تقليل استهلاك اللحوم يحمي كوكب الأرض

القاهرة – أحمد سبع الليل

شكل الاستهلاك المتزايد للحوم مادة دسمة للنقاش والكتابة والبحث في الأيام الأخيرة، فيعتقد البعض أن إنتاج واستهلاك اللحوم له بعد اقتصادي فقط، لكن الأمر يعتبر له أبعاد أخطر من ذلك قد تصل إلى تدمير كوكب الأرض حسب ما تذكر الدراسات والتقارير البيئية الأخيرة، فقد أشارت التقديرات إلى أن الاستهلاك العالمي من اللحوم قد يتضاعف في الفترة ما بين عامي 2000 و2050، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى تزايد أعداد سكان العالم، لكن من أسبابه الأخرى أيضًا تزايد معدل استهلاك اللحوم لكل فرد، لا سيما في دول العالم النامي، وقد شهد الإنتاج والاستهلاك العالمي من لحوم الدواجن مؤخرًا نموًا بمعدل يزيد عن 5 في المائة سنويًا، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).

وبنظرة سريعة على عملية إنتاج اللحوم، نفهم جيدا أن هذا الإنتاج الهائل من اللحوم يتطلب العديد من العمليات الزراعية والبيئية والصناعية التي تؤثر بطرق مباشرة وغير مباشرة على البيئة المحيطة إجمالاً، من حيث استهلاك المياه اللازمة لري الأراضي للرعي، وإنبات النباتات المستخدمة في عملية إنتاج الأعلاف، والعمليات الصناعية العديدة للأبقار واللحوم والتي تهدف إلي انتاج متنوع وكبير، وايضًا عمليات التلوث المتعددة والناتجة عن كل ما سبق، فخلاصة القول   أن جميع الممارسات الزراعية تعود بالعديد من الآثار على البيئة، وجميع ممارسات إنتاج اللحوم لها العديد من الآثار السلبية ايضًا علي قطاعات متعددة من البيئة كما ذكرنا.

وتشير منظمة الأغذية والزراعة (FAO) إلى أن “إزالة الغابات لتربية الماشية في المزارع تمثل أحد الأسباب الرئيسية لفقدان بعض الأنواع النباتية والحيوانية الفريدة في الغابات الاستوائية المطيرة في أمريكا الجنوبية والوسطى، بالإضافة إلى انبعاث الكربون في الغلاف الجوي، الأمر الذي يؤثر سلبًا على فقدان التنوع البيولوجي بالعالم أجمع.

وتشير الإحصاءات أن العالم يستهلك سنوياً 55 مليار حيوان بري (دجاج، بقر، …)، ومئة مليار حيوان مائي، فعملية استهلاك اللحوم الحمراء والبيضاء أمر يومي، فكل شخص في البلدان النامية يحتاج إلى نحو 40 كيلوجراماً من اللحوم الحمراء سنوياً، بينما يستهلك الفرد في البلدان الصناعية والمتطورة نحو 75 كيلوغراماً.

وتعتبر الصين والولايات المتحدة والبرازيل وفرنسا وألمانيا من أكثر الدول المنتجة للحوم، وأوضحت قائمة نشرتها صحيفة “The Telegraph” البريطانية، أن الولايات المتحدة على رأس الدول المستهلكة للحوم، بواقع 120 كيلوغراماً للفرد في السنة الواحدة، وبعد ذلك تأتي الكويت وأستراليا، وجزر البهاما، ولوكسمبورغ، ونيوزيلندا، والنمسا.

وفي سياق متصل، قال خبير الزراعة “شتيغ تانتسمان” الناشط في منظمة خبز لكل العالم غير الحكومية والداعمة لمنظمة البيئة الدولية، كلما زادت معدلات استهلاك اللحوم، زادت الحاجة في استغلال الأراضي من أجل إنشاء أماكن العلف والمراعي؛ وتحتاج الدول المُوردة لألمانيا مثلاً ما يُقارب 4.762.000 فدان لإنشاء هذه الأماكن، ففي أمريكا الجنوبية على سبيل المثال يتم طرد السكان الأصليين من أراضيهم من أجل استغلال هذه المناطق، كما أشار أيضاً إلى زيادة استخدام الأسمدة والمبيدات الضارة.

لدى الجميع الحرية في أكل ما يشاؤون، لكن ثمة أمراً يجب أن يبقى دائماً في خلفية أفكارنا، إن الاستهلاك المرتفع للحوم الحمراء والبيضاء، يعني بطريقة أو أخرى موافقة ذاتية على شكل النظام الاقتصادي العالمي القائم، وعلى فكره وأساليبه، والإحصاءات الفجة المذكورة أعلاه، تجعلنا نتوقف للتفكير في الأمر قليلا والوقوف على سبل دعم تقليل الاستهلاك بأي صورة كانت.

فاليوم، يمكن القول إنه عبر استهلاكنا المكثف للحوم، نساهم على صعيد فردي وعالمي في تدعيم الزراعات الموحدة الصناعية (La monoculture)، وشرعنة إنتاج آلاف أطنان المواد الكيميائية، التي ترش بها عشرات آلاف الأفدنة من الذرة والصويا، وما تسببه من أمراض مسرطنة، وكثرة الاستهلاك في عمليات إنتاج اللحوم دون وعي، الأمر الذي يتسبب في اغتصاب الأرض واستنفاذ مواردها، ما يعود بأثر سلبي كبير على التغيرات المناخية خاصة وعملية التنوع البيولوجي بصفة عامة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى