مدينة أكادير تحتضن مهرجانات سينمائية رغم إفتقارها لقاعة سينمائية

المغرب – مليكة أقستور / مراسلة النشرة الدولية 

مدينة أكادير, المدينة السياحية التي تتربّع على عرش المرتبة الثانية في سلّم المدن المغربية الأكثر استقطابا للسياح بعد مراكش والتي من المفترض أن تتوفر على قاعات سنيمائية ومسارح متعددة، الا انه للأسف لا تتوفر فيها ولا حتى قاعة سينمائية واحدة .

عوامل عديدة ساهمت في اندثار قاعات السينمائية بأكادير, فبعد الزلزال الذي ضرب المدينة سنة 1960,صمدت قاعة سنيمائية واحدة أمام الزلزال “سينما “سلام”, فقط كمبنى مغلق لازال باقي إلى اليوم، في حين أن السنوات الاخيرة تكاثرت الاقاويل بين من يقول  أنها ستتحول لمركز تجاري، أو إلى عمارات بحكم تواجدها في منطقة استراتيجية. إلا أن المهتمين بالمجال السنيمائي من فنانين و نقاد و مخرجين ومهتمين في مجالات الآثار و التاريخ والفن يرفضون  فكرة هدم قاعة  هذه السينما، و تحويلها الى شيء اخر لكونها تعتبر من المآثر التاريخية, خصوصا و أنها من البنايات التي استطاعت أن تصمد أمام وجه الزلزال الذي دمر المدينة .

تشهد مدينة اكادير مهرجانات كبيرة  مثل مهرجان “إسني ن ورغ” الدولي للفيلم الأمازيغي, ومهرجان أكادير الدولي «السينما والهجرة”، و المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي في أكادير  (FIDADOC) وغيرها من المهرجانات السينمائية الاخرى و التي  تنظم بفنادق أو بقاعات المدينة . الا أن سينما “ريالطو” تفتح أبوابها فقط خلال أيام مهرجان ”السينما والهجرة” اضافة الى النسخة 11 من مهرجان  “إسني ن ورغ” الدولي للفيلم الأمازيغي التي نظمت بهذه القاعة الا أنه فور انتهاء المهرجان يتم إغلاقها مجددا بعد مضي كل إلى حال سبيله.

وقد سبق وأن أقدم  شباب مدينة أكادير فور انتهاء أيام المهرجان باحتجاج أمام القاعة وذلك للتعبير عن مدى رغبتهم الشديدة بقاعة سينمائية بالمدينة، بحيث اختار هؤلاء الشباب لغة “الصمت” وإشعال الشموع كشكل يرمز إلى الأجواء التي تمر منها الجنائز، في إشارة إلى الترحم على القاعات السينمائية بالمدينة, مستغلين مناسبة تواجد وحضور مسؤولين على القطاع السينمائي بالمغرب وفنانين و مخرجين ومنتجين، إلى دانب ممثلي وسائل الاعلام المغربية و العالمية بأسرها لإرسال رسالة واضحة تدعوا للاهتمام بهذه القاعات و اعادة تهيئيها كصالات للسينما، وذلك بوصفها من المآثر التاريخية والثقافية وخصوصا أنها تعتبر جزء من ذاكرة أكادير وخاصة سينما “سلام” التي صمدت في وجه زلزال 1960.

 

واعتبر رشيد بوقسيم المدير الفني لمهرجان“إسني ن ورغ” الدولي للفيلم الأمازيغي، في تصريحات خاصة لـ “النشرة الدولية ” أن مشكلة القاعات السينمائية في أكادير، مرتبطة بتحديث الاستثمار في القطاع السينمائي بالمغرب. كما ولفت إلى المشاكل التي يعانيها قطاع السينما المغربية برمته، بما في ذلك إفتقارة للمنتجين و المستثمرين في هذا القطاع، هذا فضلا عن مشكلة القرصنة المنتشرة على نحو واسع، والمعوقات التقليدية مثل مزاحمة التلفزيون والإنترنت لقاعات السينما.

كما وأكد بوقسيم على أنه ورغم هذه التحديات التي يعانيها قطاع السينما في المغرب، إلا أنها لم تمنع الشباب والمهتمين بالمطالبة بإنشاء قاعات سينمائية، وقال “إن القاعات المتواجدة حاليا في المدن المغربية الاخرى، هي قاعات سينمائية كبيرة تتكون فقط من شاشة واحدة عكس القاعات المتواجدة في الدول الاخرى، والتي يتم إنشائها بإعتماد نظام ميغاراما و هو مركب سينمائي يتكون من 20 قاعه سنيمائية”.

وأضاف “أنه وبعد وفاة “يحي” رجل أعمال مهتم بالشأن السينمائي والذي كان يعتبر المستثمر الوحيد في القطاع السينمائي لم يهتم أحد بعده لا من عائلته ولا من يحيطون به بالنهوض بهذا المجال الذي لم يكن يعود عليهم بربح مادي ذلك الوقت”

وتطرق بوقسيم للمشكلة التي يعانيها قطاع الإنتاج السينمائي، لافتا إلى أنه ورغم أن الفيلم المغربي يستقطب الجمهور ويحقق أرابحا عالية، الا أنن المغرب لا يزال يفتقر لمنتجين، وردا على سوال حول إمكانية قيام مستثمر بإنشاء قاعة سينمائية، فأشار إلى أن هذه الفكرة مستبعدة بل ومن المستحيل نجاحها، وشدد على أهمية تدخّل الجهات  الحكومية المعنيّة، وعلى رأسها وزارة الثقافة لإنشاء قاعات متعددة الاستعمالات, تشمل قاعات سينمائية لتشجيع الجمهور على حب السينما “.

ويؤكد الشاعر و السيناريست عبد المناني : ” أنه  من الأمور التي تعيشها جهة سوس ماسة عموما واكادير خاصة، حركية كبيرة على مستوى تأسيس الجمعيات السينمائية، وازدياد عدد المهرجانات السينمائية المختلفة, ولكن من المؤسف أن يصطدم هذا الحراك الفني الشبابي بغياب القاعات السينمائية، التي من شانها احتضان عصارات هذا التحرك الفني الشبابي، فإلى الآن لاتزال هذه القاعات مغلقة، من دون أي مساعي أو مبادرة لتشييد قاعة جديدة او مفاوضات لترميم وإعادة فتح القاعات القديمة.”

مضيفا أن “فن السينما يعتبر  فن مرتبط بجميع القطاعات الحية التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في التنمية بشكل عام، فهو مرتبط بالثقافة والسياحة والتأطير الاجتماعي، بالإضافة إلى إنعاش الاقتصاد، فالمنطقة عرفت سابقا تأسيس سوق سينمائية بخصوصيات محلية ساهمت في توفير فرص للعمل، وإنعاش للقطاعات للمختلفة، وكان لابد للقيمين على التسيير وضع هذه الاعتبارات على طاولتهم ومناقشة سبل إعادة إحياء تشييد قاعات سينمائية لصرف منتوج فني سينمائي ساهم طيلة مراحل إنتاجه في تحريك عجلة التنمية بالمنطقة”.

وصرح  المخرج و الباحث الأمازيغي مسعود بوركن قائلا “بعد انتشار الوسائل التقنية الحديثة التي قربت مجال الفرجة بشكل غير مقنن بدءا بظهور الصحون الهوائية الى تطور  الهواتف  النقالة ساهم كل هذا بتراجع ملحوظ وكبير في تراجع القاعات السينمائية اضافة الى اسباب موضوعية اخرى كعدم ترسيخ الثقافة السينمائية منذ البداية و عدم ولوج النخبة للقاعات السينمائية, بالإضافة الى غياب  الجودة واختيار القاعات لنوعية الافلام الرخيصة مما ساهم  في تحديد نوعية المرتادين و عدم مواكبة القاعات السينمائية للجديد السينمائي و انعدام وجود افلام مغربية تغري المشاهد المغربي بولوج القاعات السينمائية و انتشار ظاهرة المشاهدة الفردية التي بدأت مع الصحون الهوائية وتفاقمت من الهواتف النقالة و كذلك عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة للحفاظ على رواد  القاعات السينمائية والانغماس في توجهاتهم وانشغالاتهم وهمومهم”.

فهل ستظل أكادير بدون قاعة سينمائية، أم أن الجهات المعنية ستنهض لإنشائها، وهل هذه المدينة سيشيد بها مركب سينمائي (ميكاراما) كما قد راج قبل شهور أم أنه مجرد وعود كما سبق بعد أن وعد والي المدينة آنذاك، محمد بوسعيد بالبحث عن حل لإنقاذ سينما “ريالطو” حيث ينظم مهرجان السينما و الهجرة.

زر الذهاب إلى الأعلى