عبد الله المناني: السينما الامازيغية تعيش اليوم نكسة و الشعر الامازيغي ينتعش بفضل تشجيع النشر

الرباط – مليكة أقستور / مراسلة النشرة الدولية

السينما الامازيغية تعيش اليوم نكسة، بينما الشعر الامازيغي فينتعش اليوم بفضل تشجيع النشر، هذا ما أكد عليه السيناريست والأديب و الشاعر الامازيغي عبد الله المناني خلال لقاء خاص اجرته معه “النشرة الدولية”.

ترعرع عبد الله المناني بين أحضان سوس العالمة، يعتبر إضافة للإبداع المغربي عامة والامازيغي خاصة، بحيث  تألق ونجح في إغناء الساحة الادبية والفنية بإنجازات متنوعة كما أن  مساره حافل بالعمل و النجاح.

 من هو عبدالله المناني ؟

ـ عبدالله المناني من مواليد مدينة إنزكان ، درست بها بالكتاب ثم الإبتدائي والإعدادي، غادرت أقسام الدراسة سنة 1992 بالرابعة إعدادي، ثم عدت عن طريق باكالوريا أحرار سنة 2013 لأتمم بعدها إجازتي في شعبة الدراسات الأمازيغية، والآن أنا طالب بشعبة الإجازة المهنية في الكتابة والتحليل السينيماتوغرافي والسمعي البصري. عملت في مساري الإبداعي بمجال الشعر ثم القصة القصيرة ثم الكتابة الدرامية، وحققت في مساري محطات عديدة، منها إصدارات وإبداعات ومنها جوائز وتكريمات.

كيف اكتشفت حبكـ وميولك للعالم السينمائي ؟

حب السينما لم يكن اكتشافا بالنسبة لي، لأنه كان بذرة تولدت منذ شغفي الأول باقتحام تلك القاعة المسماة سينما  كوليزي، الواقعة قرب منزلنا بمدينة إنزكان، و اكتشاف ما يقع داخلها، تمكنت من ولوجها مع أخي الذي يكبرني، كانت مغامرة بالنسبة لكلينا لكنها كانت مشوقة، شاهدت فيلما هنديا، وأعجبت به، ومنذ تلك الفرصة وأنا أتحين فرصة دخولي لسينما، وإن لم استطع على الأقل أتأمل طويلا ملصقات الأفلام التي ستعرض.. بعدها انخرطت في نادي سينمائي بدار الشباب بإنزكان، كان يخصص فترة زمنية لمشاهدة الأفلام. ربما كنت في سن العاشرة من عمري، بعدها كنت أزور سينما ريالطو كلما أتيحت لي الفرصة.

كذلك في صغري وبنفس المدينة كنت ألتقي وتقريبا بشكل يومي برواد السينما الأمازيغية، كانوا بالنسبة لي قدوة وكانت مجالستهم حلم.. وشيئا فشيئا صاروا أصدقاء الميدان، لازلت أكن لهم نفس التقدير ونفس الاحترام .

ومع اهتمامي بالمجالات الإبداعية إنسقت إلى الأجناس الكتابية، فكتبت في الشعر والنثر، لأجد نفسي بفضل الأخ والصديق رشيد الهزمير في مواجهة مباشرة مع السيناريو، كان عالما جميلا وقاسيا بالنسبة لي، جميل لأنه مشحون بالجمالية والإبداع، وقاسيا لأنه حكم على رواية أمازيغية كنت أكتبها آنذاك بالوأد. كان بالنسبة لي مغامرة، لكن أحببتها وخضت فيها.

كيف اكتشفت موهبة الكتابة ومنذ متى بدأت الكتابة ؟

يجب في البداية الإشارة إلى أنني كنت طفلا مولع بالقراءة، محبا للكتب، كثيرا ما كنت أتيه بين عناوين الكتب المرفوفة في المكتبتين اللتان يمتلكها أخوين لي بشارع محمد الخامس، تدرجت في القراءة بدءا من قصص الأطفال في سني آنذاك، إلى قراءة القصص الشبه الطويلة، وبعدها كانت لدي هواية التهام عناوين الكتب باختلاف أجناسها ومرجعياتها وشكلها، كانت العناوين تغريني أكثر.. ثم انتقلت إلى قراءة الروايات.. قبل هذه المرحلة وجدتني أسوغ جملا شعرية كانت تحمل ملامح ساخرة من المحيطين بي من أصدقائي في الدراسة، ثم كتابة قصص قصيرة جدا، في سنة 1995 اتجهت نحو الكتابة بالأمازيغية، كان التحول أشبه بانعتاق روحي في رحاب الكتابة، هذه المرحلة بالذات كنت كمن اكتشف نفسه عن طريق الحرف والقصيدة، فكان إنتاجي غزيرا، بعدها دخلت مرحلة إصدار الكتب.. هذه المرحلة بالضبط تعلمت فيها أن الكتابة بالكيف وليست بالكم، لذلك حاولت خلق فواصل بين إصدار وآخر.. هذه القاعدة مارستها مع كل المجالات الإبداعية التي أشتغل فيها، شعر وسيناريو وقصة قصيرة .

ما سر إبداعك في مجال السيناريو ؟

سر إبداعي في مجال السيناريو يكمن في حبي لهذا الجنس الإبداعي السينمائي بامتياز، وكذلك اختياري للمواضيع وتناولها بشكل منفرد عن باقي التجارب التي سبقت تناوله.. وكذلك محاولتي العطاء في هذا الميدان بشكل يساهم في الرقي بالسينما الأمازيغية عموما.. سري في هذا المجال هو أنني أكتب للغتي وهويتي ومنطقتي.. لذلك توجهت كذلك إلى تأطير ورشات وتنظيمها في إطار تجربة جمعوية أسستها رفقة بعض الأصدقاء تحت إسم “جمعية إيسوراف للفن السابع” لأجل اكتشاف مواهب شابة قادرة على حمل مشعل السيناريو .

ما هي مقومات السيناريست الناجح؟

مقومات السيناريست الناجح هي التوفق في  مناقشة موضوع ما في قالب إبداعي جمالي بعيدا عن الإسفاف والمباشرة، واعتماد الصورة كأسلوب عام للتعبير، وهذا بالطبع لن يتأتى سوى بالاطلاع وتنمية المعارف وكذا مشاهدة الأفلام لمختلف المدارس السينمائية العالمية .

هل تظن أن الهواية كافية دون التكوين الأكاديمي ؟

الهواية مرحلة أولى في بناء أي مسار فني، ومرحلة مهمة، لأنه في ثناياها ندرك حجم العلاقة التي تجمعنا بالجنس الفني الذي نخوض فيه، كما أنها مرحلة تجريبية للإمكانيات الذاتية سواء فطرية أو مكتسبة داخل اشتغالنا الفني، لكن التكوين الأكاديمي يبقى مرحلة نضج، التكوين الأكاديمي هو تأطير الاشتغال الفني بتقنيات وأسس علمية. وتوفر هاذين العاملين أي الهواية واتكوين الأكاديمي لدى المبدع يمكنه من تقديم  إنتاجات يكون التجدد والابتكار علامة مميزة لها. والإبقاء على مكون واحد قد يوقع الفنان في النمطية والتكرار.

كيف ترى وضع السينما الأمازيغية حاليا وما رأيك فيها ؟

السينما الأمازيغية اليوم عرفت تراجعا كبيرا خصوصا على مستوى أفلام الفيديو، مما يمكن اعتباره نكسة، بحكم أن ميلادها مرتبط بهذا الحامل السينمائي (الفيديو). هذا التراجع له انعكاسات سلبية فنيا واقتصاديا. فنيا لأن العديد من الأسماء لم تعد تجد مكانها ضمن الفرص الضئيلة جدا التي توفرها القناة الثامنة واقتصاديا لأن المستوى المعيشي لأغلب الفنانين قد تراجع إلى مستويات يندى لها الجبين. بصيص الأمل الآن يظهر من خلال ما تقدمه التلفزة من مشاريع أعمال، وهي مشاريع غير كافية بتاتا، مما يجب معه الاشتغال على مستويات عدة : الإشتغال على إنتاجات درامية قوية، خصوصا أن كل المقومات موجودة، كتاب، مخرجين و ممثلين…. الانفتاح على المشاركة في مشاريع لجنة الدعم السينمائي، وكذلك فتح حوارات لأجل نزع حق الأمازيغية من الحصة الزمنية الخاصة بها بكل القنوات التلفزية المغربية .

ما رأيك في الأدب الأمازيغي ؟

بالنسبة للأدب الأمازيغي فالملاحظ اليوم أنه يعيش طفرة نوعية، من حيث الكم والكيف. من حيث الكم فما تساهم به رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية من إصدارات لفائدة المبدعين عموما يبقى شيئا كبيرا واستثنائيا في تاريخ الإصدارات الأدبية الأمازيغية، وكذلك مساهمتها إلى جانب شعبة الدراسات الأمازيغية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في تأطير الشباب الراغب في اقتحام مجال الكتابة الأدبية ساهم في خلق دينامية في الكتابة والإبداع الأدبيين، بالإضافة إلى كل ما تقوم به مجموعة من الجمعيات من تنظيم لقاءات ومهرجانات حول الأدب الأمازيغي، هذه كلها عوامل ساهمت في التعريف بهذا الأدب، وتنميته والنهوض به، وتبقى المسألة العالقة دائما هي الوصول إلى سبل لتقريب القارئ من هذه الإصدارات.

كيف توجهت للشعر؟ وما الذي دفعك إليه ؟

ربما الكم الهائل من الدواوين الشعرية التي قرأتها في بدايتي هو ما جعلني أختار الشعر كقبلة أولى لميولاتي الإبداعية، ومع توالي اشتغالي بهذا المجال أيقنت أنني وجدت ضالتي الأدبية، الشعر كان فرصتي الكبيرة في أن اقول كل شيء في جملة، أن أصبغ بياض الصفحة بجملة عذبة ورقيقة.. وما جذبني إليه كثيرا هو الغموض الذي يكتنف خطاباته، وبشخصيتي أنا الكثير من الغموض وربما هذا ما جعلني ألجأ إليه بحثا عن إشباع لهذا الغموض .

عدد الدواوين التي أصدرتها إلى حد الآن ؟

صدر لي إلى الآن خمسة دواوين شعرية هي بالتوالي : ساول س ئيغد (2003)، أوراو ن أومطا (2008)، تيمقا ن فاد (2010) بمشاركة الأستاذ الكبير : محمد أوسوس ، يات تودمت س ئيزلالاين ئينو (2014)، إيزولا ن تكوضيوين (2017).

 أقربها إلى قلبك ولماذا ؟

تظل هذه الأسماء كلها أقرب إلى قلبي، فقد صارت تأريخا للحظة إبداعية جميلة.. كل إصدار ينتمي إلى مرحلة معينة من دواخلي.. أعتبره شاهد على حالة نفسية عشتها لحظة مخاضه .

ما هي المواضيع التي تعالجها في كتاباتك السينمائية والشعرية ؟

المواضيع التي أعالجها عموما من خلال السيناريو هي مواضيع هوياتية بالخصوص، ثم اجتماعية، ومن خلال الشعر أشتغل على المواضيع الهوياتية والعاطفية .

أين تجد نفسك أكثر في الشعر أم السينما ؟

لست أختار موقعي بين هذه الأجناس، إنما لحظة الإلهام هي التي تجرني صوب الجنس الإبداعي الأقرب لها .

كلمة أخيرة.

ختاما أشكركم على هذه الإلتفاتة الطيبة، وأتمنى للإبداع بمنطقة سوس عموما مزيدا من التألق والإنجازات .

 

زر الذهاب إلى الأعلى