكار وجود الشعب الفلسطيني (الالغاء).

 

ثانيا: انكار وجود ارض فلسطينية (الالغاء).

 

ثالثا: الحل الوحبد للتعامل مع الفلسطينيين اما بالفناء اي الحل العسكري بالقتل والمذابح واما بالتهجير والطرد (الفناء).

 

ونتنياهو بهذه العقيدة يمزج بين عقيدة «الانجلو ساكسون» اي الاميركيين البيض مؤسسي اميركا وعلى رأسهم الرئيس الاميركي جورج واشنطن وبين عقيدة صديق والده زئيف «جابوتنسكي» والده صهيون نتنياهو، الذي شرعن العنف والقتل والطرد للشعب الفلسطيني وتفوق في تطرفه اللا اخلاقي هذا على بن غوريون وحاييم وايزمان وليفي اشكول وتجاوز في ذلك ايضا على ارهاب مناحيم بيغن وارييل شارون، وفي تقديري ان نتنياهو يعمل كل ذلك بوعي تام ليدخل تاريخ هذا الكيان العنصري باعتباره حقق عقيدته التى اشرت اليها، وفي ذات الوقت يكون قد انهى اي مفاعيل للعامل العربي والاسلامي في معادلة المواجهة مع الشعب الفلسطيني وطموحه الاستراتيجي «ردع ايران بشكل كبير»، عبر انجاز السلام الاقليمي بين اسرائيل والعرب وترك القضية الفلسطينية لتصبح قضية منسية تذوب مع الزمن وتوضع في خانة التراث الانساني على غرار «قضية الهنود الحمر في اميركا الشمالية»، وحسب متابعتي للاعلام العبري بدأت أجد ان هناك من يعتقد داخل النخبة السياسية والاعلامية داخل اسرائيل ان تأخر الرد الايراني على اغتيال الشهيد اسماعيل هنية او امكانية «اختراع» سيناريو رد متفق عليه سيكون انتصارا حاسما لنتنياهو وهو امر سيعزز من قوته ونفوذه داخل الدولة العبرية وسوف يؤسس لمزيد من القوة لصالحه ستجعله بمثابة «االفهرر اي هتلر» الدولة العبرية وهو عمليا بات كذلك.

 

يدرك نتنياهو انه في كل ما ذهب اليه ويخطط للذهاب لتحقيقه ضمن محددات عقيدته (تهجير الفلسطينيين من الضفة والقطاع) هو مغامرة كبرى وكبرى جدا، ولكنه يراهن على عاملين اثنين

 

الاول: الدعم الاميركي الاعمى لمشروعه (نتنياهو لاند) حيث ان الديمقراطيين ثبت عجزهم عن ردعه فيما ترامب والجمهوريون يتلهفون لدعمه.

 

الثاني: لا وجود لقوى سياسية او مجتمعية داخل دولته يمكن لها كبح جماحه، ومعارضته باتت لونا آخر منه، اي معارضة يمينية مثله وهمها الاكبر ان لا تخسر التحالف معه في قادم الايام.

 

… التحدي الفلسطيني لهذه المعادلة ليس صعبا فحسب بل هو معقد جدا وثمنه دماء وارواح وتضحيات كبرى.

زر الذهاب إلى الأعلى