معرض قلنديا الدولي الرابع… إبداعات تختزل التضامن

بقلم فاطمة الزهراء سحويل – غزة

تضامن الطفل مع نفسه فالتف حول ذاته لأن الكثيرين خذلوه عبر السنين ، طفل باللون الأزرق الداكن معبرا عن استجداء الحرية وحاجته للاهتمام  باحثا عن أمل في الحياة مؤكدا حالة العزلة التي يحياها الأطفال، تشكلت خلفيتها من أوراق صحف  برتقالية تعبر عن كل ما يجري من خلافات وحروب هو المتضرر الأول منها، فكرة اختزلها  الفنان محمد الحاج من خلال مشاركته لتبقى عالقة في الأذهان في معرض قلنديا الدولي بنسخته الرابعة في قطاع غزة والذي يبحث في مضمون التضامن، من خلال سلسلة من المعارض، والفعاليات الثقافية الفنية المختلفة تحت عنوان “بينَ الجميعِ قربتْ آمادا”.

بمعالجة رقمية قدم الفنان باسل المقوسي فكرته في البحث عن التضامن من خلال تكرار وجه مغطى لم يظهر منه إلا العيون فقط يحيط بها الكثير من اللون الأسود كتب عليها “إن كان الكلام من ذهب فالسكوت من عرب”، معلنا الفنان توقف رغبته عن الكلام لأن الوطن العربي  أصبح عنوانا للصمت فلم يبقى له كلمات تعبر عما يجري من حالة الفقدان التي  يعايشها الفلسطيني داخل وطنه وخارجه.

يعمل المحتل  على تغطية جرائمه البشعة بتقديم مساعدات انسانية  عبر عن مضمونها  الفنان ماجد شلا بعمل تركيبي تكويني عبارة عن خوذة لجندي مملوءة بالعدس، الفول، وعلب السردين .

كانت أكياسها متآكلة مزقتها حيوانات قارضة لتشاطر اللاجئ حالة البؤس مجسدا شلا الاستمرار الطويل للاحتلال الذي لم ينتهي بعد،  وكذلك حالة النزاع والصراع الموجودة في كل مكان يحيط بنا، محاولا القول أن الحرب و اللجوء يعبر عن حالة سكون محبط تجعله يرفض التضامن الذي يحاصره  لتغطية انتهاك حقوق الانسان.

يخيم على لوحاتها السبعة جو ساكن كجو الطقوس القديمة   في محاولة للبحث عن أصل حكاية الانسان قبل أن تغيره الأزمنة مستخدمة الرمل في  نحت مسطح على الجدار يبدو كصور لقصة الانسان الممزق فيتغير لونه الرملي دون أن يتغير أصله، كونت العمل التشكيلية رنا البطراوي  فتحدثت عن احساسها الذاتي في صورة امرأة  تغلبت على آلامها ومشاكلها لتتجذر كشجرة عريقة مستمرة في حياتها بين البر والبحر متضامنة مع الطبيعة الانسانية المتناثرة لتحاول الإجابة عن  كيف يمكن استعادة مكانة التضامن الشعبي والدولي؟.

تعيد لوحة الفنان ميسرة بارود للأذهان لوحة الحزن لفان جوخ عبر تقنية التباين بين الأسود والأبيض باستخدام الفحم النباتي استطاع من خلال اللوحة نقل شعوره بالأسى لحالة اليأس والاكتئاب التي جعلت أجنحة الرجال منكسرة للأسفل متحدة مع انخفاض رأس الجواد الذي احتضن رجل مجروح يقف أمامه آخرا معصوب  العينين مستخدما اللون الأبيض مبينا أن  ” الواقع كله حقيقي ورمزي في آن واحد” معطيا  أملا أن الأجنحة قد تنطلق من جديد في أي لحظة معبرا عن احساسه بالحاجة  إلى تضامن عاطفي ونفسي يدفع الانسان للانطلاق.

معبرا عن الهروب وسط سكون قاتم الظلام  بحثا عن الأمان قدم الفنان محمد أبو حشيش عملا نحتيا تركيبيا معبرا عن أطفال وصبية صغار، تهرب أقدامهم البيضاء مسرعة على درجات العمارات السكنية المرتفعة ليلا يمكن قراءته من خلال لونها الأسود لتجد حركة داخلية ساكنة تحققت في عمله مطاردا حالة الانهزام ومحاولة الحفاظ على حياة جديدة.

تُظهر رمزية لوحة التشكيلية رفيدة سحويل رؤيتها للتعبير عن  حاجتنا للتضامن مع ذواتنا من خلال الاهتمام بالإنسان مَن يجب أن يكون محور الاهتمام، لكن الصورة أصبحت في حقيقتها معكوسة، وهو ما يمكن رؤيته في لوحتيها اللتان يغلب عليهما اللون الأخضر.

يظهر في الأولى طفلا صغيرا حاملا لزهرة تفوق طوله مئات المرات معبرة عن الأشياء المفقودة أعلى اللوحة و القابلة للسقوط،  كما يبدو الكثير من الأشخاص في لوحتها الثانية لتحقق التشابه والانسجام بينهم مما يدلل على استمراريتها تبعا للظرف المشحون  يحاولون ابقاء العلم الفلسطيني عاليا لتمتد رمزيتها إلى نجاح التضامن في تحقيق الحرية.

في معرض قلنديا الدولي بنسخته الرابعة من المؤكد ادراك الفنانين المشاركين المصاعب التي تواجههم لجعل أعمالهم تتضامن معا لتعبر عما يموج بداخلهم من انفعالات محاولين توظيف الفن التشكيلي بمدارسه المختلفة لإبراز عمق مفهوم التضامن مع الفلسطيني والانسان في كل مكان.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى