مديرا المخابرات الأمريكية والبريطانية: كتابة جريئة عن تحديات الأمن والسلام!
حسين دعسة

النشرة الدولية –
تحديات أمنية وسياسية كشف عنها مديرا وكالة المخابرات المركزية الأمريكية‭‭ ‬‬«سى.آى.إيه» وجهاز المخابرات البريطانى، فى مقال نشر فى صحيفة «فاينانشيال تايمز FT»، وقالا إنّ الجهازَين «استغلّا الأجهزة والقنوات الاستخباراتية للضغط بقوة لضبط النفس وخفض التصعيد فى الشرق الأوسط، ويعملان على التوصل إلى هدنة فى غزة يمكن أن توقف الخسارة الفادحة فى أرواح المدنيين الفلسطينيين، وتسمح لحركة حماس بإطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم فى هجومها على إسرائيل فى السابع من تشرين الأول».

* قضايا أمنية استثنائية حول العالم
المقالة بتوقيع «بيرنز- مور» اهتمت فى مؤشراتها السياسية والأمنية الأولى بالتحديات والقضايا الكبرى حول العالم، تحديدًا الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وحالة التغيرات فى مجالات الأمن والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعى والأمن السيبرانى، وركزا على أن: الشراكة الاستخباراتية تساعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على البقاء فى المقدمة فى عالم غير مؤكد.
وأن: الميزة التكنولوجية هى المفتاح لضمان استمرار العلاقة الخاصة وريادتها.
.. مع الحديث عن أن إشكالية «البقاء فى المسار» فى دعم كفاح أوكرانيا ضد روسيا أصبح أكثر أهمية من أى وقت مضى، من خلال التعهد بتعزيز تعاونهما فى أوكرانيا وفى مواجهة تحديات عالمية، دولية أخرى.

* الكتابة الاحتفالية عن حكاية مختلفة!
فى  مقالة «بيرنز- مور»، كشفت الكتابة الاحتفالية الجريئة عن حكاية مختلفة بمناسبة احتفال الجهازين قبل عامين بمرور 75 عامًا على الشراكة!
.. هنا بيان عن حكاية، قوة أمنية ودبلوماسية سرية، عبر عنها ما كتبه مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، ورئيس جهاز المخابرات السرية ريتشارد مور، وركزت على قصص من حال العالم المضطرب، فى ظل أزمات وحروب واقتصاديات تحاول الخلاص من أثر ومخاوف اندلاع  حرب عالمية جديدة.
التحدى الحقيقى فى المقال تلك المكاشفات التى تؤكد أن العلاقات العميقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ما زالت فى أوج قوتها فى التعاون والتنسيق، والتخطيط الاستراتيجى والأمنى بعيد المدى، بعد قرب انتهاء العقد الثامن من هذا التعاون الأمنى، الذى- قطعًا- له أثره وتحدياته، وهى ما أوردها المقال بتعمق، منها:

* التحدى الأول: معاندة التاريخ
قبل عامين احتفلنا بمرور 75 عامًا على الشراكة؛ 75 عامًا منذ تأسيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى عام 1947. لكن الروابط بين الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تعود إلى ما هو أبعد من ذلك، أقرب إلى تأسيس جهاز المخابرات السرية فى عام 1909 عندما شهدنا لأول مرة معًا رعب العنف بين الدول فى أوروبا.

* التحدى الثانى: لم يعد لدينا حلفاء نثق بهم
اليوم.. وبعد أوثق أشكال التعاون خلال الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، ثم الكفاح المشترك ضد الإرهاب الدولى، أصبحت هذه الشراكة تشكل القلب النابض للعلاقة الخاصة بين بلدينا. ولم يعد لدينا حلفاء نثق بهم أو نقدرهم.

* التحدى الثالث: نظام دولى متنازع عليه
تحديات الماضى تتسارع فى الوقت الحاضر، وتتفاقم بفعل التغير التكنولوجى. واليوم، نتعاون فى ظل نظام دولى متنازع عليه، حيث تواجه بلدانا مجموعة غير مسبوقة من التهديدات.

* التحدى الرابع: الحشد للدفاع عن أوكرانيا
لقد وقفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز المخابرات الروسى معًا فى مقاومة الحرب العدوانية التى تشنها روسيا وبوتين فى أوكرانيا. لقد توقعنا حدوث ذلك، وتمكنا من تحذير المجتمع الدولى حتى نتمكن جميعًا من الحشد للدفاع عن أوكرانيا.

* 1- لقد قمنا بكشف بعض أسرارنا بعناية كجزء جديد وفعال من هذا الجهد.
* 2- إن التمسك بالمسار أصبح أكثر أهمية من أى وقت مضى. ولن ينجح بوتين فى إخماد سيادة أوكرانيا واستقلالها.
* 3- إن تصرفات روسيا تشكل انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة والمعايير العالمية.
* 4- سوف نستمر فى مساعدة شركائنا الاستخباراتيين الأوكرانيين الشجعان والعازمين. ونحن فخورون بذلك، ونقف مذهولين أمام قدرة أوكرانيا على الصمود والإبداع والحيوية.
* 5- لقد أثبت هذا الصراع أن التكنولوجيا، إذا ما استُخدِمَت جنبًا إلى جنب مع الشجاعة غير العادية والأسلحة التقليدية، من شأنها أن تغير مسار الحرب. وكانت أوكرانيا أول حرب من نوعها تجمع بين البرمجيات مفتوحة المصدر وتكنولوجيا ساحة المعركة المتطورة، وتسخير صور الأقمار الصناعية التجارية والعسكرية، وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار، والحرب السيبرانية عالية ومنخفضة التطور، ووسائل الإعلام الاجتماعية، والاستخبارات مفتوحة المصدر، والمركبات الجوية والبحرية غير المأهولة، والعمليات المعلوماتية- فضلًا عن الاستخبارات البشرية والإشارات- بهذه السرعة والنطاق المذهلين. والأهم من ذلك كله، أنها أكدت ضرورة التكيف والتجريب والابتكار.
* 6- بعيدًا عن أوكرانيا، فإننا نواصل العمل معًا لتعطيل حملة التخريب المتهورة فى جميع أنحاء أوروبا والتى تشنها المخابرات الروسية، واستخدامها الساخر للتكنولوجيا لنشر الأكاذيب والمعلومات المضللة المصممة لدق إسفين بيننا.

* التحدى الخامس: خطر عدم الاستقرار العالمى
فى القرن الحادى والعشرين لا تأتى الأزمات بشكل متتابع. وفى حين يتم نشر قدر كبير من الاهتمام والموارد ضد روسيا، فإننا نعمل معًا فى أماكن ومساحات أخرى لمواجهة خطر عدم الاستقرار العالمى.

* التحدى السادس: صعود الصين
بالنسبة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز الاستخبارات الداخلية، يشكل صعود الصين التحدى الاستخباراتى والجيوسياسى الرئيسى فى القرن الحادى والعشرين، وقد قمنا بإعادة تنظيم خدماتنا لتعكس هذه الأولوية.

* التحدى السابع: مكافحة الإرهاب
تظل مكافحة الإرهاب تشكل جوهر شراكتنا، ونحن نعمل بشكل وثيق مع الآخرين لحماية أوطاننا وإحباط التهديد المتجدد الذى يشكله تنظيم الدولة الإسلامية.

* التحدى الثامن: الحرب الإسرائيلية على غزة
فى الشرق الأوسط، استغلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قنواتنا الاستخباراتية للضغط بقوة من أجل ضبط النفس وخفض التصعيد.
وتعمل خدماتنا بلا كلل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق بشأن الرهائن فى غزة، وهو ما قد ينهى معاناة المدنيين الفلسطينيين وخسائرهم الفادحة فى الأرواح ويعيد الرهائن إلى ديارهم بعد 11 شهرًا من الحبس الجهنمى من قِبَل حماس. ولعب «بيل» دورًا مباشرًا فى جمع الأطراف المتفاوضة بمساعدة أصدقائنا المصريين والقطريين. ونحن نواصل العمل معًا لخفض التوترات فى المنطقة.

* التحدى التاسع: الحفاظ على الميزة التكنولوجية
إن الحفاظ على الميزة التكنولوجية أمر حيوى لضمان ميزة استخباراتنا المشتركة. ولا تستطيع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز المخابرات البريطانى القيام بذلك بمفردهما، بل إن شراكتنا تتعزز بشبكة من الشراكات مع القطاع الخاص.
نحن الآن نستخدم الذكاء الاصطناعى، بما فى ذلك الذكاء الاصطناعى التوليدى، لتمكين وتحسين أنشطة الاستخبارات، من التلخيص إلى توليد الأفكار إلى المساعدة فى تحديد المعلومات الرئيسية فى بحر من البيانات. نحن ندرب الذكاء الاصطناعى للمساعدة فى حماية عملياتنا الخاصة و«الفريق الأحمر» لضمان قدرتنا على البقاء سريين عندما نحتاج إلى ذلك. نحن نستخدم تقنيات الحوسبة السحابية حتى يتمكن علماء البيانات المتميزون لدينا من تحقيق أقصى استفادة من بياناتنا، ونحن نتعاون مع أكثر الشركات ابتكارًا فى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحول العالم.

* التحدى العاشر: السلام والاستقرار والأمان
إن النظام العالمى الدولى؛ النظام المتوازن الذى أدى إلى السلام والاستقرار النسبيين وحقق مستويات معيشية مرتفعة وفرصًا وازدهارًا- أصبح مهددًا على نحو لم نشهده منذ الحرب الباردة. ولكن مكافحة هذا الخطر بنجاح تشكل الأساس الحقيقى لعلاقتنا الخاصة. الثقة والانفتاح والتحدى البنّاء والصداقة. ويمكن الاعتماد على هذه السمات فى القرن المقبل، كما يمكن الاعتماد على تصميمنا المشترك على البقاء أبطالًا للسلام والأمن العالميين.

* نص المقال «وثيقة» من مصدر صحيفة «فاينانشيال تايمز FT».
* بقلم: وليام بيرنز وريتشارد مور: الشراكة الاستخباراتية تساعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على البقاء فى المقدمة فى عالم غير مؤكد.

*.. دبلوماسية المكاشفات والمفاوضات الأمنية.. لماذا؟!
.. فيما وراء المقالة، وهى بالمناسبة دقيقة وواضحة، نؤشر على سنوات من العمل الأمنى والاستخبارات بين الدول الكبرى فى العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، تلك- وهى الآن- باتت مفتوحة على متغيرات النظرية الأمنية محصورة الحدود، بل بات عملها فى صلب عمق دول العالم، وفق معادلات الدبلوماسية، التى تعتمد المكاشفات، والمفاوضات الأمنية، فى ذات الوقت تحافظ على جدوى وإمكانات، مع مقدرات العمل السياسى والأمنى المفتوح، الذى يدعم أسس العمل والتعاون ورسم السياسات الجيوسياسية الأمنية، وتدعم رابطها مع الأمن، حالة اجتماعية سياسية وإنسانية، لتظهر علامات الهيمنة الأمنية، فى سيادة الدول على أمنها الصحى، والغذائى، والصناعي، وأمن جوارها، وسلامة أراضيها، حدودها، المياه الإقليمية، البيئة والمناخ، بما فى ذلك حماية المصالح التى تحركها علاقات، اتفاقيات، ومواقف الدول، بشكل ثنائى أو تجمعات واتحادات ومنظمات دولية إقليمية وأمنية.
.. المثير فى مقالة «وليام بيرنز» و«ريتشارد مور» أنها تتابع سرد حكاية ما زالت قائمة بكل سردياتها، كونها دولًا قطبية تحكمت، وربما إلى الآن، فى محاور الصراع بين الشرق والغرب.. وما بينهما حرب النجوم

زر الذهاب إلى الأعلى