ما “النحل الإلكتروني” الذي دعمه خاشقجي…. كتب عنه تغريدة غامضة قبل مقتله
النشرة الدولية –
قبل حادثة اغتياله داخل قنصلية بلاده في إسطنبول بعدة أيام، كتب الصحافي السعودي الراحل جمال خاشقجي، بمناسبة اليوم الوطني السعودي، عبارة مبهمة على حسابه بموقع تويتر، قال فيها: «النحل يعشق وطنه ويذود عنه صدقاً وحقاً».
خلال الشهور التي قضاها في منفاه الاختياري بالولايات المتحدة، كان جمال خاشقجي يشكو لمن حوله من أصدقائه، من آلاف التعليقات والرسائل المحتوية على شتائم وألفاظ بذيئة يتلقّاها على هاتفه الجوال، مستفتحاً بها صباحه كل يوم.
لم تكن تلك الرسائل البذيئة صادرة عن أشخاص معروفي الهوية، بل كانت تصل إليه من حسابات بأسماء وهمية على موقع تويتر، وهذه ظاهرة انتشرت في السنوات الأخيرة بالعديد من الدول لأغراض مختلفة.
أما في السعودية، فقد اشتهرت الظاهرة باسم «الذباب الإلكتروني»، ومن مهام هذا الجيش التشويش على الهاشتاغات المعارضة للحكومة السعودية، بالإضافة إلى تهديد وإهانة وترهيب كل من يعارض أو ينتقد سياسات السلطة السعودية، تماماً كما كان يحصل مع جمال خاشقجي.
هذا الأذى الذي كان خاشقجي يتعرض له يومياً، هو ما دفعه للتفاعل بشكل إيجابي مع فكرة عرضها عليه صديقه عمر عبد العزيز، المعارض السعودي المقيم في مونتريال بكندا.
والفكرة عبارة عن مبادرة لإنشاء جيش «النحل الإلكتروني»، الذي ستكون مهمّته مقاومة بذاءة وترهيب وتضليل «الذباب الإلكتروني» بأسلوب عقلاني وأخلاقي، كما أوضح عمر عبد العزيز، بالإضافة إلى محاولة توحيد جهود المعارضين الإصلاحيين والحقوقيين ذوي التوجّهات المختلفة. هذا هو إذن النحل الذي وصفه جمال خاشقجي بأنه يعشق وطنه ويذود عنه.
مؤخراً، ظهر عمر عبد العزيز في لقاء مع شبكة CNN الإخبارية، تحدث فيه عن دعم جمال خاشقجي مبادرة «النحل الإلكتروني»، حيث قام خاشقجي بتحويل مبلغ مالي إلى عبد العزيز (5 آلاف دولار)، من أجل شراء شرائح هاتف كندية (SIM Cards) وإرسالها إلى الراغبين في التطوع والعمل معهم من داخل السعودية.
والهدف من ذلك هو حماية المتطوعين مع جيش «النحل الإلكتروني» من الأذى الذي قد يتعرضون له من قِبل السلطات السعودية، التي تفرض بدورها رقابة مشددة على جميع الشرائح الهاتفية التابعة لشركات الاتصالات السعودية.
كان التواصل بين الرجلين يتم عبر رسائل نصية على تطبيق واتساب. لكن حسب ما توصل إليه بيل مارك زاك، الباحث بمختبر Citizen Lab التابع لجامعة تورونتو، فإن السلطات السعودية كانت قد تمكنت في وقت سابق، من اختراق هاتف عمر عبد العزيز بالتعاون مع شركة تقنية إسرائيلية. وهو ما مكّنها من التجسس على الرسائل المتبادلة بينه وبين جمال خاشقجي.
هذا التعاون بين خاشقجي وعمر شكّل قلقاً للحكومة السعودية، ما دعاها إلى محاولة استدراج عمر إلى السعودية، لكنه رفض العرض الذي قُدِّم له، بالإضافة إلى أن كثيراً من المحللين والمتابعين لقضية خاشقجي باتوا يعتقدون أن تعاونهما كان أحد أهم الأسباب التي دفعت السلطات السعودية لاستدراج خاشقجي إلى إسطنبول وتصفيته.
جدير بالذكر أن السلطات السعودية كانت قد اعتقلت اثنين من أشقّاء عمر عبد العزيز، وعدد من أصدقائه قبل حادثة اغتيال جمال خاشقجي بعدة أسابيع.
أكد عمر عبد العزيز، في حديثه لـ «عربي بوست»، أن عمل جيش «النحل الإلكتروني» لن يتوقّف لأي سبب كان، وأن نتائج عمله إلى الآن إيجابية، على الرغم من أن المشروع لم ينطلق رسمياً بعدُ. وأضاف أنه سيسعى لإتمام المشاريع كافة التي كان بدأها مع الراحل جمال خاشقجي.
وبالنسبة للمتطوّعين للعمل مع جيش «النحل الإلكتروني»، فقد أوضح عمر لـ «عربي بوست»، أن النسبة الأكبر منهم يعملون من داخل السعودية، آخذين في الحسبان أقصى درجات الحيطة والحذر، نافياً أن يكون أي منهم قد تعرض للأذى خلال الفترة السابقة.
وذكر أيضاً أن الانضمام إلى «النحل الإلكتروني» تطوّعي دون أي مقابل مادي، وأن إدارة المشروع نجحت في كسب ثقة جميع المتطوّعين.