إيران تواجه العقوبات الأمريكية بالتصعيد والوعيد لأمريكا

محرر النشرة الدولية + ووكالات

مع دخول حزمة العقوبات الاميركية المشددة على ايران حيز التنفيذ “الإثنين”، صعّد النظام الايراني لهجته السياسية والعسكرية، متوعدا بهزيمة جديدة لأميركا في المنطقة، في وقت بدا وكأنه يوجه رسائل سياسية إلى الداخل الايراني ايضا لحث الشعب على الثبات في مواجهة هذه الموجة الجديدة من العقوبات، تماما كما فعل خلال العقوبات السابقة قبل التوصل إلى الاتفاق النووي، فيما احتشد إيرانيون لإحياء ذكرى الاستيلاء على السفارة الأميركية في طهران أثناء الثورة الإسلامية وللتنديد باستئناف العقوبات.

وفي خطوة للتملص من بعض الشروط الاوروبية على طهران لجهة تمويل منظمات مثل حزب الله وحماس والحوثيين، رفض مجلس صيانة الدستور الايراني، “الاحد”، قانونا يتيح لإيران الانضمام الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الارهاب التي تعد ضرورية للحفاظ على روابط طهران التجارية والمصرفية مع العالم، وذكر مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون ومهمته الاشراف على القوانين التي يقرها البرلمان، إن بنود الاتفاقية تخالف التشريعات الاسلامية والدستور، قبل أن يردها الى البرلمان لمراجعتها. واعتبر المتحدث باسم المجلس عباس كدخداي ان القانون الذي أقره البرلمان بغالبية بسيطة في 7 أكتوبر الماضي يحتوي على اشكاليات وأمور غامضة.

والقانون واحد من أربعة مشاريع قوانين تقدمت بها حكومة الرئيس حسن روحاني لتلبية مطالب مجموعة العمل المالي الدولية «أف أيه تي أف» التي تراقب الجهود التي تبذلها الدول لمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب.

ويعتبر العديد من المتشددين أن القانون يحد من قدرة ايران على دعم «مجموعات المقاومة» بسبب معايير الشفافية الواسعة التي يفرضها على حساباتها، لكن حكومة روحاني ترى أن هذا القانون أمر حيوي خاصة بعد انسحاب اميركا من الاتفاق النووي.

توعد ترامب 
وامس حشد النظام آلاف الإيرانيين في طهران ومدن عدة إحياء لذكرى احتلال السفارة الأميركية عام 1979، حيث جدد هؤلاء الولاء للمؤسسة الدينية وعلى رأسها المرشد الأعلى علي خامنئي، ووسط الهتافات التقليدية ضد الولايات المتحدة منها «الموت لأميركا» وإحراقهم أعلاماً أميركية ومجسما للعم سام وصورا لترامب، رفع هؤلاء لافتات ساخرة من ترامب وراحوا يدوسون ويحرقون دولارات مزيفة. في حين وجه رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالقول إنه أقل من أن يستطيع إرغام الشعب الإيراني على الانصياع. وأشار لاريجاني إلى «خيار الشعب الإيراني بطرد العاملين في وكر التجسس الأميركي في طهران»، مضيفا أن «هذا الخيار كان منطقيا ومثمرا بالنسبة لإيران، حيث قطع أيادي الاستكبار عنها»، واضاف انه «كما تم قطع يد صدام حسين في العراق وقطع أيدي أذنابهم من الدواعش فسيتم الوقوف بوجه عنجهية ترامب».

بدوره، توجه قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري إلى ترامب بالقول «لا تهددوا إيران»، مضيفاً انها لا تخشى التهديدات العسكرية الأميركية وستقاوم «الحرب النفسية» والعقوبات على قطاعها النفطي وستتغلب عليها. ورأى أن «أميركا منيت بهزائم متوالية منذ انتصار الثورة الإيرانية قبل 40 عاما، وإنها ستتعرض لهزيمة في حربها الاقتصادية»، مضيفاً «لو بقيت السفارة الأميركية في طهران لما صمدت الثورة الإيرانية».

من جانبه، حذّر نائب قائد الحرس الثوري العميد حسين سلامي، أميركا، من أن حاملات طائراتها تحت مرمى صواريخ إيران الدقيقة. وقال سلامي انه «من غير الممكن أن تشن أميركا حربا ضد إيران، والسبب هو القدرة العسكرية لدينا، حيث باستطاعتنا تهديد المصالح الأساسية العسكرية للولايات المتحدة في المنطقة، وعندما قال ترامب إن إيران تستطيع أن تحتل المنطقة في غضون 12 دقيقة، قلنا له نحن لا نبحث عن احتلال المنطقة، لكننا نستطيع إنهاء الهيمنة الأميركية على المنطقة في أقل من هذه المدة».

