ميقاتي: الحريري لن يعتذر وعلينا دعمه… الترياق في العودة الى روحيّة الطائف

“حزب الله” ليس “مبسوطا” من السياسة التي تتبعها؟!

النشرة الدولية –

يتزايد حلوك الدّوامة السوداء في سماء التأليف الحكوميّ، مضاعفاً حجم التحدّيات المُثقلة التي لم تكسر صمود الرئيس المكلّف سعد الحريري في وجهها. ويبدو الرئيس نجيب ميقاتي في صلب المشهدية السياسية، بمثابة مُدافع عن السرايا، ومراقب قلق عن كثب، من مكتبه، من على علوٍّ يقابل حجارتها ويحاكي سكونها، ويتقاطع مع “بيت الوسط” في السياسة وترسيمة شوارع وسط المدينة المتلاقية، وفحوى الحفاظ على كرسي الرئاسة الثالثة التي يبدو أنها باتت تتطلّب حُماةً على طريقة توحيد جهود شخصيات أفلام “الأكشن”. هذا ما كان قد رشح من لقاءات متتالية عقدها رؤساء الحكومة السابقون، علماً أن المواجهة ليست هوليوودية أو على طريقة توحيد قوى “الرجل العنكبوت” و”الرجل الطائر”، بل إن التحدّي بات يُطاول دُستور الأمّة، بحسب ما نشرته صحيفة النهار اللبنانية.

تغيّرت أحوال لبنان من منظار ميقاتي. تُقلقه “الأعراف الجديدة المستحدثة” في تشكيل الحكومة، وفق ما يسمّيها. يستعيد مرحلته فيقول: “ألّفتُ حكومات بعد الطائف وقبل الدوحة براحة ومن دون تقسيمات. ولم نتحدّث عن ثلث معطّل يعطّل، أو عن مسلم يسمّي مسلما ومسيحي يسمّي مسيحيا. فالحكومة التي هي فريق عمل متجانس من أجل تنفيذ خطة عمل مطلوبة، تتحوّل اليوم الى جزر وشقق مفروشة منفصلة بعضها عن بعض، وهذه هي المشكلة الحقيقية”.

الترياق، في رأيه، يكمن في “العودة الى روحية الطائف، كاملة، ومن دون أي تعديل. فالطائف هو الوحيد الذي لا يزال يسري العمل به في البلاد في الوقت الحاضر، وكلّ التهنئة للذين وضعوه لأنه تطرّق الى كلّ المواضيع والمشاكل اللبنانية. فلو نستطيع تنفيذ الطائف كاملاً، لن يكون لدينا أي مشكلة، لكن لسوء الحظّ ان كلّ طرف يريد أن يأخذ الاتفاق الى جهته ويفسّره كما يريد، ويعلّق المواد التي لا تعجبه. الطائف يرضي العلمانيين بمجلس نيابي منتخب على اساس غير طائفي ويحفظ حقوق الطوائف بانشاء مجلس شيوخ، كما ينص على اللامركزية الادارية التي لم يتم حتى الآن الاتفاق على قانونها، مع انها تشكل ضرورة قصوى للانماء، وهناك أكثر من 20 مادّة في الدستور معلّقة، وهي مفيدة لجميع الاطراف”.

“ستتشكل الحكومة عاجلاً أم آجلاً”، في رأيه، و”لا يمكن أن نبقى من دون حكومة”. لكنه يسأل: “ماذا بعد تشكيلها؟ هل سيكون هناك انسجام بين مكوّناتها؟ أم أن السياسة والتجاذبات الحاصلة ستعوق أي تقدّم يمكن أن يحصل؟”. عن أزمة تمثيل نواب “اللقاء التشاوري”، يقول: “لكل فريق الحقّ في طلب التمثل. وطالما فُتح هذا الاجتهاد يحق له أن يطلب كأي فريق آخر. ويبقى لرئيس الحكومة المكلف أن يختار فريق عمله. ومن ناحية أخرى، فإن دور رئيس الجمهورية التشاور مع رئيس الحكومة المكلف لانجاح عهده. وفي الطريقة التي تجري فيها أخشى الا يتحقق للعهد النجاح الموعود”.

