ولكنّنا وما زلنا بزمن اﻹشارات…

لا بدّ لنا بدايةً أن نقف ونستوقف القارئ معنا، أمام اﻹطلالة الأخيرة لسيّد المقاومة اللبنانيّة، نعم ﺇطلالة من ﺇطلالاته التي ينتظرها اللبناني والعربي وكلّ مهتمّ بشؤون لبنان والتي يعبّر رمز المقاومة من خلالها عن الموقف من أحداث أو ظروف طارئة تعنينا والعالم العربي وبعض الخارج المقاومة يا سيّدها ألحقت الهزيمة بمغتصب أرض فلسطين ودحرته لخارج حدودنا ذليلًا مهانًا، بفعل دماء الشهداء التي روت أرض الجنوب وأنبتت كرامة وسيادة الوطن، وفخرًا لكلّ لبناني، وشطبت من القاموس السياسي، عبارة قوّة لبنان بضعفه” وشكّلت تحدّيًا لكافّة الأنظمة العربيّة المتهالكة والمتخاذلة والتي عاشت واستمرّت على ﺇيهام شعوبها بأنّ تحرير القدس وأرض فلسطين قادم.

ﺇنّ سلاح المقاومة تحريري فقط، المقاومة اللبنانيّة يا سيّدها، فوق الصراعات الداخليّة، وتقاسم مواقع النفوذ واقتسام الحصص كما يفعل الذين تربّعوا على عروش مذاهبهم وصادروها ولم يبقَ سوى رسم الخرائط.

المقاومة مع العيش المشترك ولبنان الواحد. لتترك لبعض رجال السياسة الغارقين في وحول الفساد، والشعب سيحاسبهم عاجلًا أم ﺁجلًا والتاريخ لن يرحمهم أنتم المظلّة الواقية لوطننا. من أي استهداف داخلي أو خارجي و”رأفةً بالوطن وشعبه أطلقنا عنوانًا هو الإشارات وليست التوجيهات وأكثر.”

وماذا تنتظرون أيّها السادة القادة الذين انتخبهم بعض اللبنانيّين ولماذا نذهب ﺇلى التقاط ﺇشارة من هنا وأخرى من هناك، ثمّ تتعاكس بمتغيّرات ما ليعزّز كل واحد منكم موقعه.

الوطن تمّ تنظيفه من الذين صادروه سنوات بقرارات خارجيّة ويتعاون من الداخل.

ومصيبتنا الكبرى صنعها الذين تعرّضوا لمأساة تهجيرهم من أرضهم واستضافهم الشعب اللبناني وقاسمهم لقمة العيش وعانى معاناتهم وناضل في سبيل قضيّتهم استغلوا ضعف السلطة وتعاون صغار النفوس معهم لوعود نشروها حولهم من تولّى سلطات أو تغيير النظام القائم. وكانت الديمقراطيّة والحريّات في لبنان مدخلًا لتحويل المخيّمات ﺇلى مستودعات للسلاح والذخائر، المخيّمات التي بناها الجيش البريطاني دولة وعد بلفور حول المدن اللبنانيّة الكبرى والصغرى لوضع اليد عليها، وتكوّنت مجموعات مسلّحة ﺇلتقت تحت ﺇسم مقاومة أهل الأرض. والأجدى أن تكون داخل الأرض المغتصبة. خاضت المعارك ضدّ الجيش اللبناني وألصقت التهم به، خاصّةً بعد اغتيال الزعيم الشعبي المرحوم معروف سعد، تواروا مع دخول جيش العدو الذي وصل ﺇلى بيروت وفاوضوه على خروجهم ركبوا البحر من الشاطئ بعد أن كانت شعاراتهم على الحيطان تقول ﺇنّ طريق القدس تمرّ من مدينة على الشاطئ، غادروا من المنطقة التي قاتلوا شعبها سنوات وبقيت أيديهم بعيدة عنها بالصمود شعبها، الشعب الذي أسقط مؤامرة الوطن البديل التي توافقت على تنفيذها أنظمة عربيّة ودولٌ كبرى.

