تكنولوجيا ”الاعصاب”
بقلم: نيكول صدقة
النشرة الدولية –
هذه الثروة العلمية الجامحة، والمنطلقة بسرعة صاروخية مذهلة، مذللة
ما كان مستحيلاً، ومحوّلة العالم إلى قرية كونيّة كبيرة قصرت فيها المسافات، وزالت الأبعاد، وتعدّدت الاكتشافات.. لتصبح قراءة الكون بأعماق بحاره، وبمتاهات فضاءاته، أمراً ميسوراً متاحاً أمام كلَّ راغب.ولكن!! هل هناك سلبيّات في هذا؟ وأين هي؟
سأعدّد دون أن أحلّل..
-السيارات والقطارات والبواخر والطائرات سهّلت الانتقال، وقرّبت المسافات واختصرت الزّمن!! لكنّ انبعاثات محرّكاتها ودخان محروقاتها سمّما الأجواء وتسبّبا بالأمراض، مهدّدين حتى طبقة الأوزون!
-التكنولوجيا الحديثة اختصرت الزمن في الاعمال، فالكمبيوتر والانترنت والاجهزة الخليويّة سهّلت وسرّعت وحدّثت وزادت في الإنتاج.. ولكن! هل وعى العالمُ مضارها!؟
الجلوس أمام الشاشات لساعات طويلة أقلّ ما يقال فيه أنّه يؤثّر على البصر، حيث صرنا نرى أولاداً لم يبلغوا العاشرة، وقد تزودوا بنظارات طبية، بعد أن قضوا السّاعات يوميّاً أمام الخليويّ يمارسون الالعاب التي يحتويها هاتف أحد والديهم.
والخطير في الامر هو التحدّث بالخليويّ في أثناء القيادة، ومع أنّ هذا الامر ممنوع ، إلّا أننا نرى معظم المشاهد التي تتضمّنها المسلسلات والأفلام وهي تظهر الممثّلين وهم يقودون فيما الأجهزة الخليوية فوق آذانهم، وفي هذا ما يشجّع بعض المشاهدين على التقليد،
وبالإختصار ، فإن كل ما سبق يؤدي الى زيادة المهمّات الملقاة على كواهل الأفراد.. ما يجعلهم في سباق مع الوقت لإنهاء ما عليهم إنهاؤه،وهذا بدوره، يدفعهم الى التخلّي عن معظم القيم التي كان يجب أن يتحلّوا بها فأصبح عدم احترام الدّور أمراً شائعاً، والمزاحمة للوصول الى تحقيق الأهداف من البديهيّات، كلّ ذلك، نتيجة الضغط المتزايد الذي أدّى بدوره إلى إصابة النفوس بالوهن والتوتر ، الامر الذي جعل الكثير من الناس يعانون حالة من الاكتئاب نتيجة الإرهاق ، نفسياً كان ذلك أم جسديّاً..إنه زمن اللا زمن،، هذا الكم من التقدم العلمي سبّب بالعديد من المشاكل للإنسان فمساوئه حطّمت الرقم القياسي في الانحلال الاخلاقي وجعلت من حياة الناس رهينة لها..
هل في الإمكان أن نوقف هذا السّيل الجارف من التقدم العلمي الحضاريّ؟؟ أم علينا أن نتكيف معه قدر الإمكان؟ خصوصاً وأنّ معظم مبيعات الأدوية في هذه الايام، هي من الادوية المهدّئة للأعصاب!؟