فايننشال تايمز: تزايد الضغط على المنظمين لضبط سلوك العملات الرقمية
انخفض البيتكوين بأكثر من 10% الأسبوع الماضي
النشرة الدولية –
الضغط يتزايد على الهيئات التنظيمية لزيادة الرقابة على العملات الرقمية بعد انهيار محا 15 مليار دولار من قيمة البيتكوين، إضافة إلى جوانب شذوذ في إحدى أكبر منصات التداول الإفتراضي في العالم.
عانت العملات الرقمية ضربة أخرى في الأسواق الأسبوع الماضي. انخفض البيتكوين، العملة الرقمية الأكثر تداولا، بنسبة تزيد على 10 في المائة ووصل إلى مستوى منخفض بلغ نحو أربعة آلاف دولار، وهو أدنى مستوياته منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2017، بحسب شركة ريفينيتيف.
جاء ذلك بعد انخفاضات أكثر حدة بين أقرب أقرانه في وقت سابق من الأسبوع. فقد انخفضت “إيثيريوم”، ثالث أكبر عملة رقمية من حيث القيمة السوقية، 14 في المائة خلال 24 ساعة، إلى 140 دولارا.
البنوك المركزية وهيئات مراقبة الأوراق المالية في جميع أنحاء العالم تنظر في كيفية كبح جماح هذه الصناعة، التي يتم فيها تداول عملات رقمية بمليارات الدولارات يوميا بدون رقابة رسمية.
كريستوفر وولارد، المدير التنفيذي لهيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة، ذكر أن الهيئة “تشعر بالقلق إزاء الضرر المحتمل الذي يمثله الاستخدام الحالي لأصول العملات الرقمية التي غالبا ما يساء فهمها”.
وقال في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي: “من الواضح أن اتخاذ إجراء قوي وسريع أمر ضروري”.
أدى حادث وقع أخيرا في بورصة OKEx في هونج كونج إلى زيادة مشاعر اللبس فيما يتعلق بالعملات الرقمية، وطرح أسئلة حول كيف يمكن للجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة أن تستجيب لمشكلات التداول في سوق العملات الرقمية.
قالت لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة في هونج كونج هذا الشهر إنها قد تسمح قريبا لبعض بورصات العملات الرقمية بتقديم طلبات للحصول على تراخيص، وهي خطوة رئيسة من شأنها إخضاع بعض جوانب تداول الأصول الافتراضية لسلطتها القضائية.
وأضافت الهيئة التنظيمية أنها “تلاحظ بقلق زيادة اهتمام المستثمرين بالتعامل بالأصول الافتراضية عن طريق صناديق الأموال ومشغلي منصات التداول غير المرخصة في هونج كونج”.
التركيز على التنظيم انتقل إلى هونج كونج بعد حادثة هزت المتداولين وتسببت في خسائر تقدر بـ 400 مليون دولار.
أدى التغيير في البروتوكولات المستخدمة من قبل نقود عملة البيتكوين في الأسبوع الماضي إلى حالة من الارتباك في السوق، وبدوره ساعد في إزالة 15 مليار دولار من القيمة السوقية لعملة البيتكوين الأصلية.
في خضم التقلبات، يقول المتداولون إن بورصة OKEx غيرت قواعد مؤشر التسوية الأساسي، ما أدى إلى صفقات يتم تسويتها بشكل مفاجئ مقابل مؤشرات مختلفة تماما.
وفقا لـ “آمبر أيه آي” Amber AI، وهو صندوق تحوط للعملات الرقمية “هناك سيناريو مماثل هو إعلان بورصة شيكاغو التجارية أن العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 E-Mini سيتم تسويتها وتقديمها (…)، لكن مقابل مؤشر شانغهاي المركب بدلا من مؤشر ستاندرد آند بورز 500، في وسط عملية التداول”. ويقدر “آمبر” أن المتداولين تكبدوا خسائر تصل إلى 400 مليون دولار.
كذلك فرضت بورصة OKEx إجراء عمليات التسوية للعقود النقدية لعملة البيتكوين في وقت أبكر مما هو متوقع، وفي النهاية منعت الطلبات من جميع المتداولين الذين يستخدمون المنصة. قال أحد المتداولين: “كانت هناك حالات لم يستطع المشاركون فيها الشراء بأسعار السوق حتى عندما كانت الأسعار تنخفض”.
البورصة قالت إن نظامها كان مثقلا أثناء التغيير واعتذرت، إلا أن أحد صناديق العملات الرقمية قدم شكوى ضدها إلى لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة، وفقا لأشخاص مطلعين على المسألة.
ومن غير الواضح كيف ستستجيب لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة لمثل هذه الشكاوى، أو ما إذا كانت ستستجيب ابتداء. تنظم اللجنة تداول الأوراق المالية، لكن لا يمكنها إجراء عمليات إنفاذ في السوق لعملة البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية الأخرى.
هنري أرسلانيان، رئيس جمعية فينتيك في هونج كونج، لاحظ أن “هناك الكثير من عوامل اللبس في أسواق العلمات الرقمية خلال الأسبوع الماضي”. واعتبر أن الوضع النقدي لعملة البيتكوين كان “فوضويا وعاما وأدى إلى انقسام الشخصيات الرئيسة في مجتمع العملات الرقمية”.
لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة رفضت التعليق على قضية بورصة OKEx لكنها نشرت إطار عمل لتنظيم بورصات الأصول الافتراضية في وقت سابق من هذا الشهر. وبموجب ذلك، ستسمح لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة للبورصات التي تتداول العملات الرمزية، التي تشبه الأوراق المالية، بتقديم طلبات للحصول على التراخيص وإخراجها من المنطقة الرمادية التي تتداول فيها معظم البورصات.
لكن البورصات التي تتداول بعملة البيتكوين وغيرها من الأصول الافتراضية الأخرى التي ليست أوراقا مالية، غير مشمولة في اقتراح لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة.
هوي تاك ليونج، المستشار القانوني لدى “آشورست” في هونج كونج، كتب في مذكرة أن: “لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة تعمل على تحسين مشاركتها في الأصول الرقمية – لكن هناك جوانب قليلة في إطار العمل قد تمنع البورصات من تقديم طلباتها للحصول على إشراف لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة بدون مناقشات أخرى”.
في الولايات المتحدة، أجبرت الهيئات التنظيمية في الأسبوع الماضي شركتين جمعتا أموالا في عام 2017 من خلال مبيعات العملات الرقمية على إعادة الأموال إلى المستثمرين بعد أن فشلتا في تسجيل عروضهما الأولية للعملة كأوراق مالية. تسوية لجنة الأوراق المالية والبورصات مع شركتي “باراجون كوين” و”كارير إي كيو” أثارت مخاوف من أن شركات أخرى قد تضطر إلى فعل الشيء نفسه.
قبل عام، كانت عملة البيتكوين قريبة من ذروة ارتفاع محموم حين قاربت 20 ألف دولار، وهو الارتفاع الذي أشعل حماسة أنصار العملات الرقمية الذين أعلنوا أن ثورة العملة الرقمية ستجعل الأموال الورقية والتمويل التقليدي لا فائدة منهما.
لكن مع تراجع البيتكوين إلى أربعة آلاف دولار، الشجاعة على الإنترنت بين معجبي العملات الرقمية على موقع ريديت، أفسحت المجال لانتقاد العملات الرقمية الأخرى والشعور العام بالضيق.
لخص أحد المستخدمين السؤال الأساسي الذي يواجه مجموعة من المتداولين الذين كانوا في الماضي يشيدون بفضائل ربحية العملة، أو التمسك بها إلى ما لا نهاية على الرغم من اضطرابات السوق: “هل نستطيع القول أخيرا إن عملة البيتكوين قد انتهت؟”.
سأل شخص آخر: “هل ما زال هناك فعليا من يثق في عملة البيتكوين؟ أتساءل فقط لأنني متردد”. ووصف شخص آخر الوضع بأنه “وقت الذعر”.
الشعور السلبي يتناقض بشكل حاد مع الحماسة التي سادت في الماضي مجالس النقاش الإلكترونية. قبل بضعة أشهر فقط، كان هناك عديد من المواضيع التي ناقش فيها مستثمرو العملات الرقمية كيف أنفقوا أرباحهم. تخيل أنهم أنفقوها في شراء ساعات رولكس، ودراجات هارلي ديفيدسون النارية، وحتى المنازل.