وبشأن تواجد الأسطول البحري الأميركي في الخليج، قال سلامي، «إن حاملات الطائرات الأميركية في مرمى صواريخنا الدقيقة، وإن معداتهم العسكرية باتت عتيقة».

وفي إشارة إلى المرحلة الجديدة من العقوبات، أعلن سلامي «اليوم وغدا يعدان يومين عظيمين لدى الشعب الإيراني، حيث ان الولايات المتحدة زعمت في البداية بأنها ستخفض من مبيعات النفط الإيراني حتى تصفيرها، وفيما بعد غيرت رأيها إذ أدركت أنها غير قادرة على ذلك، كما منحت استثناءات لثماني دول بشأن شراء النفط الإيراني، وذلك يعد انتصارا لايران». ورأى أن «أميركا تحلم بإسقاط النظام، وأحلامها واهية، وقد سعت إلى عزل إيران في الزاوية وقطع علاقاتها مع العالم، لكن اليوم نرى أن أميركا هي التي انعزلت».

ويرمز الاحتفال السنوي إلى بداية احتلال السفارة الاميركية، الذي دام 444 يوما، من جانب طلاب احتجزوا أكثر من 50 دبلوماسيا أميركيا رهائن.

وفي خطوة جديدة لمواجهة العقوبات الاميركية، قالت فرزانة شرف بافي الرئيسة التنفيذية للخطوط الجوية الإيرانية (إيران اير)، إن الشركة تتطلع إلى شراء طائرات من أي شركة لا تحتاج إلى تصاريح بيع من الولايات المتحدة وإنها قد تفكر في الطائرة سوخوي «سوبرجيت 100» الروسية.

الشارع الإيراني الضحية الأولى للعقوبات

أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن العقوبات التي ستعيد بلاده فرضها على إيران، تستهدف النظام، وليس الشعب، «الذي عاني من سوء إدارة حكومته ومن السرقات والوحشية». وقال بومبيو، «سنفرض عقوبات قاسية على النظام الحاكم»، «هدفنا هو إلزام إيران بالتخلي عن أنشطتها التدميرية».

من جانبه، وصف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة فرض عقوبات اقتصادية على ايران، بالمبادرة «التاريخية». وقال في بيان، إن «العقوبات الأساسية (التي فرضتها واشنطن) بدأت تظهر آثارها، حيث ينهار الريال ويتراجع الاقتصاد الايراني والنتائج بديهية».

وفي إيران، أعرب حيدر فكري (70 عاما) الذي يمتلك متجرا صغيرا لبيع التجهيزات الصناعية في بازار طهران منذ عام 1979، عن خشيته للمرة الأولى على استمرار تجارته، مضيفاً «تراجعت المبيعات بنسبة %90 في الاشهر الستة الأخيرة، البازار برمته يعاني». معاناة الاقتصاد الايراني ليست جديدة، وسبقت قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، ثم إعادة العمل بالعقوبات، ما فاقم من تدهور العملة الايرانية، وأجبر الشركات الاجنبية على مغادرة ايران.

أما إعادة العمل بالحظر النفطي فأغرقت البلاد في الانكماش وتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي الى تراجع الاقتصاد عام 2019 بنسبة 3.6 في المئة. (أ ف ب)

ست عقوبات صارمة

تدخل اليوم الدفعة الثانية من العقوبات، التي تعتبر الأكثر صرامة وتستهدف الاقتصاد الإيراني، وهي تشمل:
1 – إعادة العقوبات المتعلقة بمؤسسات الموانئ والأساطيل البحرية وإدارات بناء السفن بما يشمل أسطول إيران وخط أسطول جنوب إيران والشركات التابعة لهما.
2 – إعادة العقوبات المتعلقة بالنفط، خصوصاً التعاملات المالية مع شركة النفط الوطنية الإيرانية NIOC، وشركة النفط الدولية الإيرانية NICO، وشركة النقل النفطي الإيرانية NITC، وحظر شراء النفط والمنتجات النفطية أو المنتجات البتروكيماوية من إيران.
3 – عودة العقوبات المتعلقة بالمعاملات الاقتصادية للمؤسسات المالية الأجنبية مع البنك المركزي الإيراني وبعض المؤسسات المالية الإيرانية بموجب المادة 1245 من قانون تخويل الدفاع الوطني الأميركي للسنة المالية 2012 (NDAA).
4 – العقوبات المتعلقة بخدمات الرسائل المالية الخاصة للبنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية المدرجة في قانون معاقبة إيران الشامل لعام 2010 (CISADA).
5 – العقوبات المتعلقة بتوفير خدمات التأمين.
6 – العقوبات المتعلقة بقطاع الطاقة الإيراني.
بالإضافة إلى ذلك، ستلغي الولايات المتحدة التراخيص التي منحت لكيانات أميركية للتعامل مع إيران عقب الاتفاق النووي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى