شتاء تونس الساخن
تونس – جفرا ابتسام
نظم الاتحاد العام التونسي للشغل مؤخرا، اضرابا عاما بمشاركة جميع المؤسسات الاقتصادية وموظفي القطاع العام في عموم تونس، احتجاجا على السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الحكومة، ولا سيما بعد إستنفاذ المكتب التنفيذي الوطني للإتحاد لكل أساليب الحوار مع الحكومة.
وفي تصريحات أدلى بها أمين عام الإتحاد، نور الدين الطبوبي، أعلن بأن الإضراب العام هدف الضغط على حكومة الشاهد، بعد فشل المفاوضات معها ووصولها إلى طريق مسدود، حول المطالب الشعبية المحقة والداعية إلى زيادة رواتب موظفي القطاع العام، وخاصة في ضوء تراجع الحكومة عن إلتزامها باتفاقية كانت قد أبرمتها حكومة القصبة بهذا الشأن.
وتجدر الاشارة إلى أنه وبعد التغيير الوزاري الملح وحصول الحكومة على ثقة البرلمان تمهيدا للاستقرار السياسي للبلاد، جاء الخلاف مع الاتحاد العام التونسي للشغل، اكبر المؤسسات النقابية في البلاد والشريك الأساسي في المفاوضات الاجتماعية للعمال والحكومة المدعومة من حركة النهضة الإسلامية المعارضة للإضراب”، ليعمق الشرخ ويؤزم الوضع الاجتماعي والسياسي مرة أخرى، ليجد المواطن نفسه بين تجاذبات وحراك قد تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.
هذا التصعيد النقابي هو رد فعل طبيعي على غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن مع تدني الأجور في القطاع العام والخاص.
وحسب أخر إحصائية، فإن راتب العامل التونسي لا يكفيه لأكثر من 7 أيام لسد احتياجاته المعيشية، وخاصة في ظل الزيادات في الأسعار التي أثقلت كاهل الأسرة التونسية، إضافة إلى تفاقم التضخم وانزلاق الدينار وانتشار الفساد المالي والإداري، وهو الأمر الذي أدى معه الى تقليص حجم الطبقة الوسطى المتكونة أساسا من الموظفين، وتوسيع رقعة الطبقة الفقيرة.
وتبرر الحكومة موقفها بضرورة الإستجابة لشروط صندوق النقد الدولي، فضلا عن التزامها بالإتفاقيات التي ابرمتها وتمنعها من فتح باب الانتداب في الوظائف العمومية وزيادة الأجور المرهقة لميزانية الدولة التي تم إقرارها تحت عنوان الإصلاح الضريبي وزيادة ضريبة القيمة المضافة ورفع رسوم العديد من المنتجات. وقد حذر مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد جهاد ازعور من الزيادة في أجور القطاع العام، ودعا إلى ضرورة إبقاءها تحت السيطرة لتجنب مشاكل متعلقة بالديون.
الحكومة ملتزمة بموازنات لمشروع ميزانية 2019، وفي حصر نسب التضخم والنزول بعجز الموازنة من 4.9% إلى 3.9%، مما يتطلب عدم الزيادة في نفقات الأجور وتوجيه قسط اكبر من النفقات العمومية نحو الاستثمار والتنمية.
بين تصاعد اللهجة الإحتجاجية للاتحاد العام التونسي للشغل، واستمرار النهج الحالي الذي تتبعه الحكومة في التعامل مع تفاقم الوضع المعيشي، سيتواصل الحراك في الشارع التونسي إنعكاسا لخيبات الأمل في أوساط المواطنين، وهو الأمر الذي يتعين معه تحرك الحكومة لإيجاد حلولا للأزمة، تخفف من تداعيات تفاقم الوضع المعيشي.