الحكومة الكويتية تخصص في الموازنة الجديدة حوالي 13 مليار دولار لبند الدعم
النشرة الدولية –
أعلنت الحكومة الكويتية أمس عن تفاصيل موازنة السنة المالية الجديدة التي صادقت عليها، والتي تتضمن عجزا ماليا ضخما وذلك بسبب تراجع عوائد صادراتها النفطية كباقي دول الخليج.
وأكد وزير المالية نايف الحجرف أمس أن الموازنة الجديدة التي تبدأ في أبريل المقبل تتوقع عجزا بقيمة 7.7 مليار دينار (25.3 مليار دولار)، بعد استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة والبالغ نحو 20.1 مليار دولار.
وتستقطع الكويت سنويا نسبة من إيراداتها ويتم تحويلها لصندوق الأجيال القادمة، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار التي تمثل الصندوق السيادي لدولة الكويت.
وتم تأسيس الصندوق في 1976 ويهدف إلى الاستثمار في الأسهم العالمية والعقارات لمصلحة أجيال المستقبل، عبر تحويل 50 بالمئة من رصيد صندوق الاحتياطي العام، إضافة إلى إيداع ما لا يقل عن 10 بالمئة من جميع إيرادات الدولة السنوية. وسجلت الكويت عجزا بقيمة بقيمة 4.847 مليار دينار (15.9 مليار دولار) في السنة المالية 2017-2018، وفقا لوزارة المالية.
وأشار الحجرف إلى أن الإيرادات المتوقعة في الموازنة القادمة ستصل إلى حوالي 54 مليار دولار، بينما سيبلغ الإنفاق 74.1 مليار دولار. وقال إن “العجز في الموازنة الجديدة ستتم تغطيته بالكامل من الاحتياطي العام للدولة”، لكن بعض الخبراء يشككون في ذلك
ويخشى محللون من أن تتسع شهية الكويت للاقتراض من أسواق المال العالمية بعد أن أقرّ البرلمان رفع سقف الدين العام إلى 83 مليار دولار العام الماضي، فيما يرى البعض أن الخطوة يمكن أن يساعدها في تمويل المشاريع الاستثمارية وتمويل عجز الموازنة. وتم إعداد الموازنة على أسس تقديرات سعر برميل النفط 55 دولارا وحجم إنتاج يومي عند سقف 2.8 مليون برميل، في الوقت الذي يتوقع فيه الحجرف أن يتراوح سعر برميل النفط بين 55 و65 دولارا خلال فترة الميزانية.
وتعاني ميزانية الكويت من هيمنة الإيرادات النفطية عليها بنسبة تقترب من تسعين في المئة، وفي كل عام تعلن الحكومة رغبتها في تقليص بند الإيرادات النفطية وتوسيع الإيرادات غير النفطية، لكن هذه الرغبة يقابلها قليل من النجاح على أرض الواقع.
وستخصص الكويت، العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في الموازنة حوالي 13 مليار دولار لبند الدعم، بينما سيكون حجم الإنفاق الرأسمالي 17 بالمئة من حجم المصروفات أي 12.9 مليار دولار.
وشكل موضوع الدعم، الذي تقدمه الدولة الغنية بالنفط، خلال السنوات الأربع الماضية مادة للجدل والنقاش بين الحكومة، التي ترغب في تقليص النفقات، في ظل هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية ونواب البرلمان الرافضين لتقليص أي مزايا يتمتع بها المواطنون. كما أن الإنفاق الحكومي كان من بين المواضيع التي كانت حاضرة في معظم النقاشات في الأوساط السياسية والاقتصادية والشعبية.
وقال وزير المالية “لقد بدأنا ضبط المصروفات منذ العام 2016، لتقليل من احتمالات اللجوء للاحتياطي العام”، مشدداً على ضرورة أن تتلقى وزارة المالية تبريرا كافيا من كل وزارة بشأن المصروفات. وتسير الحكومة بخطى متثاقلة لإجراء الإصلاحات الاقتصادية الملحة لتصحيح الاختلالات المالية المتفاقمة.
ويزداد ميلها يوما بعد يوم لتفادي المعارضة البرلمانية والشعبية باللجوء إلى الحلول السهلة التي تنقل أعباء الإصلاحات إلى كاهل العمال الأجانب، رغم ما ينطوي عليه ذلك من تداعيات سلبية.
وتتباين الضغوط على الدول النفطية لتنويع الاقتصاد ومصادر إيرادات الموازنة، لكنها تدرك جميعا أنها ضرورة حتمية لتفادي تداعيات تذبذب أسعار النفط، مثلما حدث منذ منتصف عام 2014.
وتدرك الكويت وجميع الدول النفطية أن الطلب على النفط سيصل حتما إلى ذروته خلال العقدين المقبلين، ما يفرض الاستعداد مبكرا لتلك المرحلة، التي قد لا تجدي معها الاحتياطات النفطية الوفيرة وقلة عدد السكان البالغ 4 ملايين نسمة، 30 بالمئة منهم فقط من الكويتيين.
ويختلف الوضع في الكويت عن جيرانها الخليجيين في حجم المعارضة الشعبية والبرلمانية لأي مساس بحقوق المواطنين، الذين أدمنوا على المزايا السخية منذ عقود وتولي الحكومة مسؤولية توظيف معظم المواطنين.
ويمثل ذلك أكبر عقبة في طريق الإصلاح بسبب الحذر من إثارة غضب المواطنين، الأمر الذي يدفع الحكومة لتحويل أعباء التقشف والإصلاحات إلى كاهل المغتربين من خلال طرد أعداد كبيرة من العمال الأجانب من الوظائف الحكومية. ويعاني اقتصاد الكويت من اختلالات كبيرة في المؤشرات المالية وانتشار البطالة المقنّعة في مؤسسات الدولة واعتماد مفرط على الإنفاق العام.