وتركوا وراءهم العملاء الذين أوجدهم العدو داخل صفوفهم وأصبحوا مقنّعين، يطلقون زمّورًا على كلّ من تعاطى مع مقاومة أهل الأرض وبعد الزمور يساق المتّهم ﺇلى معتقل أنصار موضوع القضيّة الفلسطينيّة يحتاج ﺇلى كتاب اختصرنا ما استطعنا.

واجتاحت اسرائيل لبنان بدعم دولي برًّا وبحرًا وجوًّا، دمّرت كلّ ما كان أمام جيشها ﺇعتقلت واغتالت، واطمأنّ قادتها ﺁنذاك ﺇلى حضورهم. وتدخّلهم السافر في اللعبة السياسيّة اللبنانيّة وبغفلة من أجهزتهم المخابراتيّة تشكّلت المقاومة اللبنانيّة وبدأت بالعمليّات البطوليّة، من عملية موجعة ﺇلى أخرى، تراجع الجيش الصهيوني ﺇلى الوراء بعد الهزائم التي لحقت ﺑﺂلته العسكريّة وبجنوده حتّى أصبح خارج حدود الوطن.

وكان قد ﺇجتمع قادة العرب وأصدروا قرارًا بتشكيل قوّة ردع عربيّة لحفظ الأمن واﻹستقرار في لبنان وﺇيقاف التقاتل.

فترة قصيرة وانسحب الجنود العرب واستمرّ جيش اﻹحتلال الأخوي الشقيق تمّ ردعه من منطقة لبنانيّة بعد قتال مع مقاومين لبنانيّين ومع الغزو الصهيوني توارى بعيدًا ﺇلى مناطق البقاع والشمال التي كان النظام يعتبرها جزءًا من الأرض السوريّة. ومع التقاتل الذي جرى بين المذاهب عاد ﺇلى الأرض التي كان قد انسحب منها، بعد قمّة عربيّة، تمّ تكيّف الجيش السوري باﻹستمرار في لبنان بغطاء عربي وﺇشارات دوليّة تلاقت معه. اتّخذ الحاكم العسكري السوري مقرًّا لحاكميّته في بلدة عنجر.

ﺇغتيل الشهيد المرحوم دولة الرئيس رفيق الحريري. سالت دماؤه. تأجّجت المشاعر الوطنيّة والعاطفيّة فكانت اﻹنتفاضة المليونيّة وصدرت القرارات الدوليّة بمغادرة الجيش السوري لبنان. ﺇلتزم النظام واقتلعت حاكميّة عنجر مع حاكمها وعلى أرضه أكمل مسيرة التدمير والتعسّف ضدّ شعبه وما زالت سوريا تعيش أزمتها.

نناشدكم يا قادة السياسة اللبنانيّة بأن تعودوا زعماء للوطن وليس لمذاهبكم.

تقاسموا ما تريدون واتركوا لنا الفتات، وﺇن كان ليس لديكم أية رغبة بالنزول ﺇلى الأرض كما فعلتم خلال الانتخابات انظروا فقط ﺇلى طبيعة لبنان وهي صنعها الله سبحانه تعالى من ضمن أعاجيبه. تذكّروا لبنان قبل أزماته مواسم اﻹصطياف واﻹشتاء والمهرجانات الفنيّة تحت أعمدة بعلبك وفي كافّة المدن والبلدات، والقرى، عدا عن المؤتمرات الدوليّة التي تعقد على مدار العام. والأهمّ هو اطمئنان المواطن ﺇلى يومه وغده. ﺇنسخوها على شرائط فيديو ووزّعوها على بعض محازبيكم من المهلّلين والمصفّقين لنشرها على مواقع التواصل اﻹجتماعي عوضًا عن التقاذف بالمفردات البذيئة والمشينة.

ﺇصعدوا ﺇلى قصر لبنان وتحلّقوا حول فخامة رئيس البلاد، ﺇنشدوا النشيد الوطني، ربما تتحرّك بداخلكم بعضًا من عواطف صافية، واعقدوا قمّة، نعم قمّة لأنّكم أصبحتم حكّامًا، كلّ على عرش المذهب الذي ينتمي ﺇليه. ولم يبق سوى أن يختار الواحد منكم من يكون نائب الحاكم. وهنا لا بدّ لنا من أن نمرّ ولو سريعًا على همروجة الأسبوع الماضي أو الملهاة، سياسي قذف ببعض المفردات رجل دولة استشهد وهو أب لكلّ الشهداء أكيد كثيرون يدينون مثل هذا التهكّم. ولكن يبقى أنّ هناك سلطة قضائيّة هي لديها ﺇجراءاتها التمهيديّة والتنفيذيّة ولديها الوسائل التي تلاحق بها أي مدّعى عليه، ولكن استعمال سلطة أمنيّة لردّة فعل شخصيّة، هذا ليس بمقبول، هذه السلطات لحفظ أمن واستقرار الوطن والمواطن وليست ملكًا لأحد.

وكان للعقلاء دورٌ مهمٌّ في تهدئة الأوضاع وﺇلّا كنّا أمام فتنة جديدة، على رجل الدولة على الأقلّ أن يكون لديه من المستشارين الذين يقدّمون له استشاراتهم وخاصّةً حول خصوصيّات كل منطقة لبنانيّة أو مذهب معيّن وستتكرّر الهمروجات والكلّ. يبدو متوافق عليها لإلهاء اللبناني عن ﺇعطائه فرصة ليضغظ باتّجاه تشكيل حكومة جديدة.

وأصبح كما بات معروفًا لدى أغلبيّة هذا الشعب أنّكم تتبادلون العقد المصطنعة تأخيرًا للتشكيل لأنّكم على اقتناع أنّكم لن تستطيعوا ﺇحداث أي تغيير حقيقي ولا وجود لديكم لأيّة خطط لأي شأن من الشؤون التي تهمّ المواطن أو تنعش اﻹقتصاد وأين عن شروط المجتمع الدولي لتأمين المليارات والسعي ﺇلى التقشّف ومحاربة الفساد كل ما لديكم هو استحداث ضرائب جديدة وعندها الغضب حتّى من المهلّلين والمصفّقين. واﻹنتباه مطلوب من أن تفلت الأمور من أيديكم وتحدث ﺇرتجاجات أمنيّة يستفيد منها المتآمرون الذين ينتظرون لحظة مناسبة للانقضاض على ما بقي، ﺇذهبوا الى أصحاب الخبرة واﻹختصاص من المقيمين والمغتربين الذين حقّقوا التفوّق ﺑﺈمكاناتهم الذاتيّة هؤلاء منهم تشكّل الحكومات ويعاد ترميم البناء اﻹقتصادي المترنّح وثقة داخليّة وخارجيّة بلبناننا.

ما حصل خلال هذين الأونة الأخيرة أعطى مصداقّيّة للعنوان الذي توّج مقالنا حول الإشارات لم نقل التعليمات، نعم ﺇلتقت وتجانست ووصلت أشعّتها ﺇلى الذين يتداولون في السياسة في لبنان وبلحظات كافّة العقد التي اصطنعت خلال الفترة الماضية اندثرت واختفت وبدأت صفحة تشكيل الحكومة العتيدة ولم يبقَ سوى توزيع الحصص وأرزاق الوطن.

كلنا أقزام أمام فخر الدين والمير بشير ونجهل القراءة والكتابة مع الحضارة الفينيقيّة دولًا وشعوبًا مرّت ثمّ اضمحلّت واندثرت، قادة وأحزاب ومجموعات حقّقت مجدها المؤقّت وذابت وبقي لبنان العظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى