موريتانيا.. الزي التقليدي الشعبي وصراع الأجيال

نواكشوط – عائشة سيدي عبد الله

لم تستطيع الموضة والعولمة والإنفتاح على وسائل الإعلام العالمية، أن تخترق الزي الشعبي الموريتاني، الذي ظل ومازال يصارعٌ محافظاً على رونقه، لدى الذائقة الشعبية، مستمدا تلك المكانة، من العادات والتقاليد التي ترفض المساس بالموروث والخصوصية.

في الآونة الأخيرة طالت الزي التقليدي، تغيرات طفيفة يشوبها الحذر في محاولة لمسايرة خطوط الموضة العالمية، دون الإقتراب من ماهية الثوب وتصميمه، ليبقى فضفاضا محتشماً ،بألوانه الزاهية مطرزا برسوم مختلفة، وأقمشة فاخرة وتصاميم  تناسب جميع أذواق.

“الملحفة” زي المرأة التقليدي ثوبٌ فضفاض يسترها من رأسها إلى قدميها ، يتكون من قطعة واحدة عرضه متر ونصف وطوله ثلاثة أمتار، صٌمم بحيث يٌعقد طرف الثوب من جهة واحدة،عقدتين تسمح للذراع الأيمن والرأس بالظهور، بينما يلف الجزء الأوسط من الملحفة الجسم والرأس، ويوضع الجزء المتبقي على الذراع الأيسر .

ويمكن تقسيم الملحفة إلى عدة أنواع “كاز” وهو الأكثر إستخداما لخفته وبساطته وسعره الزهيد الذي يعال 4 دولار أما ” لخياطه” فسعرها من 100 إلى 200دولار وهي الثوب المفصل للطبقة المتوسطة أما “كنيبه” و”أسوار” أسعارها قد تصل إلى 500 دولار وهي خاصة بالطبقة المخملية ولا تلبس عادة الا في الحفلات الخاصة والأعراس،

 ويعتبرالتخلي عن الملحفة إجتماعيا جريمة في حق عادات المجتمع ذات المرجعية الإسلامية المحافظة.
وبعكس المرأة يستطيع الرجل التخلي عن ثوبه التقليدي متى أرادَ ،ورغم ذالك تبقى “الدراعة” الثوب المفضل لديه ، ويبلغٌ طول الطقم الواحد المتكون من “الدراعة” والسروال والقميص ، عشرة أمتار من ثوب يسمى “بازان” بلونين هما الأبيض والأزرق السماوي، بتصميم يٌبقى جانبي “الدراعة” مفتوحين من أعلى الكتف وحتى مستوى الساق ،وهو ما يجعل الأكمام واسعة وعريضة بما يناسب الطبيعة والمناخ وأسلوب العيش.

الثوب التقليدي وصراع الأجيال..

لا يجد الموريتانيون أي مشكلة في القيـام بأكثر الأعمال تعقيدا بملابسهم الثقيلة عملياً التي تنافي الخفة ومتطلبات عصر السرعة حسب البعض.
السيدة ميمونة ربة بيت تقول للرسالة :  الملحفة جزء من تقاليد المجتمع ولا يجب التخلي عنها بدافع أنها غير عملية مضيفة : لا يمكن أن أتصور نفسي بدونها خاصة أنها لا تمنعني من القيام بأعمال البيت بكل خفة وحيوية”.

أما هدى طالبة جامعية فتقول: “الملحفة من التقاليد البالية ولا أرى أنها محتشمة وأفضل عنها العباءة الخليجية التي هي عملية نوعاً بالمقارنة مع “الملحفة” مضيفة بتساؤل : لماذا تفرض علينا سلطة المجتمع الإلتفاف بأمتار من القماس تعيق حركتنا أينما ذهبنا.

ويقول إبراهيم تاجر بالسوق المركزي “الدراعة” جزء لا يتجزأ من خصوصية  الرجل الموريتاني تعبرعن أصالته ورجولته وهي مناسبة في كل مكان وزمان وعكس البعض لا أرى أنها تشكل عائقا للحركة.

ويعلق مهندس المعلوماتية محمد أحمد قائلاً: ”  الساعات التي أقضيها في العمل مرتديا البدلة تكون طويلة جدا ولا أشعر بالراحة إلا عند أرتداء الدراعة.

ويعلق السالم أمين صديق محمد قائلا: “الدراعة” قد تكون ملائمة في بعض المناسبات الأجتماعية الخاصة لكنها غير مريحة إطلاقا في أماكن العمل إذ أنها تشل الحركة ويضيف ضاحكاً” وبدلاً من التركيز في العمل تنشغل بمحاولة السيطرة عليها”.

 بينما يؤكد الداه 16 سنة طالب في ثانوية البنين ” لا يمكنني التنقل بحرية في الحافلات والجلوس علي مقاعد الدراسة وأنا أرتدي الدراعة مضيفاً “العالم بأسره يملك أزياء تقليدية ولكنه لم يعد يرتديها سوى في الحفلات الفلكلورية.

ومع تباين الأراء بين الأجيال ، إلا أن السواد الأعظم من الموريتانين يعتبرهذه الملابس عنواناً للخصوصية يعكسٌ جزءاً من ثقافتهم وعاداتهم التاريخية والتراثية والدينية.


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى