ترامب والانجيليون مرة ثانية!
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –

 

مثلما دخل اوباما تاريخ الولايات المتحدة كونه الرئيس الاول في تاريخها ببشرة سوداء فان الرئيس الاشقر والذي يلبس «باروكة شعر» تجمع بين اللونين الاحمر والاصفر مصممة بدقة لتبدو شعرا طبيعيا واقصد دونالد ترامب يدخل تاريخ اميركا من بوابات عدة يمكن ان ألخصها على النحو التالي:

 

اولا: هو اول رئيس اميركي يأتي من خارج النادي السياسي الاميركي او المجتمع السياسي او «النخبة» فهو لم يسبق له ان خدم في الحكومة ولم يسبق له ان خدم في الجيش الاميركي، فقد قفز فجأة من تاجر للعقارات الى مرشح عن الحزب الجمهوري للرئاسة وفاز بالمنصب عام 2016.

 

ثانيا: هو اول رئيس يصل للمنصب وهو ما زال ملاحقاً بقضايا منها قضايا جنائية.

 

ثالثا: هو ثاني رئيس في التاريخ السياسي الاميركي بعد الرئيس غروفر كليفلاند الذي يعود للرئاسة بعد خسارة الانتخابات، حيث كان كليفلاند أول رئيس يمثل هذه الحالة فقد فاز لاول مرة عام 1884 لكنه خسر إعادة انتخابه في عام 1888 لصالح بنيامين هاريسون. وفاز في الانتخابات الرئاسية مرة أخرى في عام 1892.

 

رابعا: رغم ان الرجل ليس متديناً الا انه حظي بدعم منقطع النظير وغير مسبوق من قبل الانجيليين او ما من يسميهم البعض «بالصهيونية المسيحية» التي تدعم كل من يعمل على تعجيل عودة السيد المسيح من خلال اعادة بناء الهيكل الثالث عبر دعم دولة «اسرائيل» وهذه طائفة متدينة ولكن بانفتاح على الطريقة الاميركية.

 

قد يكون ترامب هذا التاجر الجشع الملقب برجل الصفقات سواء بالتجارة او بالسياسة قد شكل ارتياحا لبعض العرب او بعض دول الاقليم الا انه يشكل هاجسا لعدد ليس بقليل في الشرق الاوسط والاقليم، فما زال مشروعه (صفقة القرن) سيئ الصيت على طاولته وهو باختصار انهاء الجغرافيا الفلسطينية لحساب دولة الاحتلال وبالتالي انهاء امكانية بناء كيان فلسطيني «لا اقول دولة» لاكثر من خمسة ملايين في الضفة وغزة.

 

ترامب عاد بقوة الصوت «الصهيونية المسيحية» اي الانجليين للمرة الثانية والتقديرات ان اكثر من 80% من عدد الانجيليين البالغ عددهم 35 مليون نسمة صوتوا لصالحه في الانتخابات الاخيرة وليس بقوة مراكز الضغط الصهيونية التقليدية وهي التى حاولت دعم هاريس، وهو ما يؤشر إلى أن الصهيونية العالمية في اميركا تحولت من صهيونية استعمارية علمانية الى صهيونية دينية ايديولوجية مرتبطة بخرافات التوراة وهو امر سيشكل نوعاً من التحدي لمنظومة الحكم في اميركا وسوف يؤثر على الكيفية التى تصيغ قرارات الادارة الجديدة لترامب وبخاصة بشأن القضية الفلسطينية وعلى ارضية السؤال التالي: هل اسرائيل دولة يجب ان تدعم لاعتبارات ايديولوجية دينية ام لاعتبارات سياسية مصلحية بحتة؟

 

في كل الاحوال لا اتوقع ان التناقض بين الحالتين سيكون مهما ونوعيا في المدى القريب والمنظور وستبقى دولة الاحتلال تحظى «بالحظوة» وهو امر يسجل لغيابنا كعرب عن الساحة الاميركية.

 

الدكتور مروان المعشر العالم والخبير الاستراتيجي الموثوق في تفسيراته وتحليلاته للواقع الاميركي وما يتعلق منها بتطورات القضية الفلسطينية والسياسة الاميركية تحدث في محاضرة له في شهر اكتوبر الماضي وتوقع وبثقة عالية نجاح دونالد ترامب وقال ما ملخصه: علينا ان نحضر انفسنا في الاردن ان ترامب قادم واسترسل ووضح ما هي صفقة القرن ولخصها بما يلي:

 

  • ان غور الاردن والقدس والمستوطنات بالضفة الغربية ستكون لاسرائيل وتمثل 30% من اراضي الضفة الغربية وبدون مفاوضات.

 

  • وباقى الاراضي الفلسطينية ستكون اي 70% خاضعة للتفاوض تحت سقف موافقة دولة الاحتلال على ان تكون فلسطينية او تحت السيطرة الاسرائيلية.

 

ما قاله معالي الدكتور مروان المعشر هو جرس انذار يعني فيما يعنيه ان على الدولة الاردنية ان تحتاط من الخطر القادم علينا من رئاسة ترامب وان تستعد له سياسيا وان تستثمر موروث العلاقة التاريخية مع واشنطن بشكل ذكي وابداعي مستغلة لقيمة الاردن الجيوسياسية وهذا تحد كبير لحكومة الدكتور جعفر حسان الخبير هو الآخر بالشأن الاميركي.

 

_______

 

  • شرحت في مؤلفي المعنون «الانجيليون وترامب ونهاية الخرافة» الصادر عام 2021 كافة ما يتعلق بهذه العلاقة وتعقيداتها واقصد العلاقة بين فوز ترامب في فترة رئاسته الاولى وتوجهاته الداعمة بقوة لدولة الاحتلال.

 

زر الذهاب إلى الأعلى