هل وصلت مسيرة العملات الافتراضية إلى منتهاها؟… بيتكوين تتجه للانفجار خسرت 80% من قيمتها
سعيها الدؤوب لأن يكون لها موطئ قدم في سوق العملات الدولية
النشرة الدولية –
هل وصلت مسيرة العملات الافتراضية إلى منتهاها؟ هل انفجرت الفقاعة ورفع الغطاء عن الأوهام التي سادت في الأسواق طويلا، حول المكاسب الممكن تحقيقها مستقبلا من الاستثمار في العملات الافتراضية خاصة “بيتكوين”؟
لكن في المقابل، هل الانهيار الراهن في أسعار “بيتكوين” ليس أكثر من مخاض طبيعي للعملات الافتراضية، وسعيها الدؤوب لأن يكون لها موطئ قدم في سوق العملات الدولية؟ وما التراجع الآني إلا خطوة على طريق استجماع قوتها، والاندفاع مجددا إلى مستويات سعرية أعلى، تعزز من طلب المستثمرين على العملات الافتراضية عامة و”بيتكوين” خاصة؟
كثيرة هي الأسئلة التي تطرح نفسها حاليا حول ما يحدث في سوق العملات الافتراضية، خاصة لسيدة العملات المشفرة “بيتكوين”، التي خسرت حاليا 80 في المائة من أعلى قيمة بلغتها العام الماضي، بينما فقدت العملات المشفرة ما يقارب 700 مليار دولار من إجمالي قيمتها السوقية.
عمر “بيتكوين” لا يتجاوز عشرة أعوام، مع هذا فإن تاريخها من الاندفاع إلى الأمام والتراجع إلى الخلف ثري للغاية.
وعلى الرغم من أنها انخفضت خلال عطلة الأسبوع إلى 3500 دولار وذلك لأول مرة منذ 14 شهرا، ثم عادت أمس الأول، لتتعافى قليلا وتقترب من حدود 4000 دولار للعملة الواحدة، إلا أنها تراجعت للخلف مجددا أمس لتصل إلى نحو 3606 دولارات.
مع هذا تعتقد كيتي هاتون المختصة في بورصة لندن أن الوضع ليس بالسوء الذي يعتقده البعض.
وتقول، “تم تداول العملة الافتراضية “بيتكوين” أول مرة عام 2010، وكان سعرها في ذلك الوقت بنسا واحدا فقط، وهذا يعني أن المستثمرين الأوائل ما زالوا يحققون أرباحا ضخمة للغاية”.
وتؤكد أن العملات الافتراضية و”بيتكوين” تحديدا عانت حالات مريعة من الارتفاع والانخفاض، ففي منتصف عام 2011 بلغت مستوى قياسيا قدر بـ 30 دولارا، ثم انخفضت بعد نحو خمسة أشهر إلى 2.5 دولار أي فقدت نحو 92 من قيمتها.
وتشير إلى أن ما يحدث أمر طبيعي في عملة لم تصل إلى حد الاعتراف الدولي بها، ويصعب القول إنها ماتت، مرجحة أن تظل دائما عرضة للاهتزازات العنيفة، كما يحدث في أسواق الأسهم أو العقارات.
بعض المدافعين عن “بيتكوين” يرفضون فكرة انفجار الفقاعة، ويعدون هذا التراجع نتيجة الهجوم العنيف الذي تتعرض له العملات المشفرة، بل يصل البعض في قناعته إلى القول “إن “بيتكوين” إذا تجاوزت تلك الأزمة، فستكون أقوى من الماضي وأقوى من العملات الدولية الأخرى”.
المختص المصرفي جيريمي روبرت يدعونا إلى أن نرجع بالذاكرة إلى انهيار عملات مثل الاسترليني عام 1992، والروبل الروسي عام 1998، والبيزو الأرجنتيني هذا العام، وعلى الرغم من ذلك واصلت البنوك المركزية لتلك الدول مساندة عملتها الوطنية بقوة، إلا أن العملات المحلية واصلت الاهتزاز والتراجع في قيمتها لبعض الوقت.
ويؤكد، أنه في عالم العملات الافتراضية لا توجد بنوك مركزية تساندها، بل العكس تماما هناك حرب معلنة من البنوك المركزية عليها، وهذا أحد الأسباب التي تفسر أن تراجع العملات الافتراضية يبدو في كثير من الأحيان أمام سقوط حر في بئر بلا قرار.
وفي الحقيقة فإن بعض المحللين سبق أن حذروا من أن فترة الاستقرار الملحوظ خلال الأشهر الماضية في أسعار العملات الافتراضية، وغياب أي حركة رئيسية في السوق، وتحديدا منذ شهر سبتمبر الماضي ما هو إلا “الهدوء الذي يسبق العاصفة”.
وفي هذا السياق، يقول أندروا جاك المدير التنفيذي لشركة إندبندنت للاستثمار، “ما يحدث الآن تصحيح قوي مؤلم، ولا يعد انفجارا للفقاعة، يمكن القول إن الفقاعة ستنفجر عندما تراوح القيمة السوقية للعملات المشفرة ما بين 15 تريليون دولار و 20 تريليونا”.
وبطبيعة الحال لا تلقى وجهات النظر المختلفة أي تأييد من المعارضين للعملات الافتراضية، الذين يعدون الهبوط الحاد في الوقت الراهن، بداية النهاية لعالم العملات المشفرة. وتنبع تلك القناعة في الأساس من أن الانخفاضات السعرية الحادة تبعث برسائل سلبية للغاية للمستثمرين والمضاربين، بشأن طبيعة المخاطر المحيطة بالاستثمار في تلك العملات، أو ضمها إلى المحافظ الاستثمارية، إذ يمكن أن تسفر عنها خسائر فادحة.
ويبرر الدكتور اريكسن جراي المحلل المالي، موقفه بأن العملات الافتراضية دخلت مرحلة العد التنازلي بالقول “خلال أسبوع واحد ومع الانخفاض الشديد في الأسعار توقف نحو 800 ألف شخص من المنقبين الذين يقومون بعملية التعدين لإنتاج العملات الافتراضية عن العمل، خاصة في الصين، إذ فرضت السلطات الصينية تكلفة مرتفعة للغاية على فاتورة الكهرباء للتعدين على “بيتكوين”.
وعلى الرغم من تأكيد الدكتور اريكسن إمكانية عودة المنقبين إلى العمل مرة أخرى إذا ارتفعت أسعار العملات الافتراضية، إلا أن ذلك يكشف من وجهة نظره الهشاشة الاقتصادية في سوق العملات المشفرة، وصعوبة التعويل عليها كأصل استثماري في الأجل الطويل.
وفي هذا الإطار، فإن بعض المختصين يرى أن التغيرات الاقتصادية في الأسواق خاصة مع ارتفاع أسعار الدولار الأمريكي وكذلك أسعار الفائدة يضعف إلى حد كبير الطلب على “بيتكوين”، وينزع من عليها الهالة التي أحاطت بها باعتبارها عملة المستقبل.
بدورها، لا تعتقد إيملي بول الباحثة في بنك إنجلترا، أن فقاعة العملات الافتراضية انفجرت، لكنها تقترب من الانفجار يوما بعد آخر.
ومن هذا المنطلق تقول “إن الانخفاض المتواصل في أسعار “بيتكوين” يكشف أن قطاعات متزايدة من المضاربين باتت تكتشف كثيرا من المبالغات في عالم العملات الافتراضية، وفي مقدمة تلك المبالغات اعتبار العملات المشفرة وسائل للدفع ووحدات للحساب وهما الوظيفتان الأساسيتان للمال”.
وتضيف، “عندما يتم تثبيت المعروض من “بيتكوين”، فإن استخدامها كوسيلة للدفع سيؤدي إلى انكماش دائم، وهو ما يعرف في علم الاقتصاد بالتضخم السلبي، فالاقتصاد العالمي ينمو وهو في حاجة إلى زيادة المعروض من النقود لجعل المعاملات المتنامية ممكنة، وهذا ما لا يتوافر مع العملات المشفرة”.
وتقول “لا يخجل خصوم العملات الافتراضية من وصف الاستثمار فيها بأنه نوع من المقامرة الجنونية، في ظل الاختراقات الدائمة التي تحدث لتلك العملات، وعمليات القمع التنظيمية التي تمارسها الحكومات والبنوك المركزية على العملات الافتراضية، حيث تخشى معظم الحكومات ونتيجة عدم وجود إدارة مركزية تنظم إنتاج العملات الافتراضية والتعامل بها، ومن ثم يمكن محاسبتها وإيقاع العقاب بها عند الخطأ، أن تؤدي خسارة تلك العملات قيمتها إلى خسائر فادحة للاقتصاد الوطني”.
من جهته، يؤكد ستيفن جيتينس المختص المصرفي أن الانهيار الراهن في الأسعار، يكشف في جزء منه أن الزيادات السعرية السابقة لم تكن طبيعية.
ويشير إلى أنه نتيجة معطيات حقيقية لسوق العرض والطلب، فإن سوق العملات المشفرة لا تتسم بالشفافية كما يعتقد كثير من المضاربين، إذ يوجد تلاعب كبير في الطلب من قبل كبار المستثمرين وعدد محدود من الأشخاص المختصين، وهذا ما دفع وزارة العدل الأمريكية إلى فتح تحقيق حول ما إذا كان المتداولون في البورصة المشفرة التي يطلق عليها Bitfinex، قد رفعوا الأسعار باستخدام حيل السوق غير الأخلاقية وغير القانونية، خاصة بعد أن كشفت دراسة حديثة أن نصف القفزة في سعر “بيتكوين” العام الماضي كان نتيجة التلاعب بالأسعار.