نهاية الحرب فى غزة مستحيلة.. السفاح نتنياهو “ينتحر” ولا” ينقلب” على حكومة التطرف فى ائتلافه الحاكم
حسين دعسة

الدستور –

النشرة الدولية –

إلى لحظة كتابة المقال، هناك تكهنات، تتبعها تسريبات من مصادر دبلوماسية وإعلامية، عن حدث أمنى – عسكرى، محير، ومدهش وخطير فى هذا التوقيت، وربما يشكل علامة فارقة فى مسار الحرب العدوانية الإسرائيلية النازية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس.

الحدث، والعمل العسكرى، والمكان، أيضا جبهة حرب جديدة خطيرة، قد يكون من الصعب-حاليا- التحليل المنطقى لما حدث: ما تسرب، إلى اللحظة انه تمت [عملية إنزال عسكرية إسرائيلية، فى سوريا، توافقت مع اعتقال وخطف خبراء عسكريين إيرانيين… ].

مكان الحدث: «سوريا، مدينة مصياف غربى حماة»، والمكان، محور العملية

يبعد عن العاصمة السورية دمشق حوالى «٢١٩٫٤ كم»، وعن تل أبيب، فى دولة الاحتلال الإسرائيلى يبعد «٥٣٥٫٤ كم»، وبحسب معلومات خطيرة كشفها «تليفزيون سوريا» تحت عنوان باهت: ضربة حماة!.

 

*إنزال جوى وقتلى وأسرى.

 

بث «تليفزيون سوريا»، قدم معلومات تكتيكية، مؤطرة وأمنيا، وهى بذات الوقت، والتوقيت خطيرة، كون العمل العسكرى، أو الضربة، هى جبهة حرب، ونقطة ارتكاز أمنى للعدو الإسرائيلى الصهيونى، الطائرات الإسرائيلية، – كما فى التسريبات – استهدفت مدينة مصياف غربى حماة، وفق عملية عسكرية متفق ومخطط لها مسبقا، «غالبا المؤشرات بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية، سوريا، إسرائيل» تضمنت فى خطتها العسكرية إنزالًا جويًّا واشتباكات وقتلى وأسرى تخلّل العملية.

 

.. فى النظرة الأولى لمسار الحدث، أننا أمام فتح جبهة حرب جديدة، مكانها فى ظهر الجوار الفلسطينى، ما يؤثر على المقاومة الفلسطينية، واللبنانية، عدا عن حركة حماس، كتائب القسام، فصائل أخرى.

وأمنيا وإعلاميا هناك تضارب وضبابية فى طبيعة الحدث: مصدر المعلومات الأولية، «التليفزيون السورى» عن مصادر «..» قولها إن «الضربة الإسرائيلية، ليل الأحد- الإثنين الفائت، والتى استهدفت مركز أبحاث عسكريًا رئيسيًا يُستخدم فى إنتاج الأسلحة الكيميائية، لم تقتصر على غارات جوية، بل تزامنت مع إنزال جوى واشتباكات عنيفة وأسر إيرانيين».

 

وأوضحت المصادر، التى اعتمد عليها التليفزيون السورى، أنّ «مروحيات إسرائيلية حامت فى سماء المنطقة المٌستهدفة، ولم تهبط على الأرض، حيث جرى الإنزال باستخدام الحبال، بالتزامن مع تدمير المسيّرات الإسرائيلية لجميع سيارات مفرزة أمن النظام السورى هناك، وقطع جميع الطرق المؤدية إلى مكان عملية الإنزال»، دائمًا حسب ما نقل التليفزيون السورى.

 

*فريق الإنزال الإسرائيلى!

 

فى وصف الحدث/ العملية، أن اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل ثلاثة سوريين وإصابة آخرين بينهم مدنيون، كما تمكّن فريق الإنزال الإسرائيلى من أسر شخصين إيرانيين.

 

.. وفى تفاصيل أخرى أنّ: «الأجهزة الأمنية السورية أعاقت وصول فرق الإنقاذ إلى المنطقة المُستهدفة، حيث نُقل القتلى والمصابون العسكريون إلى جهةٍ مجهولة، ولم يُعرف مصيرهم حتّى الآن، فى حين نُقل المصابون المدنيون إلى مستشفى مصياف».

 

فى ردود الفعل، برز تحليل، يرى أن:

 

إسرائيل تفتح من سوريا معركة تصفية النفوذ الإيرانى، بحسب المحلل والسياسى السورى «شادى علاء الدين»، الذى ينحاز إلى نظرية «تصفية الحسابات» قبل فتح الجبهات الكبرى، المؤكد أنه لا حلول ولا مفاوضات قد تنهى الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل؛ ولهذا تبدو أن اللعبة السياسية تقوم بين مختلف المحاور والدول النافذة فى المنطقة، لتقوم، على حماية ما يمكن حمايته قبل المعركة الشاملة، المتوقعة من إيران، ردًا على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية فى وسط العاصمة الإيرانية طهران، هنا قال المحلل شادى، اليوم، إن طبيعة الحدث تكمن فى سريته، وأنه نفذ عبر جيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى»

إن حجم الهجوم يشير إلى أن آلة الحرب الإسرائيلية تنفذ قرارًا سياسيًا حاسمًا [بتغيير المعادلات التى حكمت الصراع بين إسرائيل وإيران]؛ ذلك ما نشر اليوم 2024.09.12 على تليفزيون سوريا، كاشفا عن تفاصيل الحدث، ولماذا تم توقيته فى هذا الوقت، الذى تشهد فيه الحرب على غزة واقتحامات وغزو الضفة الغربية والقدس، مجازر ومذابح وتعنت إسرائيلى موجه من السفاح نتنياهو، متحديًا دولا وسيطة فى مسارات الوساطة، والمؤشر الأساس، التوصل إلى إيقاف الحرب على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وما يتضح، أن نهاية الحرب فى غزة باتت غير معروفة، بل ومستحيلة، ذلك أن السفاح نتنياهو يفضل أن «ينتحر» ولا «ينقلب» على حكومة التطرف فى ائتلافه الحاكم، بحثا عن فتح جبهات عديدة فى جنوب لبنان وسوريا، عدا قطاع غزة ورفح والضفة الغربية والقدس.

.. هنا يلفت المحلل الاستراتيجى «شادى علاء الدين»، أن فى الذى يحصل انه مع: «كل صولاته وجولاته، يحرص رئيس وزراء حكومة اليمين الصهيونى المتطرف السفاح نتنياهو على تصوير إيران كخطر وجودى يهدد استمرار الدولة الإسرائيلية، ولا يتناول حزب الله والميليشيات التى تدور فى فلكها إلا بوصفها منظمات ولائية قليلة الشأن ستتهاوى سريعًا فى حال تم توجيه ضربة مؤثرة إلى المركز».

*تضخيم شأن الميليشيات الإيرانية.

 

تبدى إيران، وفق التحليل: من جهتها رغبة فى تضخيم شأن ميليشياتها وخطورتها والتفاوض عبرها وعليها، إلى حد التضحية بها؛ ذلك أن حزب الله قد استشعر، أو ربما أُبلغ، أن معركته الحالية، التى قد تكون آخر معاركه «..» هى معركة فداء لإيران «..» لذا يحرص الحزب على وزنها بميزان الذهب وإبقائها ضمن حدود تتيح لإيران إنجاز مشاريعها التفاوضية بسلاسة ومن دون التعرض لضربة إسرائيلية قاصمة».

 

.. وفى هذا السياق، تخضع عمليات التصعيد الإقليمى لجيوسياسة أمنية معقدة: لا تتناسب المعادلات الأمريكية القائمة حاليًا فى الفترة الأخيرة من ولاية الرئيس الديمقراطى بايدن مع طموحات السفاح نتنياهو، وفى نظرة على المسارات التفاوضية الأمريكية الإيرانية المتقدمة حول مفاوضات الملف النووى الإيرانى، لا تضمن له الانضباط الأمنى الذى يطمح إليه، يتابع «علاء الدين»: لذلك يسعى إلى إفشال كل مساعى التفاوض فى المنطقة، سواء ما يتعلق بالحرب فى غزة أو بالصفقة المنتظرة مع إيران.

 

*لماذا الهجوم.. وحجمه قياسا لآلة الحرب.

 

قد لا تظهر أسرار معينة خلال الأسابيع القادمة، ذلك أن المنطقة فى تصعيد، وإسرائيل فى تصعيد متعمد، يوميا مذبحة وعودة إلى الإبادة الجماعية، من هنا فقد، بدت ضربة حماة، فى وصف علاء الدين:

حجم الهجوم يشير إلى أن آلة الحرب الإسرائيلية تنفذ قرارًا سياسيًا حاسمًا بتغيير المعادلات التى حكمت الصراع بين إسرائيل وإيران.

 

.. وهى، بالتالي: الضربة الأخيرة فى سوريا، التى تعد الأشرس والأعنف منذ فترة طويلة، لم تكن عادية، ولا رهان على توسع هدف الضربة مع استمرار التهديد بالرد الإيرانى على اغتيال الشهيد اسماعيل هنية.

 

*معركة فى ضربة.

 

.. وبدون شك، الحدث مستهجن ومحير فعلا، وما يقال، من أرض الواقع، يبرز أثر الضربة التى أشرف عليها السفاح نتنياهو، وتزامنت مع التخطيط لمذبحة مواصى خان يونس، ولهذا الضربة، التى تمت على الأرض السورية، إذ كشفت عن أن: شبكة المواقع التى استهدفتها ضربة حماة، شملت منشآت إيرانية مهمة فى الساحل السورى وحماة وريف مصياف وسواحل بانياس، وطالت مراكز تصنيع السلاح فى مركز البحوث العلمية ودمرت شحنات أسلحة إيرانية وأدت إلى إصابة أكثر من 57 شخصًا بين قتيل وجريح.

 

.. ومن البديهى، تعليل حجم الهجوم، الذى يشير، وفق التحليل إلى أن آلة الحرب الإسرائيلية تنفذ قرارًا سياسيًا حاسمًا بتغيير المعادلات التى حكمت الصراع بين إسرائيل وإيران، خصوصًا بعد تفكك محور الممانعة وإعلان سوريا عن عدم رغبتها فى المشاركة فى حرب المساندة التى يخوضها حزب الله. كما أن إيران نفسها، وعلى لسان المرشد الأعلى على خامنئى، تعلن أنه لا ضير من التراجع التكتيكى أمام دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، إذ يمكن أن يتم هذا التراجع فى الميدان العسكرى وفى الميدان السياسى أيضًا.

علينا التأكيد، على مفصل مهم، وهو يتعلق بالرغبة الإيرانية المحمومة، فى إنجاز صفقة مع أمريكا بأكبر قدر ممكن من السرعة، بينما لا تزال فى وضع تتمتع فيه بقدر محسوس من النفوذ فى المنطقة يمكن أن تتفاوض من خلاله وعليه، استنادا على ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلى، التى تعلن العداء لإيران، إذ تعتبر أنها مصدر الدعم العسكرى واللوجستى لمحور المقاومة، حماس وحزب الله والحوثيين فى اليمن.

 

 

السفاح نتنياهو، يلعب بالقرار المتعلق بالإدارة الأمريكية والبنتاجون، وقوى ومنظمات الايباك، وهو يورط المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، والمنطقة تحديدا، يرى الفرصة سانحة لتوجيه ضربات قاصمة لإيران فى ظل إدارة تعيش لحظاتها الأخيرة، وانتخابات رئاسية، وصراعها مصيرى«..» ولا يمكن فيها للرئيس الأيمركى اتخاذ قرار صارم يمنع نتنياهو من زيادة جبهات الحرب، ولا يستطيع كذلك إيقاف تمويله بالمال والسلاح، وبالتالى استمرار حرب الإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية.

*أقطاب المعادلة الجديدة.

 

هنا نتوقف عند ما يعتبر دلالات على أقطاب المعادلة الجديدة التى كشفت عنها الضربة القاسية فى سوريا، من حيث:

*1:

تفترض مقايضة الامتناع عن تنفيذ ضربة كبرى ضد إيران بالسماح بإنهاء نفوذها فى المنطقة، خصوصًا بعد أن انكشفت هشاشة معادلات الردع التى يهدد بها حزب الله، وظهر بشكل جلى مدى التفوق الأمنى والعسكرى الإسرائيلى، المشكوك فيه وسط الحماية والدعم العسكرى الأمريكى.

 

*2:.

تزامن الضربة مع لغة إسرائيلية مختلفة تضع الأمين العام لحزب الله فى دائرة الاستهداف. فقد أدلى عضو الكنيست الإسرائيلى نيسيم فاتورى بتصريح إذاعى نقلته صحيفة «معاريف»، يؤكد نضوج قرار التوجه إلى الحرب فى الجبهة الشمالية، ويشير إلى معرفة مكان اختباء حسن نصر الله ووضعه على قائمة التصفيات.

 

*3:

التصريحات المتتالية التى تظهر على ألسنة قياديين إسرائيليين تفصل بين الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، وتعتبر أن إنجاز صفقة تبادل مع حماس «وهى التى يعطلها السفاح نتنياهو» سيسمح بالقضاء على تهديد الجبهة الشمالية.

 

*4:

ضربت إسرائيل كثيرًا من شحنات السلاح، ولكن قسمًا كبيرًا منها نجح فى العبور إلى لبنان، الذى بات محمية حربية إيرانية يسيطر عليها حزب الله، بحسب المحلل علاء الدين.

 

*5:

الارتباط بين الجبهة اللبنانية وسوريا وثيق فى الاستراتيجية الحربية الإسرائيلية، إذ إن مخازن السلاح الإيرانية ومعامل الإنتاج والتصنيع الحربى المنتشرة فى مناطق نفوذها فى الداخل السورى تشكل عوامل الثقل الأساسية فى قوة حزب الله، الذى نجح على مدى سنوات فى تهريب الأسلحة الثقيلة إلى لبنان.

 

*6:

حرص حزب الله على إطلاق رسائل تشير إلى قدرته على خوض معركة مكلفة عبر فيديوهات تظهر أنفاقًا حربية تُخزن فيها الصواريخ والأسلحة، مثل فيديو «عماد 4» وغيره.

فيما نجحت دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، جزئيا فى خلق حالة رعب عامة تجعل من كل موالٍ للحزب أو مقرب من أحد أفراده بمثابة جاذب للاستهداف. ويتكرر الأمر نفسه فى سوريا، إذ إن المقربين من إيران وأعضاء ميليشياتها باتوا منبوذين لأنهم يستجلبون الغارات المباشرة، فى ظل سيطرة أمنية استخباراتية وميدانية محكمة فى سوريا ولبنان.

 

*7:

إنهاء الوجود الإيرانى فى المنطقة هو الثمن المقبول إسرائيليًا للسماح بتمرير صفقة مع إيران. اللافت أن إيران نفسها لا يبدو أنها تمانع مثل هذا السيناريو طالما يجنبها تجرع كأس سم الضربات الإسرائيلية المباشرة.

فإسرائيل لم تعتبر أن امتناع إيران عن الرد على اغتيال قائد حماس إسماعيل هنية فى إيران كان كافيًا. بل المطلوب هو القضاء على قدرتها على تهديد إسرائيل فى المنطقة وضبط حدود الصفقة النووية الأمريكية معها بحيث تضمن عدم قدرتها على امتلاك سلاح نووى.

 

 

*

 

يعيد المحلل القول إنه بحسب المصادر فإنّها ترجّح أن يكون «سوريا أو أطراف من قبله هى مَن سهّلت عملية الضربة والإنزال الإسرائيلى بشكل كامل»، مؤكّدةً استهداف مركز اتصالات روسيًا على «جبل المشهد العالى» «قاسيون مصياف»، وأنّ الضربة أصابت خبير رادارات روسى كان فى المركز.

 

*

فى الجانب الآخر من الصورة، يقول باحث فى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، المحلل الاستراتيجى «حسين عبدالحسين» إن البقاء فى السلطة هو سبب مماطلة رئيس حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى مرحبا إسرائيل نتنياهو فى قبول تسوية تقضى بوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، ومبادلة رهائن إسرائيل لدى حماس بمعتقلين فلسطينيين فى السجون الإسرائيلية؛ مثلما أن انتهاء الحرب فى غزة، أو الحرب بشكل عام فى الضفة الغربية، أو مع حزب الله اللبنانى، تؤدى الغرض نفسه، إذ إن الرأى العام الإسرائيلى سيسارع إلى محاسبة نتنياهو عن فشله فى استباق ومنع وقوع هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر، مع بدء معركة طوفان الأقصى.

 

.. ويحيل عبدالحسين، سبب رفض السفاح نتنياهو وقف الحرب فى غزة لا يتعلّق بالحاضر بل بالمستقبل. فى الوقت الراهن، وهو يتمتع كرئيس حكومة متطرفة يمينية، بتحالف ثابت يتألف من 64 مقعدًا فى الكنيست، أكثر من 12 منها يشغلها نوّاب من أقصى اليمين، بقيادة وزيرى المالية والأمن القومى بتسائيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وتنتهى ولاية الكنيست فى أكتوبر 2026. فى حال انسحب أقصى اليمين من الحكومة، تنهار، وتجرى انتخابات تفوز بها المعارضة، ويجلس سموتريش وبن غفير خارج الحكم. هذا يعنى أن مصير نتنياهو ومصير أقصى اليمين مترابطان، وأنهم لن يخالفوه الرأى، حتى لو وافق على وقف إطلاق نار فى غزة وتبادل أسرى، كما فعل بين 22 نوفمبر والأول من ديسمبر 2023.

