الضياع العربي لن يتوقف ..إلا..
صالح الراشد

صالح الراشد

تعيش الأمة العربية أحلك ظروفها وأعمق إنكساراتها وانحدارتها، فأحلامها سراب ومستقبلها ضباب وحاضرها خراب، فتبحث عن الحلول وتكثر الحركة في الرمال المتحركة المحيطة بها فتغرق أكثر وتذهب أعمق، فهناك من اختفت يداه وآخر ضاعت قدماه والمصيبة بمن غرق حتى غابت شعرات رأسه وتوقفت حركته، وكلما اهتزت الرمال بفعل الرياح ظننا أن الروح قد عادت للجثث المتحللة فنفرح ونصفق ونهلل بأننا حققنا المعجزة وأننا سادة العالم رغم ان أعظم خبرات الأمة ترتكز على القهوة السادة.

فنحن العرب ووسط الضياع والبحث عن الذات جربنا الديموقراطية فزادت العبودية، لجأنا للإشتراكية فزاد الفقر هربنا صوب الرأسمالية فتحولنا لحُراس على ثرواتنا المملوكة للغرب، بحثنا عن وجودنا في ثقافات الغرب فضعنا وأضعنا ثقافتنا وأجيال المستقبل وأصبحنا نملك ثقافة الغراب وصناعته، طلبنا التحرير فتم احتلال بلادنا بقيم التحرر الغربية فتحولنا لعبيد من طراز فريد، فندافع عن الغرب والشرق أكثر من شروق الشمس ومغيبها، فنتوه في شمسها ويصيبنا العمى ونجهل معالمها في الليل فنحن أمة أصيبت بالعشى.

وحين تجرئنا وأممنا أملاكنا أضعنا هيبتنا بجهلنا، وأصبحنا شعوب مملوكة لأصحاب القرار، لنبحث في ذاتنا عن تأميم أنفسنا من الضياع والعبودية، وحين انتفضنا على ذاتنا وقررنا أن ننهض ونقول للعالم بأننا لم ولن نسقط، فحاولنا وجاهدنا لاستعادة فلسطين فأضعنا بقيتها، وأراد العراق استعادة الأهواز من احتلال إيران فسلمت بغداد حكمها لطهران، وتحولت من بوابة العرب التي لا تسقط لبوابة الفرس الباحث عن ثارات بالية، وحين عدنا بخجل وأراد البعض رفع رأسه قطعوه، وحين نهض شنقوه، ففي هذه العالم ممنوع على العربي أن يتحرر حتى من عقده.

تحولنا مع الأيام لمراكز للتجارب، فعبثوا بعقول الأمة في الربيع العربي “عذراً أقصد الخريف الدموي”، تلاعبوا بفكرنا بمصطلحات الحرية والديموقراطية وتبادل السلطة والعدالة الإجتماعية، أجمعوا أمرهم وأطلقوا علينا قطعان ذئابهم الإعلامية لنتحول لقطعان من الأغنام تبحث عمن يعلق جثتها على بوابة المسلخ، فضاع ما بقي من هيبتنا وتسربت آخر قطرات أفكارنا، وفقدانا تراثنا وحضارتنا ونحن ضائعون في صفحات تاريخ تستوجب الوقوف عند كل كلمة فيها، حتى نبني تاريخ حقيقي بلا تبييض للظهور بأننا الأفضل والأعظم كون فلسفة التاريخ هي حصن هام للذود عما بقي منا.

آخر الكلمات:

البعض يقولون ان الحل بالعودة إلى الأساس العربي، لكن من شيد حضارة الإسلام ليسوا بالعرب، والبعض يطالب بالاندماج بالغرب بحثاً عن المزيد من الخبرات التي تؤدي للمزيد من الضياع، وبقي أن نقول بأننا أضعنا الأبجدية الأولى في بناء الدول حين أوسد الأمر إلى غير أهله، لنُرضي مرضى النفوس الذين تتلمذوا على يد الغرب والغراب ليكون الخراب

زر الذهاب إلى الأعلى