الخسائر العربية بسبب الحروب وصلت الى 900 بليون دولار
عائدات مكافحة الفساد في الدول العربية تصل إلى 100 بليون دولار
النشرة الدولية –
كشف تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد» أن المنطقة العربية ومن بينها الاردن تحتاج إلى أكثر من 230 بليون دولار أميركي سنوياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبين التقرير الذي نشرته، وسائل إعلام متعددة اليوم، أن الفجوة التمويلية في الدول العربية التي تعاني العجز فقُدِّرت بأكثر من 100 بليون دولار سنوياً، مع مجموع تراكمي مقداره 1.5 تريليون دولار حتى سنة 2030.
واعتبر التقرير الذي سيتم الاعلان عنه في في مؤتمره السنوي في بيروت، أنه من المتوقع أن ترتفع الكلفة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، نظراً إلى آثار عدم الاستقرار على تنفيذ هذه الاهداف، إذ تشير التقديرات إلى أن الخسائر في النشاط الاقتصادي بسبب الحروب والصراعات في المنطقة منذ عام 2011 قد تجاوزت 900 بليون دولار. وكشف التقرير أن عائدات مكافحة الفساد في الدول العربية تصل إلى 100 بليون دولار أميركي سنوياً، وهو ما يكفي لسد معظم الفجوة المالية في الاستثمارات اللازمة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة. واعتبر التقرير أن مصادر التمويل العامة والخاصة في المنطقة العربية تشهد انحساراً، وهي ليست على مستوى التريليونات اللازمة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة. ومن العقبات الرئيسية التي تحول دون تمويل التنمية المستدامة أن المنطقة العربية مصدّرٌ صافٍ لرأس المال. ففي مقابل كل دولار يدخل المنطقة من طريق تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، يعاد استثمار نحو 1.8 دولار فعلاً في الخارج، إما بواسطة تدفقات الاستثمار المباشر إلى الخارج، وإما من طريق تحويل الأرباح التي يحققها المستثمرون الأجانب. وأشار التقرير إلى أن حجم المساعدات العربية الإنمائية الرسمية الثنائية بلغ ، من دولة الى دولة، 216 بليون دولار بين 1970 و2017، قدّم الجزء الأكبر منها أربعة بلدان هي السعودية والكويت والإمارات وقطر. في موازاة ذلك، قدمت صناديق التنمية العربية ما مجموعه 204 بليونات دولار حتى نهاية 2017، ذهب 54 في المئة منها إلى الدول العربية. كما ازدادت مجمل المساعدات الإنمائية الرسمية المقدمة إلى البلدان العربية من مصادر خارج المنطقة لتصل في عام 2016 إلى 22.3 بليون دولار. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة الرقمية تخفي حقيقة أن ما يتجاوز نسبة 15 في المئة كان مخصصاً لمساعدة اللاجئين والمعونات الإنسانية، والتي ليست في الواقع جزءاً من برامج التنمية.
واعتبر التقرير أن جزءا كبيرا من فجوة تمويل التنمية يجب أن يأتي من القطاع الخاص. تقليدياً، سهلت أسواق رأس المال، والصناعة المصرفية والمالية بشكل عام، النشاطات التي كان لها تأثير سلبي في السياق الإجتماعي والبيئي. وبين التقرير أن هناك مجموعة متزايدة من حلول التمويل المثيرة للاهتمام في السوق، من السندات الخضراء إلى أدوات التمويل المختلطة. على الصعيد العالمي، حصلت زيادة سنوية مقدارها 14 ضعفاً في إصدار السندات الخضراء، من 11 بليون دولار عام 2013 إلى أكثر من 155 بليون دولار عام 2017. لكنها على رغم نموها السريع لا تزال بعيدة عن المساهمة الحاسمة في تمويل كلفة التنمية المستدامة. ويرى التقرير أن اعتماد سياسات متكاملة للتنمية المستدامة أمر ضروري لاستقطاب التمويل الكافي للنشاطات الكفيلة بتحقيق أهدافها. وينبغي دعم ذلك بمجموعة من التدابير التنظيمية والقائمة على «اقتصاد السوق» لضمان كون السياسات والخطط والبرامج المقترحة عادلة اقتصادياً واجتماعياً ومقبولة بيئياً. ولا يجوز للقوانين، التي ينبغي تطبيقها بالتساوي على الجميع، أن تقتصر على القيود والمثبطات فحسب، بل ينبغي أن توفر أيضاً حوافز لتشجيع النشاطات والاستثمارات المستدامة. وعلاوة على ذلك، فإن اعتماد نهج شفاف وقابل للمساءلة وقائم على المشاركة هو مطلب ضروري لتحقيق هذه الغاية. وأشار الى أن أحد التحديات التي تواجه العديد من الدول العربية هو التدفقات المالية غير المشروعة وغسيل الأموال وسرقة الأموال العامة وهدرها. وينبغي بذل الجهود للحد من هذه الممارسات والقضاء عليها في نهاية المطاف، بما في ذلك مكافحة التهرب الضريبي للشركات الوطنية والعابرة للحدود. وأضاف التقرير أن للتحديات والمخاطر البيئية والمناخية انعكاسات مهمة على الاستقرار المالي. فالتحوّل نحو مصادر بديلة للطاقة غير الوقود الأحفوري في المستقبل سيشكل نهاية لبعض أنواع الاستثمارات ويؤثر على تقويم العديد من الأصول. وفي حين يغطي القطاع المصرفي جزءاً من تمويل مشاريع التنمية، فإن نسبة صغيرة جداً يمكن تصنيفها على أنها «تمويل أخضر». ويقف عدم الوضوح في تحديد عناصر «التمويل الأخضر»، مثل «القروض الخضراء» و»الأصول الخضراء»، عائقاً أمام تصنيف هذه العناصر. وأوصى التقرير بضرورة أن تعمل البلدان العربية على تهيئة الاستراتيجيات وخطط العمل الملائمة لتحقيق أجندة التنمية المستدامة لسنة 2030 ومواجهة تحديات التغيّر المناخي. وهذا يستدعي تحديد الأولويات وتقدير التكاليف المتوقعة وتحديد مصادر التمويل الممكنة في المدى القريب والمتوسط والبعيد. وفي ما يخص الدول النفطية، اوصى التقرير بضرورة تنويع الاقتصاد نحو قطاعات منتجة غير بترولية وإعادة النظر في أنظمة دعم الأسعار أمرين ضروريين لمواجهة آثار تقلبات الأسعار على الدخل وتحقيق نمو طويل الأمد. أما الدول ذات الدخل المتوسط، فلا بد لها من تعديل الأنظمة الضريبية بحيث ترتفع نسبة الدخل من الضرائب مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، مع تأمين العدالة وفق شرائح الدخل والثروة. وثمة حاجة ملحّة إلى إصلاحات مالية لتشجيع الاستثمارات ذات البعد الاجتماعي، إلى جانب التدابير المالية القادرة على دعم تنويع الاقتصاد وإدارة الديون والاستقرار البعيد المدى في النمو وتحصيل الواردات. وطالب التقرير بتعزيز التعاون بين دول المنطقة العربية في جميع المجالات، بما فيها الاستثمارات الإقليمية في ما بينها وزيادة المساعدات الإنمائية العربية لتمويل المشاريع في المنطقة، ولا سيما في مجال البنى التحتية، التي تحتاج وحدها إلى 100 بليون دولار سنوياً وفقاً لتقديرات البنك الدولي. وشدد التقرير على ضرورة التركيز على كفاءة استخدام الموارد المالية المتوافرة، من القطاعين العام والخاص، وتغيير وجهتها حيث يلزم الأمر، وفق جدول أولويات، لدعم المشاريع والبرامج الكفيلة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة. واعتبر التقرير أن القضاء على الفساد وأهدر ضرورة حتمية، ووضع سياسات متكاملة، واعتماد شروط صديقة للاستثمار. فليس من المنطق الاقتصادي السليم الاستمرار في خيارات الاستثمار التقليدية القديمة، في موازاة العمل على استقطاب الموارد المالية وتحويلها لدعم استثمارات مبتكرة صديقة للبيئة، تقوم على مفاهيم ومقاييس جديدة.