 

.. والعودة إلى اتفاقية إنهاء الحرب فى غزة المنصوص عنها فى قرار مجلس الأمن 2735، يرى المحلل: تنقسم إلى ثلاث مراحل، تطلب الأولى انسحاب القوات الإسرائيلية «من الأماكن السكنية» فقط مقابل إفراج حماس عن كلّ الرهائن من غير الذكور الراشدين، وإفراج إسرائيل عن دفعة من الفلسطينيين. وعبارة أماكن سكنية لا تتضمن محور نتساريم، الذى يقسم القطاع إلى نصفين شمالى وجنوبى، ولا صلاح الدين «فيلادلفيا» الذى يصله بالأراضى المصرية. فى المرحلة الثانية، تفرج حماس عن الذكور الإسرائيليين الراشدين مقابل انسحاب إسرائيلى من القطاع ووقفٍ دائم للحرب. لم يربط مجلس الأمن بين المراحل، بل أشار إلى أن الأولى مستقلّة عن الثانية، وأنه يُمكن مواصلة مناقشة تنفيذ الثانية حتى لو فرغ الطرفان من الأولى من دون التوصل إلى اتفاق حول الثانية.

 

بكلام آخر، من اليسير لنتنياهو وأقصى اليمين قبول المرحلة الأولى، لكن حماس أضافت شرطًا تمثل بانسحاب إسرائيل من محورى نتساريم وفيلادلفيا فى المرحلة الأولى. شرط حماس هنا ليس من باب العرقلة، بل هو لتأكيد أن إفراجها عن الرهائن هو ضمانتها للبقاء؛ فإن أصرت إسرائيل على إنهاء حماس، تنهى بذلك حياة الرهائن الإسرائيليين المتبقّين معها. هذا الخيار الذى تقدّمه حماس لنتنياهو يلقى شعبية بين عدد كبير من الإسرائيليين، ولكنه ليس كبيرًا بما فيه الكفاية للفوز بالانتخابات.

 

بالتأكيد يعتقد السفاح بأنه لو خضع للضغط الأمريكى والدولى والمحلى، ووافق على استرداد الأسرى مقابل بقاء حماس، فسيصبح خروجه من الحكم حتميًا مستقبلًا، وإن لم يكن فوريًا.

 

 

*

*السفاح مازال يكرر الأكاذيب.. كيف؟

 

معطيات الحدث العسكرى فى سوريا، واستمرار حرب الإبادة الجماعية والتهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، والواقع المأساوى إنسانيا فى غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، أمور، لم ينتبه لها المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، وحتى الأمس، ما زال السفاح نتنياهو يدعو إلى ممارسة ضغط كبير على حركة حماس لقبول مقترح اتفاق جديد فى غزة بعد أن قالت الحركة إنها لن تقبل وقفا لإطلاق النار إذا تضمن شروطا جديدة.

 

.. وفى المقابل، عبر الوسيط الأمريكى قال وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سى. أى. إيه»، الذى يعد كبير المفاوضين الأمريكيين إن اقتراحا أكثر تفصيلًا لوقف إطلاق النار سيُقدم فى غضون بضعة أيام.

 

بينما صرحت حركة حماس فى بيان إن فريقها للتفاوض اجتمع مع الوسطاء القطريين والمصريين فى الدوحة، وأكد استعداده لتنفيذ وقف إطلاق نار على الفور مع إسرائيل فى غزة على أساس اقتراح أمريكى سابق دون شروط جديدة من أى طرف، وهو أمر، يعنى أن حماس، الداخل أو قيادات الخارج، مازالت قوية.

 

 

*تقرير لـ«The Spectator» يثير سؤال المرحلة: هل هُزمت حماس؟

 

 

سألت صحيفة «The Spectator» البريطانية «هل هُزمت حماس أخيرًا فى غزة، بعد مرور ما يقرب من عام على شنها الهجوم الأكثر دموية فى تاريخ إسرائيل؟».

*أولا: القدرة العسكرية فى غزة.

 

بالنسبة لوزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت، فان حماس لم تعد تمتلك القدرة العسكرية فى غزة. فى الواقع، لقد تعرضت حماس لضربة موجعة منذ تشرين الأول. فقد تم تدمير العديد من أنفاقها بشكل كامل أو جزئى، واغتيل العديد من قادتها، كما وتم القضاء على اثنين من كبار قادتها الثلاثة، محمد ضيف ومروان عيسى، فضلًا عن رئيس المكتب السياسى للحركة إسماعيل هنية، الذى اغتيل فى طهران».

 

*ثانيا: تقليص قدرة حماس على الرد بفعالية.

 

«رغم أن عدد قتلى حماس غير معروف، إلا أنه كبير. والأمر الأكثر أهمية هو أن القضاء على عدد من قياديها وتدمير أو مصادرة العديد من أسلحتها أدى إلى تقليص قدرة الحركة على الرد بفعالية. ولكن كل هذا لا يعنى أن التهديد قد زال تمامًا. إذا سحبت إسرائيل قواتها من غزة، فإن الافتقار إلى قيادة فلسطينية قوية وفعالة بما يكفى لسد الفجوة فى السلطة التى خلفتهاحماس يعنى أن الحركة قد تتمكن من إعادة بناء قدراتها».

 

*ثالثا: الانتقال إلى مرحلة ثانية؟

 

رأت الصحيفة أن «هذا يعنى أمرين بالنسبة لإسرائيل:

* الأول: هو أن هذا الأمر يسمح للجيش الإسرائيلى بالانتقال إلى المرحلة التالية من القتال. وهذا يعنى قتالًا منخفض الشدة، معظمه فوق الأرض، مما يجبر مقاتلى حماس على الاختباء تحت الأرض، وتحويل الحرب إلى حصار من شأنه أن يجعل من الصعب عليهم تنفيذ الهجمات.ومن المأمول أيضًا أن يفرض هذا القدر الكافى من الضغوط على حماس لحملها على الموافقة على الاتفاق وإطلاق سراح الرهائن المتبقين. وبسبب القيود العسكرية التى تواجهها حماس، لجأت الحركة إلى تكتيكات حرب العصابات».

 

* الأمر الثانى: الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل. فإذا تمكنت من تحقيق الأمر الأول، حينها ستتمكن إسرائيل من تحويل الموارد لمحاربة حزب الله فى لبنان. لقد أبدت الحكومة الإسرائيلية ترددها فى بدء حرب شاملة على جبهة ثانية فى حين لا تزال تخوض حربًا فى غزة، وركزت على استهداف قادة حزب الله وترساناته من الأسلحة. ومن المتوقع أيضًا أن تكون الحرب فى لبنان محفوفة بالمخاطر إلى حد كبير، ذلك أن حزب الله أكبر وأقوى كثيرًا من حماس، وسوف يثبت القتال فى لبنان أنه أكثر صعوبة من القتال فى منطقة صغيرة من قطاع غزة».

 

*رابعا: تغيير الوضع الأمنى فى الشمال.

 

إن الجيش الإسرائيلى على وشك إكمال مهمته فى الجنوب، ومهمته الجديدة هى تغيير الوضع الأمنى فى الشمال، بحسب ما قال جالانت للجنود: فى نهاية مناورة تدريبية تحاكى حربًا برية فى جنوب لبنان إنه «يجب أن يكونوا مستعدين لإكمال المهمة». ويبقى الهدف الرئيسى لإسرائيل فى غزة منع حماس من إعادة بناء قدراتها والعودة إلى السلطة. ولكى تتحقق هذه الغاية، قد يتولى الجيش الإسرائيلى توزيع المساعدات فى غزة».

 

*خامسا: الدول المؤثرة

 

«يتعين على الدول المؤثرة، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أن توضح لكل من يساعدهم حماس على إعادة البناء سوف تقابل بعقوبات قاسية».

.. الحرب على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل مستمرة، بات الحل والتفاوض مرهون بالتحولات الأمريكية ودبلوماسيتها التى يبدو أنها توقف، نتيجة خلط الأوراق، ومحاولة إضاعة الحقوق، وهذا يحيلنا إلى ترقب ما قد ينتج عن جولة  أعضاء «اللجنة الوزارية العربية الإسلامية» المكلفة بالتحرك الدولى لوقف الحرب على غزة، التى بدأت زيارة عمل إلى العاصمة الإسبانية مدريد للمشاركه فى اجتماع تستضيفه إسبانيا حول «تنفيذ حل الدولتين» والذى يشارك فيه أيضًا عدد من الوزراء والمسئولين الأوروبيين.َ، وهو اجتماع قد يترك أثرا فى استعراض ما يقف عليه سفاح الكابنيت الإسرائيلى، وهل يمكن حصول تقدم يوقف الحرب والإبادة الجماعية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى