شبح إرهاب غير تقليدي يخيم على تونس من جديد     

بقلم / جفرا ابتسام العدايلي

تعيش تونس هذه الأيام على وقع عملية إرهابية هي الأولى من نوعها، حيث الشكل الذي تم فيه استهداف المكان وأسلوب التنفيذ.

فهذه الجريمة الإرهابية غير التقليدية، كان لها بعدين في الشكل والجوهر، حيث أولا استهدفت شارع رمز من رموز تاريخ تونس الحديث، وهو شارع الحبيب بورقيبة، الذي أطلق عليه أيضا شارع “الثورة” حيث شهد به التونسيين عملية الإطاحة بالدكتاتور، وشكل مؤخرا قبلة للزوار، وساحة للاحتفالات الشعبية بذكرى التحرر من القمع.

ثانيا، منفذة العملية هي شابة ثلاثينية جامعية عاطلة عن العمل، وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها الجماعات الإرهابية سيدة لتحويلها إلى كتلة انتحارية من العنصر النسائي، مما عكس التكتيك الجديد الذي باتت تنتهجة الجماعات الارهابية،  ومحاولات تغيرها الجذري لنوع وشكل أعمالها الإرهابية، مما أربك المشهد السياسي التونسي برمته، وهو المشهد الذي يواجه منذ فترة أزمات متلاحقة واصطفافات حزبية أنهكت الحكومة وأثرت سلبا على الأداء الوزاري للدولة.

ردات الفعل

كما وعلى غرار وقوع كل عملية إرهابية، تعالت أصوات التنديد والاتهامات وتصفية الحسابات السياسية في البلاد ومن خارجها، وقد ساعد على ذلك، كثرة المنابر الإعلامية التي تناولت حيثيات الموضوع في إطار من الشعبوية الزائدة، البعيدة كل البعد عن التحليل العلمي. وهو الأمر الذي عكس بآثاره السلبية على المشهد السياسي المتعثر لتونس، وجعل رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد يؤجل التحوير الوزاري الملح الذي كان مرتقبا هذه الأيام، وهو التحويل الذي نادت به مجموعة من الأحزاب السياسية لإنقاذ الحكومة.

ولكن يبدو بأنه ورغم الإتفاق الذي تم على مجموعة من الأسماء البارزة، إلا أن هذه العملية أجلت التحوير الوزاري، مما دفع البعض لاعتبارها عملية ممنهجة للإطاحة بحكومة الشاهد، وذلك رفضا لأي تغيير. وجميعها مستجدات تهدف إلى الدفع نحو الضغط نحو التخلي عن رئيس الحكومة المدعوم من حركة النهضة ذات الأغلبية البرلمانية، وهو الأمر ليس بالهين على أعداء الشاهد خاصة وان لديه كتلة نيابية منشقة عن حزب نداء تونس وهو الحزب الفائز بانتخابات 2014 لتجعله يعمل بأريحية .

وغنه ومع انتظار التغيير الوزاري، يبقى المشهد السياسي في تونس أكثر ضبابية، والخوف كل الخوف من استهداف الإرهاب مجددا شوارع ومدن تونس الرئيسية، ولا  سيما في ظل تطور أهداف الإرهابيين وتغيير أساليبهم وإنتقالهم بالعمل من استهداف المناطق الجبلية إلى المناطق الحضرية.

وأخيرا، إن ما يجري على الساحة التونسية من مستجدات لا بد أن يعزز قناعتنا بضرورة التعجيل في التحوير الوزاري خلال الأيام المقبلة، وهو الأمر الذي من شأنه لو تحقق أن يسهم في تعزيز الاستقرار الحكومي.

هذا المقال لا يعبر بالضررورة عن موقف إدارة تحرير النشرة الدولية

 

زر الذهاب إلى الأعلى