منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا يشدد على أهمية تعافى سوريا سلمياً
دعا منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا على الزعتري أطراف النزاع في البلاد إلى ضرورة السماح بوصول المساعدات من داخل سوريا إلى جميع المحتاجين في جميع أنحاء البلاد.
وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، قال الزعتري إن الأمم المتحدة لا تستطيع إيصال المساعدات إلى إدلب من داخل سوريا، “لأن المنطقة خارجة عن سيطرة الدولة ونحن لا نصلها إلا بإجراءات طويلة ومعقدة”.
وقال إن الاتفاق الروسي التركي جنب إدلب معركة كانت ستحدث، معربا عن أمله في أن يؤدي الاتفاق “إلى انسياب المساعدات الإنسانية بشكل أكثر إلى إدلب سواء عبر الحدود أو من داخل سوريا.”
ودعا الزعتري رعاة الاتفاق والحكومة السورية وأيضا الحركات المسلحة إلى قبول المساعدات من داخل سوريا، لأن المدنيين في أي مكان داخل سوريا بحاجة إلى وصول المساعدات “بأسرع وقت وبأكثر فاعلية”.
وقال الزعتري إن الوضع في سوريا ينقسم “بين سوريا تحت سيطرة الدولة والحكومة السورية، وسوريا تحت سيطرة المنظمات أو الجماعات المسلحة،” مشيرا إلى أن “سوريا ما زالت تمر بأزمة إنسانية قوية. وهذه الأزمة الإنسانية تطال ما يقارب 13 مليون مواطن سوري ولاجئ أيضا، سواء كان فلسطينيا أو غيره من الجنسيات التي لاتزال سوريا تستضيفهم. هناك عدد كبير جدا من النازحين الداخليين يصل عددهم إلى حوالي 6 مليون نازح. خلال عام واحد فقط تجاوزت أعداد النزوح المليون. بمعني أن الإنسان قد ينزح أكثر من مرة واحدة خلال هذا العام، وطبعا هذا ناتج من الاقتتال الذي حدث وامتداد المعارك. شهدنا ذلك هذا العام في الغوطة الشرقية وكل منطقة جنوب دمشق ومخيم اليرموك والحجر الأسود، وببيلا وبيت سحم ويلدا. وأيضا في جنوب سوريا. شهدنا الرقة وتبعات الاقتتال فيها… ملايين البشر الذين لا يزالون بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية مقدمة سواء من الدولة أو الأمم المتحدة أو من المنظمات الإنسانية الأخرى.”
وتطرق الزعتري إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة مارك لوكوك ووفد الحكومة السورية خلال الاجتماع الذي عقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك:
“تم الاتفاق على أسلوب عمل يتيح وصولا أكبر وأسرع، وأيضا القيام بتقييمات مختلفة لأوضاع المحتاجين… إن استمرت الأمور بشكل طيب حسب الاتفاق نتوقع أن يكون لدينا خطة استجابة متفق عليها بحلول آذار/مارس 2019.”
وتحدث الزعتري عن نسب الفقر والبطالة “العالية” في سوريا، مشيرا إلى أنه برغم عودة الحياة إلى زخمها في بعض المناطق، مثل العاصمة دمشق، إلا أن ذلك لا يعكس الوضع العام في البلاد:
“لم تعد هناك اشتباكات مسلحة وقذائف تسقط على الأسقف وعلى البشر في كثير من المدن والأراضي السورية، ولكن في مناطق أخرى لا يزال هذا الخطر ماثلا وموجودا والناس يشعرون بالخوف وعدم الأمان.”
وتحدث الزعتري عن خطة الاستجابة الإنسانية الطارئة قائلا:
“طلبنا تقريبا 3.4 مليار دولار لهذه الخطة لعام 2018 وما تحصلنا عليه لم يصل إلى 45% حتى الآن. وهذا يضع محددات على عملنا داخل سوريا والوصول الى المحتاجين.”
وفي إجابته على سؤال حول انطباعاته الشخصية عن حياة المدنيين اليومية في سورية، قال الزعتري:
“هناك مزيج من الصدمة، مزيج من السعادة من الخوف من القلق على المستقبل في بعض الأحيان من الانبهار سواء كان سلبا أم إيجابا. كل ذلك تجده لدى المواطن السوري. المواطن السوري معطاء وإذا منح الفرصة يستطيع أن يقف على قدميه في وقت أقل مما يتوقع الكثيرون. معدلات الفقر عالية جدا، للأسف فقد انتجت الأزمة في سوريا مؤشرات تنمية بشرية منخفضة جدا. سوريا تأخرت في سلم التنمية البشرية. هناك هجرة للأدمغة والعقول والتجار خارج سوريا شهدتها السنوات الفائتة.”
وأضاف الزعتري أن سوريا بحاجة إلى إحلال ” اتفاق تسامحي داخل المجتمع السوري من قبل السوريين وبمساعدة دولية كلما كان ذلك متاحا، وهو ما نعمل عليه يوميا.”
أما فيما يتعلق بهجرة السوريين، فقال الزعتري إن عمليات الهجرة الواسعة للسوريين خارج البلاد “قد أثرت في المهارات المتبقية في البلد، خاصة في المستوى التقني العالي ومستوى الإدارة المتوسطة. فلذلك يجب أن تتعافى سوريا، والأمل أن تتعافى سلميا وأن تبدأ رحلة العودة إلى مكانتها التي تستحقها.”
وقال إن ضمان عودة اللاجئين السوريين بصورة آمنة إلى البلاد ضرورية فيما يتعلق بتحقيق أي اتفاق:
“حوالي ستة ملايين لاجئي سوري موزعين ما بين تركيا والأردن ولبنان، عدا عن اللذين خرجوا إلى الدول الاوربية. هذه ثروة غير منتجة في الخارج… عودتهم إلى سوريا مطلوبة ولكن تحت ضمانات محددة. أولا يجب أن يشعر اللاجئ بأن انتقاله انتقال حر. ويجب أن يذهب إلى معيشة آمنة ووظيفة آمنة وسبل عيش محترمة. هذه المجموعة من البشر تشكل أيضا جزءا مهما من نسيج المجتمع السوري… ويجب التفكير فيهم كلهم. لأن خط الاتفاق والتسامح يجب أن يمر بكافة منحنيات المجتمع السوري لأجل عودة سوريا إلى مكانة مرضية للجميع.”
وجدد الزعترى في كلمته دعوة كل الأطراف بضرورة ضمان حماية المدنيين، قائلا: “ننادي بتجنب المدنيين. ننادي بفتح ممرات إنسانية لهم. ننادي بالوصول إليهم.”