عن النزاع على الصلاحيات والحديث عن رغبة “حزب الله” في تغيير النظام وفرض المثالثة، يجيب: “لا جديد في هذا الموضوع، واي حديث عن أزمة النظام او تغييره ليس داء ولا دواء، والحل هو في العودة الى الدستور وعدم تكرار تجارب دفع ثمنها اللبنانيون جميعا، ولن يكتب لها النجاح في بلد كلبنان قائم على التوازنات وحفظ حقوق الجميع”.

وهل تتحضّر اذا ما اعتذر الرئيس المكلف؟ يقول: “لن يعتذر، وعلينا دعم من كُلّف بأكثرية موصوفة تشكيل الحكومة ومساعدته للنجاح في مهمته، لأن نجاح الحكومة ليس لشخصه، بل لانقاذ البلد أمام التحديات الكبيرة”. العلاقة مع الرئيس الحريري “جيّدة”، وفق قوله: “قلت له إن سلّم أولوياتي هو الاهتمام بمركز رئاسة الحكومة وتنفيذ اتفاق الطائف، ليس من منطلق سنّي بل لأن رئاسة الحكومة هي صمّام الأمان في البلد، واتفاق الطائف وما نتج عنه من دستور هو النظام الذي يفترض اعتماده للوصول الى الحل المنشود”.

وعن الانتقادات التي تطاوله بعد اتفاقه مع الحريري، يردّ: “يحارون كيف ينتقدون الآخر. كثيرون ينتقدونني لمواضيع عدّة، فالبعض يقول إنني نائب سنّي وكتلتي فيها العلوي والماروني والارثوذكسي، وهي ليست سنية صرف، فهل علّة أن تتوافق مع رئيس الوزارة أو أن تكون كتلتك متعددة اللون كما هو لبنان؟ كنت أول من انتقد الرئيس الحريري في محطّات عدّة، لكنني أراه اليوم ثابتاً على موقفه وأتمنى أن يمارس الدور المطلوب منه أكثر أيضاً، فهو المحور الأساسي ورئاسة الوزارة هي المنصب المحوري في الجمهورية اللبنانية الذي يجب أن يكون على علاقة ممتازة مع رئيس الجمهورية، وعلى علاقة متينة مع رئاسة مجلس النواب، ومع كل المكونات اللبنانية”.

لكن “حزب الله” ليس “مبسوطا” من السياسة التي تتبعها؟! يجيب: “لا أعتقد أن السؤال دقيق، لأنني اعتقد أن حزب الله داعم للرئيس الحريري أكثر مما نحن ندعمه. لماذا العتب علينا اذا تحالفنا مع الرئيس الحريري وهم يحضنونه؟ مع الاحترام للحزب ولكل منتقد، لكن مَن يعرف أدائي في الفترة الماضية كلها، ليس لديّ أي أجندة خارجية بل أقوم بما يرضي ضميري”. ومَن يستهدف الدستور ورئاسة الحكومة؟ يردّ: “الاعراف المستحدثة وأداء كل الأطراف، بدءاً برئاسة الجمهورية. أليس انتقاصاً من قيمة فخامة الرئيس ودوره أن يحدّد نفسه بثلاثة وزراء وهو دستوريا فوق كل السلطات؟ أيضا كلّ طرف يخال نفسه أنه البلد، فيأخذ الحصّة ويقول إنه يضحّي. فأين هي هذه التضحية؟”.

الخلاصة في الاستحقاق الأقرب. فما الموقف من دعوة سوريا الى حضور القمة العربية الاقتصادية في بيروت؟ “يتصرّف لبنان من ضمن المجموعة العربية، وهذا هو الموقف الرسمي. دعوتي هي لاعادة اللحمة العربية، لأنها ضرورة عربية ولبنانية ولا بدّ من أن تنعكس علينا، شرط أن يتّعظ اللبناني من أخطاء الماضي، فلا تفيده التجاذبات الاقليمية التي تحصل في المنطقة، وهم يتفقون مع بعضهم وتبقى الرواسب لدينا. علينا ألا نخضع لهذه التجاذبات ونبقى متفقين ونحافظ على البلاد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى