العقار الكويتي في 2018: ارتفاع في التداولات… انعدام المعارض العقارية ونمو المزادات وآليات عديدة لتنظيم السوق
النشرة الدولية –
حفل القطاع العقاري المحلي الكويتي، خلال عام 2018، الذي شارف على الانتهاء بالعديد من المحطات ذات الأثر البالغ في حركة تداول العقارات وأسعارها، وعلى طبيعة العرض والطلب، إيجاباً أو سلباً. ولعل أهم ما طرأ من تغيرات على القطاع العقاري هذا العام هو ارتفاع قيمة التداولات بشكل ملحوظ عن العام الماضي، وارتفاع نسبة الشواغر في القطاع الاستثماري، إضافة إلى سعي وزارة التجارة والصناعة إلى تحويل لجنة العقار المؤقتة الى دائمة، إضافة إلى مجموعة من القرارات الخاصة بالقطاع. ورصدت «الجريدة» أبرز المحطات والأحداث التي مر بها القطاع العقاري خلال عام 2018، إضافة الى حصد جميع القوانين المتعلقة بالقطاع، التي أثرت بدورها على مجريات التداول والاستثمار.
شهد القطاع العقاري خلال عام 2018 ارتفاعاً ملحوظاً في قيمة التداولات مقارنة مع عام 2017، إذ بلغت سيولة السوق العقاري منذ بداية العام الحالي حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي 3.11 مليارات دينار، مقارنة بسيولة بلغت 2.19 مليار دينار في الفترة المماثلة من العام الماضي، أي بارتفاع نسبته 41.4 في المئة.
وفي حال استمرت سيولة العقار خلال شهر ديسمبر الجاري عند المستوى ذاته، أي بمتوسط تداولات بقيمة 280 مليون دينار شهرياً، ستبلغ قيمة تداولات العقار في نهاية عام 3.39 مليارات دينار، أي بارتفاع نسبته 1.01 مليار دينار وبنسبة 42.4 في المئة عن إجمالي تداولات العام الماضي البالغة قيمتها 2.28 مليار دينار.
وأفاد عدد من العقاريين في لقاءات متفرقة مع «الجريدة» بأن الركود العقاري استمر فترة ليست قصيرة، صاحبها انخفاض في أسعار العقارات، وكان الجميع في حالة ترقب سواء للأسعار أو للوضع الاقتصادي أو السياسي، موضحين أن الركود خلق فرصاً استثمارية جيدة، وتزامن مع الركود انخفاض في أسعار العقارات تجاوزت في بعض القطاعات العقارية ما نسبته 25 في المئة، وهذه تعتبر فرصاً جيدة يمكن اقتناصها.
وأوضحوا أنه كان لقرار رفع تعرفتي الماء والكهرباء الأثر في زيادة تداولات العقار خلال عام 2018، إذ كان هناك توجه واضح من المستثمرين على قطاع السكن الخاص بدلاً من الاستثماري، ويمكن القول إن هناك تبادلاً للأدوار من المستثمرين على القطاعات العقارية.
ولفت العقاريون إلى أنه خلال عام 2018 شهدت بعض الأزمات انفراجاً مثل ارتفاع أسعار النفط، مما أثر على نفسيات المستثمرين والمواطنين الراغبين في شراء العقارات، إضافة إلى انخفاض أسعار المواد الإنشائية، مما ترك أثراً في إتاحة الفرص أمام المستثمرين لشراء عقارات متهالكة وإعادة ترميمها قبل طرحها للبيع مرة أخرى.
وتقدمت وزارة التجارة والصناعة نهاية أغسطس الماضي إلى مجلس الوزراء باقتراح لتشكيل لجنة دائمة لتنظيم التسويق وبيع العقار المحلي والأجنبي، واقترحت «التجارة» أن تكون اللجنة تابعة لمجلس الوزراء وأن تضم ممثلين عن كل الجهات المعنية، منها وزارتا التجارة والخارجية، ومنحها جميع الصلاحيات، التي تمكنها من تحقيق ما يناط بها من مهام لتنظيم سوق العقار بالكويت.
وأوضحت الوزارة أن هذا المقترح عائد إلى ما شاب سوق العقار في الآونة الأخيرة، خصوصاً ما يتعلق بالعقارات الواقعة خارج الكويت من معاملات غير سوية، نتجت عن تلاعب بعض الشركات وعدم مصداقيتها أو غياب شفافيتها في العروض، التي تسوق لها، من حيث تقييم العقار أو أوصافه أو وضعه القانوني من حيث الملكية أو ما حمل عليه من ضرائب وخلافه.
وأكدت «التجارة» أن تلك التصرفات غير السوية التي تصل إلى حد الاحتيال من بعض الشركات نتج عنها تكبد الكثير من المواطنين خسائر مالية فادحة، مما أدى إلى تزايد عدد الدعاوى القضائية سواء المدنية أو الجزائية، وأثقل كاهل القضاء، إضافة إلى عدم التيقن من حصول المتقاضين على حقوقهم نتيجة «الحبكة» القانونية التي اتبعتها بعض الشركات في إعداد العقود، التي أبرمتها مع عملائها، إضافة إلى عدم اختصاص المحاكم الكويتية بنظر المنازعات التي تتعلق بعقار يقع في الخارج.
وكانت اختصاصات ومهام اللجنة الدائمة تتمثل في إنشاء مركز لاستقبال الراغبين في الاستثمار العقاري خارج البلاد، وأن تتولى اللجنة بحث الشكاوى المحالة إليها من الجهات المعنية المتعلقة بالعقار الخارجي، ودراسة المشكلات والمعوقات، التي تواجه القطاع العقاري، داخلياً وخارجياً، ووضع الحلول والاقتراحات المناسبة لها ووضع التصورات لمنع وقوعها مستقبلاً، إضافة إلى تنقيح القرارات الوزارية واللوائح والأنظمة المعمول بها حالياً، التي تنظم القطاع العقاري، واقتراح التعديلات اللازم إجراؤها عليها.
ومن بين مهام اللجنة أيضاً وضع التصورات والمقترحات لتطوير وإزالة معوقات إقامة قاعدة بيانات تربط إدارة العقار بوزارة التجارة والصناعة إلكترونياً، بكل الجهات ذات العلاقة، ومنها التسجيل العقاري بوزارة العدل، والإدارة العامة للأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وبلدية الكويت، إضافة إلى هيئة المعلومات المدنية ووزارة الخارجية واتحاد الوسطاء العقاريين، واتحاد العقاريين، بالإضافة إلى صياغة المشروعات الاتفاقية ومذكرات التفاهم، التي تقترح اللجنة توقيعها مع الجهات الرسمية والمسؤولة عن تنظيم وإدارة الاستثمار العقاري بالدولة التي تقع بها عقارات يتم الترويج لها وتسويقها داخل الكويت.
شهد قطاع السكن الخاص خلال عام 2018 حالة من الاستقرار بالنسبة للأسعار، ومال إلى الارتفاع، إضافة إلى ارتفاع في حجم التداول مقارنة بتداولات عام 2017، ويعود ذلك إلى توجه عدد كبير من المستثمرين إلى الاستثمار في هذا القطاع.
وجاء توجه المستثمرين بعد قرار إعفاء السكن الخاص من زيادة الكهرباء والماء، فالقطاع يعتبر الأكثر عائداً مقارنة بالقطاع الاستثماري، إضافة إلى أن الأسعار تعتبر معقولة إذا تمت مقارنتها بالاستثماري.
وكان هناك توجه ملحوظ للاستثمار في العقار السكني وتحويله إلى استثماري، إذ إن هناك عدداً كبيراً من المنازل تم تشييدها في مناطق عديدة، وتم تقسيمها لتأجيرها والاستفادة من عوائدها.
وبلغ متوسط سعر متر أراضي السكن الخاص في محافظة العاصمة 830 ديناراً، و597 ديناراً في محافظة مبارك الكبير، و808 دنانير في محافظة حولي، و489 ديناراً في محافظة الفروانية، و460 ديناراً في محافظة الأحمدي، و442 ديناراً في محافظة الجهراء.
شهد القطاع الاستثماري حالة من التذبذب خلال العام الحالي، إذ عانى ارتفاع نسب الشواغر وانخفاض القيم الإيجارية مقارنة بالسنوات الماضية، ويأتي ذلك بسبب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة إزاء الوافدين، وهم المشغل الرئيسي والحيوي لهذا القطاع.
ورفعت الحكومة رسوم بعض الخدمات، وفرضت رسوماً جديدة على الفئة الوافدة إضافة إلى رفع اسعار الكهرباء والماء، وهذا أدى في مجمله إلى رحيل جزء لا يستهان به من الوافدين مما ادى إلى ارتفاع نسب الشواغر في الشقق.
ويعتبر العام الحالي امتداداً للأعوام الماضية، إذ أصدر اتحاد العقاريين في نهاية عام 2017 «المرشد العقاري» الذي أوضح من خلاله أن هناك 49130 شقة خالية و26466 شقة أخرى قيد الإنشاء، مما يشير إلى وجود ما يزيد على 75 ألف شقة تحتاج إلى استيعاب من جانب السوق، مما قد يستغرق بين 4 و5 سنوات مقبلة، في حين بلغت نسبة الشَّغل 86.8 في المئة بانخفاض 8.2 في المئة عن نسب الشَّغل، التي كانت تحقق على مدى السنوات الخمس الماضية، التي كانت تبلغ 95 في المئة.
وبلغ متوسط سعر متر أرض السكن الاستثماري 2370 ديناراً في محافظة العاصمة، و1290 ديناراً، في محافظة مبارك الكبير، و1622 ديناراً في محافظة حولي و1400 دينار في محافظة الفروانية، و1262 ديناراً في محافظة الأحمدي، و1340 ديناراً في محافظة الجهراء.
سعت وزارة التجارة والصناعة خلال السنة الحالية إلى تنظيم السوق العقاري، عبر إصدار قرارات أو اتباع آليات تنظيمية جديدة، تهدف من ورائها إلى محاربة الظواهر السلبية والدخلاء على السوق العقاري وحماية المتعاملين.
ومن بين تلك الآليات اتباع آلية جديدة لعملية إلغاء عقد مبايعة العقار بين المشتري والبائع، في دفتر الوسيط العقاري، وألزمت وسطاء العقار بالتأشير على عقد البيع الملغي بختم معين، وعدم انتزاع الأوراق من الدفتر، ويأتي ذلك بهدف القضاء على دخلاء مهنة الوساطة العقارية وعلى العقود الوهمية.
وسبّب عدم وجود آلية لإلغاء عقود المبايعة في السابق الكثير من الفوضى في السوق العقاري، إذ لا تقتصر مهمة الوسيط العقاري على عرض العقارات المتداولة في السوق على العملاء، بل تتجاوز الخدمات، التي يقدمها بحسب خبراته العمليةن إلى المساعدة في عملية تبادل عقاري سليمة وواضحة وخالية من الشوائب.
قد تبدو ظاهرة «خلو» المحال التجارية أو المكاتب الادارية ليست بالجديدة على السوق المحلي، خصوصاً بعد أن ذاع صيت تلك الظاهرة خلال فترة سوق المناخ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، لتعود من جديد خلال الانتعاش الاقتصادي ما بين العامين 2004 و2009 لتصل قيمة الخلوات إلى مبالغ خيالية.
والمتعارف عليه في عرف «الخلوات» هو أنه على المستثمر أو المستأجر الجديدة أن يدفع مبلغاً من المال للمستأجر القديم نظير إخلاء المحل، ويأتي هذا تحت حكم العرف، ولا يوجد قانون ينص بذلك.
لكن خلال عام 2018 عادت الخلوات بطريقة مختلفة، إذ أصبح على المستثمر الجديد الراغب في استئجار محل شاغر وغير مستخدم، دفع خلو للشركة المالكة، تحت ذريعة بأن المحل مؤجر إلى جهة ما.
وعادت تبرز ظاهرة الخلوات بسبب انخفاض العرض وارتفاع الطلب، إذ يضطر المستأجرون والمستثمرون الجدد إلى إغراء المستأجرين القدامى، بمبلغ من المال نظير خلو المحل، أو تأتي الخلوات بسبب التجهيزات والتكاليف التي تحملها المستأجر القديم.
يعد عام 2018 بالنسبة للمعارض العقارية امتداداً لعام 2017، إذ استمرت أعداد المعارض في الانخفاض خلال السنة، وقد تكاد تكون معدومة مقارنة بـأعداد المعارض التي تمت إقامتها خلال السنوات الماضية، إذ كان يقام ما لا يقل عن 12 معرضاً عقارياً في السنة الواحدة.
وكانت وتيرة إقامة المعارض انخفضت منذ بداية النصف الأول من عام 2017، بعد أن جمدت وزارة التجارة المعارض العقارية فترة تجاوزت الشهرين، إلى حين الانتهاء من وضع الشروط واللائحة الخاصة بالمعارض، في حين لم تتم إقامة أي معرض عقاري خلال النصف الثاني من عام 2017، لأن اللائحة اشترطت أن تتقدم الجهة الراغبة في تنظيم المعرض بطلب قبل موعد المعرض المزمعة إقامته بشهرين على الأقل.
وشهدت المعارض حالة من الجمود والركود بعدما اعتبرت الشركات المنظمة لتلك المعارض اللائحة التي أصدرتها التجارة بأنها أصابت صناعة المعارض العقارية في مقتل، موضحين أن اللائحة تضمنت طلبات تعجيزية وأنها سوف تحد من مشاركة الشركات المسوقة والمطورة للعقارات في المعارض العقارية، وسوف يؤثر سلباً على هذا القطاع الحيوي.
وتوقعت الشركات المنظمة للمعارض أن يستمر ذلك الركود والجمود خلال السنة القادمة، ما لم تحدث تعديلات على القرار الوزاري، الذي أصدرته وزارة التجارة، والخاص بتنظيم المعارض، لافتين إلى أن 90 في المئة من الشركات الراغبة في تسويق العقارات عن طريق المعارض لن تستطيع تلبية طلبات التي جاءت في اللائحة الجديدة.
لم يكن القطاع العقاري خلال العام الحالي بمنأى عن عمليات النصب والاحتيال التي تعرض لها خلال الأعوام الأخرى، إذ استمر هذا المسلسل ليتعرض عدد كبير من المواطنين إلى عمليات نصب واحتيال من بعض الشركات العقارية، سواء المحلية أو الخارجية.
ومن أبرز قضايا الاحتيال، التي تعرض لها المواطنون خلال 2018، مشروع عقاري في إحدى مناطق الكويت، تتصارع على ملكيته عدة شركات، إذ اتضح فيما بعد أن أرض المشروع محملة بالعديد من المخالفات والرسوم، مما نتج عنه عدم قدرة المواطنين على تسجيل العقارات بأسمائهم.
وكانت المحكمة أصدرت حكم درجة أولى لمصلحة وزارة المالية ضد شركة عقارية عبارة عن رسوم مستحقة للدولة عن أراضي الفضاء، إذ يقضي القانون بفرض رسوم على قسائم السكن الخاص غير المستغلة المملوكة للشخص الطبيعي والاعتباري.
وهناك أيضاً قضية النصب المسماة «تلة الكويتيين» في منطقة عين بورضاي في لبنان، ووقع ضحيتها عشرات المستثمرين الكويتيين، الذين اتهموا شركة عقارية في لبنان والمدارة من أخوين لبنانيين، بتسويق أراضٍ سكنية في «عين بورضاي»، تبين لاحقاً أنها عملية خداع ونصب.
من جهته، ذكر مقرر لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة النائب عبدالله فهاد أثناء الاجتماع مع متضرري النصب العقاري، أن عدد المتضررين بلغ آلاف المواطنين بمبالغ وصلت إلى ما قيمته المليار دينار.
وطالب فهاد وزارة الخارجية بالتحرك عبر محاميها الخارجيين وإرجاع حقوق المواطنين الذين تعرضوا للنصب، مشيرين إلى أن الدولة لم تلتفت إلى هذه المشكلة إلا بعد شيوعها إعلامياً ووصول المبالغ إلى أرقام خيالية.
نمت وتيرة إقامة المزادات العقارية خلال السنة الحالية، إذ تمت إقامة ما لا يقل عن 13 مزاداً عقارياً طيلة العام، تحقق من خلالها بيع عدد كبير من الأراضي والعقارات في مختلفة أنواعها، ولمصلحة جهات عديدة منها الحكومية والقطاع الخاص.
وكانت معظم المزادات العقارية التي تمت إقامتها لاقت نجاحات كبيرة من حيث الحضور ونسب بيع العقارات، ويرجع ذلك إلى وجود عقارات ذات مواقع مميزة، إذ يكون على مثل تلك العقارات أو الأراضي طلب عالٍ من المستثمرين أو المواطنين الراغبين في السكن.
وعلى الرغم من النجاحات التي لاقتها معظم المزادات العقارية فإنها لم تخل من المشاكل، إذ تشترط بعض الشركات المنظمة على الراغبين في الدخول أن يتم اختيار أرض أو عقار معين، ودفع جزء من قيمته الابتدائية، ولا يسمح له المزايدة على أي عقار آخر، في حين تسمح شركات أخرى للمشاركين، المزايدة على كل العقارات المعروضة في المزاد، شرط أن يتم تقديم شيك مصدق بمبلغ معين، هذا إضافة إلى الاختلاف في نسبة عمولة الشركة المنظمة.
وكان الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار، تقدم ضد شركتين تعملان في مجال تنظيم وإقامة المزادات العقارية، بشكوى إلى وزارة التجارة والصناعة، اذ تأخذان عمولة على المشترين نسبتها 1 في المئة كما هو منصوص في القانون في حين لا تمتلكان دفتراً للوساطة العقارية.