هل ستصبح فيسبوك مكاناً أفضل إذا رحل مارك زوكربيرغ عنها؟
ماذا سيستفيد الآخرون من رحيله؟
النشرة الدولية –
يبدو أن شركة فيسبوك تعاني فشلاً ذريعاً في القيادة. وتؤدي جميع الطرق إلى الرئيس التنفيذي للشركة: مارك زوكربيرغ.
نُشرت في صحيفة The New York Times مقالة جديرة بالاهتمام من 6.000 كلمة، عن الكيفية التي تعاملت بها شركة فيسبوك مع سلسلة الفضائح التي تعرضت لها.
وتمتلئ المقالة بالحكايات المروعة والفضائح الصغيرة، استناداً إلى مقابلات أُجريت مع 50 شخصاً، حسبما نقل موقع Business Insider الأميركي.
تصوّر المقالة زوكربيرغ، في أحسن الأحوال، على أنه لم يبالِ ببعض القضايا الوجودية التي هددت شركة فيسبوك على مدى السنوات الثلاث الماضية، وفي أسوأ الأحوال، على أنه متواطئ في تفاقمها.
فيما يخص عدم الاهتمام، ذكر التقرير أن زوكربيرغ، ومساعدِته التي يثق بها للغاية، المديرة التنفيذية لقسم العمليات في فيسبوك، شيريل ساندبيرغ، كانا «مشغولَين بمشاريع شخصية»، في حين كان فيسبوك ينجرف إلى الخطر.
فقد جاء في التقرير أن زوكربيرغ كان في «جولة استماع»، بالوقت الذي تراكمت فيه الأدلة بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية الذي وقع العام الماضي (2017). وأضاف أيضاً أنه فضّل التركيز شخصياً على «المسائل التقنية الأشمل»، تاركاً القضايا السياسية لساندبيرغ.
ودفاعاً عن زوكربيرغ، صرحت شركة Facebook، يوم الخميس 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بأنه وساندبيرغ «يؤديان دوراً فعالاً وعميقاً في مكافحة الأخبار والمعلومات الكاذبة على منصة فيسبوك».
وثمة حكاية تُروى عن سوء تقدير مارك للغضب العام تجاه شبكة التواصل الاجتماعي الخاصة به.
بيد أن شيئاً آخر تجلى واضحاً، وسلّط الضوء على الطريقة التي يتعامل بها زوكربيرغ مع الأزمات. ففي خضم كارثة البيانات التي تسببت فيها شركة Cambridge Analytica، تعرضت Facebook لانتقادات من الرئيس التنفيذي لشركة Apple، تيم كوك. وبدلاً من أن يتقبل زوكربيرغ ذلك الوضع الصعب دون تذمر، قالت الصحيفة، إنه كان غاضباً.
فقد قالت صحيفة The Times: «إن انتقادات كوك أثارت غضب زوكربيرغ، الذي أمر فريقه الإداري باستخدام هواتف تعمل بنظام تشغيل Android فقط، بحجة أن لدى هذا النظام مستخدمين أكثر بكثير من مستخدمي نظام التشغيل iOS التابع لشركة Apple».
يُعبر هذا الموقف عن قدر كبير من التفاهة، في الوقت الذي احتاجت فيه شركة Facebook إلى قدر من المسؤولية المنطقية. (صرحت شركة فيسبوك، رداً على تقرير صحيفة the Times، قائلةً: «لقد كنا نُشجع الموظفين والمديرين التنفيذيين في الشركة، منذ فترة طويلة، على استخدام نظام تشغيل Android«.)
تُعد كل تلك الإخفاقات وليمة دسمة للمجموعة المتنامية من المستثمرين الغاضبين الذين يريدون رحيل زوكربيرغ عن منصب رئيس مجلس الإدارة.
تحدثت مجلة Business Insider عدة مرات مع المساهمين النشطاء، الذين بلغت قيمة ممتلكاتهم أكثر من 3 مليارات دولار. ويعتقدون أنه ينبغي ممارسة المزيد من الضغوط على زوكربيرغ عن طريق تعيين رئيس مستقل.
قال أحدهم: «إنه لا يخضع للمساءلة أمام أي شخص، سواء مجلس الإدارة أو المساهمين، وهذا نمط سيئ لإدارة الشركات». وأضاف: «إنه رئيسُ نفسِه! ومن الواضح أن ذلك غير مُجدٍ».
قُدِّم اقتراح بإقالته من منصبه كرئيس للشركة في العام الماضي (2017). وأظهرت التحليلات أن 51% من المستثمرين المستقلين دعموا ذلك الاقتراح في الاجتماع السنوي للمساهمين. وهناك الآن اقتراح جديد يقضي بتقسيم دور زوكربيرغ المزدوج، وسيخضع للتصويت عليه في اجتماع المساهمين المزمع انعقاده العام المقبل (2019). ومن الواضح أن هذا الاقتراح يكتسب تأييداً متزايداً بالفعل.
وأوضحت أن وجود رئيس مستقل للشركة سيخلق نوعاً من «عدم اليقين والارتباك وعدم الكفاءة». هذا على الرغم من أن تلك الآلية في الإدارة تعمل بسلاسة في الشركات التقنية الأخرى، وضمن ذلك Apple وTwitter وMicrosoft.
ويُبرز أحد جوانب القصة التي وردت في صحيفة The Times، قيمة وجود الرقابة المستقلة. فهي تحكي قيام عضو مجلس الإدارة أرسكين بولز، رئيس لجنة التحقيق الداخلي بشركة Facebook، بإدارة استجواب عنيف للإدارة عن كيفية سماح الشركة لنفسها بأن تصبح أداة للتدخل الروسي.
وأصيب كل من زوكربيرغ وساندبيرغ بالذهول من هذه الإجراءات.
ليس الأمر كما لو أن زوكربيرغ لم يكن على علم بتلك الإخفاقات التي عانتها شركة Facebook، بل إنه يقبل بتحمُّل المسؤولية. وقال في مقابلة أجراها مع موقع ،Recode في وقت سابق من هذا العام (2018): «لقد صممتُ هذه المنصة، لذلك إذا كان يتعين طرد شخص ما من أجل ذلك، فيجب أن يكون أنا».
تنحيته من منصبه في رئاسة الشركة ستسمح له بإدراك إخفاقاته والاعتراف بها، وإرضاء المساهمين الغاضبين ونقّاد فيسبوك، وفي الوقت نفسه، الحفاظ على سيطرته على الشركة، التي وصلت قيمتها إلى 40 مليار دولار والتي أنشأها في غرفة نومه بجامعة هارفارد.
قد يساعد تنحّيه أيضاً على تحقيق الهدف النهائي، المتمثل في جعل عملاق التواصل الاجتماعي Facebook مكاناً أفضل وأكثر أماناً لمستخدميه البالغ عددهم ملياري مستخدم.