سؤال لم تجب عليه المخابرات التركية في قضية خاشقجي

قامت باقتحام القنصلية وبيت القنصل وزرعت في كل الغرف أجهزة تنصت وربما كاميرات سرية

النشرة الدولية –

بعد انقضاء ما يزيد على الشهر على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وعودة الماكنات السياسية تدريجيًا إلى دورتها الطبيعية، أعاد الإعلام الغربي ومعه صحف تركية، طرح السؤال الذي تردد عدة مرات ولم يأخذ مداه في التعامل والإلحاح بطلب الإجابة، بحسب ما نشر موقع “إرم نيوز”.

ويقول السؤال: “ما دامت المخابرات التركية كانت تعرف تمامًا أن دخول خاشقجي للقنصلية السعودية يوم 2 أكتوبر الماضي سيصنع مشكلة كبيرة أقل مآلاتها هو اختطافه والعودة به إلى الرياض، فلماذا سكتت أنقرة ولم تبلغ المعني بذلك؟”.

وفي الشق الثاني من السؤال، يتساءل مراقبون “ما الذي كانت تُرتّب له تركيا، وهي تستبدل إنذار أو منع خاشقجي من زيارة القنصلية، بتشديد أدوات الرصد والتنصت على القنصلية انتظارًا لتسجيلات تبين لاحقًا أنها كانت تُجهّز لتوظيفها في حملة سياسية، اتضحت معالمها مع الوقت”.

المخابرات كانت تعرف… ومتأكدة

الجانب الأول من السؤال الكبير وهو معرفة المخابرات التركية مسبقًا بأن خاشقجي سيجد أمامه في القنصلية فريقًا للتحقيق معه أو لاختطافه، جرى عرضه كمعلومة مؤكدة خلال الأسابيع الماضية بضع مرات، آخرها يوم أمس.

ونشرت صحيفة “ديلي ميرور” البريطانية بتاريخ 25 أكتوبر، تقريرًا يتضمن معلومات منسوبة لمصادر إخبارية، تفيد بأن المخابرات التركية كانت على علم مسبق بأن خاشقجي سيتعرض للاختطاف في قنصلية بلاده، وأن الجهاز التركي تأكد مسبقًا من الموعد وجهّز له بوسائل رصد حديثة.

ومعروف أن معظم أجهزة المخابرات في العالم تتكتم على مثل هذه الترتيبات للتنصت والتسجيل؛ لأن مجرد إعلانها يخلق حرجًا سياسيًا وكشفًا فنيًا لنوعية التقنيات الحديثة التي تستخدمها في الكاميرات وأدوات الرصد والتسجيل.

الصحافة تكشف المستور

في ذلك التقرير نقلت صحيفة ميرور تساؤلات سياسية واستخبارية، عن السبب الذي جعل المخابرات التركية لا تبلغ خاشقجي بما ينتظره، بل تركته ليصبح مجرد أداة في حملة إعلامية تركية تعرف الأجهزة الاستخبارية أنها تعمل بلعبة قوى إقليمية ودولية.

ويوم أمس، عاد معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط “ميمري”، وتوسع في تفاصيل ومضامين القرار التركي بعدم إبلاغ خاشقجي بالمعلومات الاستخبارية التركية، عما سينتظره في مراجعته للقنصلية السعودية.

وزاد “ميمري” على ذلك بالكشف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان شخصيًا يدير هذا الملف بفنياته وطريقة تتابع تداعياته.

اقتحام القنصلية السعودية

ووفقًا للمعلومات التي نشرها “ميمري”، فإن الطريقة التي أدارت بها القيادة التركية ملف خاشقجي، تؤكد أن المخابرات التركية قامت باقتحام القنصلية وبيت القنصل وزرعت في كل الغرف أجهزة تنصت وربما كاميرات سرية.

وأضاف التقرير، أنه في المعلومات التي كانت لدى أردوغان، والتي جرى فيها توظيف قناة الجزيرة والأجهزة القطرية، ما يؤكد أن المخابرات التركية كانت على علم بما ينتظر خاشقجي، وذلك قبل عدة أيام من الحادث.

وسجل التقرير أنه كان بإمكان الرئاسة والأجهزة التركية أن تبلغ خاشقجي وتنصحه بأن يمتنع عن الذهاب للقنصلية في الموعد المحدد مسبقًا للمراجعة، وخلص إلى القول إنه “بوجود مثل هؤلاء الأصدقاء لم يكن خاشقجي بحاجة إلى الأعداء”.

وأشار إلى أن تركيا تعرف أن اعتمادها على التسجيلات المخابراتية السرية يمنعها من اللجوء إلى المحاكم الدولية لمقاضاة السعودية؛ لأن مثل هذا الأمر مُحرج سياسيًا لأنقرة، فضلًا عن أن التسجيلات المخابراتية لا يُعتدّ بها في القوانين، وتحديدًا في المادتين 2 و 31 من اتفاقية فيينا 1963.

أما الجزء الثاني من السؤال عن أسباب امتناع تركيا عن إبلاغ خاشقجي بما كان ينتظره في القنصلية، فقد أجاب عنه، يوم أمس، الصحفي التركي إبراهيم كاراغول رئيس تحرير صحيفة ” يني شفق” والمعروف بأنه مستشار إعلامي للرئيس أردوغان.

وجاءت الإجابة خلال مقال تحدث فيه كاراغول عن ما سماه “الحرب على مستقبل المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة “، حيث عرض سياقات الحادثة التي كان يمكن أن تمنعها تركيا، ووظفتها في لعبة دولية إقليمية ودولية، جوهرها استهداف القيادة السعودية في شخص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من زاوية أنه يشكل مع الدول العربية المقاطعة لقطر قوة إقليمية كبرى يرى فيها أردوغان عدوًا لطموحاته، وحجر عثرة في طريق حلمه باستعادة الإمبراطورية العثمانية والهيمنة على الأماكن المقدسة.

وأنهى كاراغول مقاله بالإشارة إلى أن ما فعلته تركيا في طريقة إدارتها للملف، هو رسالة موجهة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز تقول بالمختصر: “نريد منك أن تنزع ولاية العهد من محمد بن سلمان”، ومنهيًا حديثه بالقول” سنرى”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button