الكاتبة الكويتية أمل الرندي: لا نزال في حاجة ماسة إلى الكتاب الورقي
النشرة الدولية –
أمل عبدالجبار الرندي كاتبة وقاصة كويتية تهتم بمجال أدب الأطفال وصدرت لها قصص للأطفال منها، سفراء التسامح، طائر الحرية، البيت الكبير، فضلا عن نشر كتاب بعنوان “تجارب علمية مبسطة” في 2006 كما تنشر مقالات في زاويتها العنونة “نافذة الأمل” في صحيفة الرأي الكويتية. شاركت مؤلفة “هل أنت” في عدة مؤتمرات في الكويت وخارجها خصوصاً مصر، تونس، قطر، لبنان، المغرب، الولايات المتحدة الأميركية. إضافة إلى مشاركتها في لجان التحكيم بمسابقة القصة القصيرة وقصص الأطفال في المجلس الوطني للثقافة والفنون. ونالت أمل الرندي جوائز عديدة تقديراً لنشاطاتها الثقافية وكرمها رئيس مجلس الأمة الكويتي السابق، جاسم محمد الخرافي، عن كتابها “تجارب علمية بسيطة”، بحسب ما نشره موقع “ميدل آيست أون لاين.
عن بداياتها مع القراءة قالت بأن الصدفة قادتني نحو هذا العالم موضحةً بأن الكتابة لم تكن بعيدة عن دراستي، فقد درست في كلية التربية قسم رياض أطفال بجامعة حلوان، القاهرة، كنا ندرس مادة “أدب طفل”، والصدفة الاجمل أن استاذنا هو الدكتور يعقوب الشاروني عميد أدب الطفل في الوطن العربي، وقد طلب منا كتابة قصة للأطفال، وأخبرنا أن القصة الأفضل سوف يتم نشرها في مجلة “نصف الدنيا”، وكان الحظ حليفي، فقد اختار الدكتور قصتي “الفيل صديقي”، ونشرت في المجلة فعلاً، ومن تلك الخطوة بدأت الخطوات الألف خطوة مع أدب الطفل.
وفي الكويت بدأت سيرة أخرى من كتابة المقالة الأسبوعية، في جريدة “الراي”، في زاوية لي تحت عنوان “نافذة الأمل”، وكانت بدعوة جميلة من الزميل رئيس الصفحة الثقافية مدحت علام، واستمر التزامي بها منذ أكثر من 12 عاماً. في الحقيقة استفدت كثيرا من تجربة المقالة الأسبوعية، التي أجبرتني على المتابعة والاطلاع المستمر على الأنشطة الثقافية، سواء المحلية منها أو الدولية، وقد أصبح هذا النوع من العمل الصحافي جزءاً مني، ومنه أيضا استلهمت بعض أفكار قصصي للأطفال.
في الحقيقة، حالة القراءة والكتابة هي مخاض للنفس، وتجديد للخلايا، أشعر بأنني أخلق من جديد مع كل نص أكتبه، سواء كان قصة للأطفال أو مقالة في جريدة، فأنا كما تقول الكاتبة الأميركية اوكتافيا بوتلر “كل قصة أبدعتها، أبدعتني، أنا أكتب لأكون نفسي”. وأضافت أمل قائلة عن الكتب الأكثر تأثيراً بأنَّ هناك العديد من الكتب التي أثرت فيّ، منها في التنمية البشرية “دليل العظمة” لروبن شارما، الجزءان الأول والثاني، اللذان كنت دائماً اصطحبهما في سفري، وقد قرأتهما أكثر من مرة، وفي كل مرة أكتشف شيئاً جديداً فيّ، كنت أصرخ، أو أضحك بصوت عالٍ، وقد وجدت أشياء كثيرة تشبهني، وعندما أجدها كنت أذهب إلى تحليل روبن لها، وكأنما كان هذا الكتاب يحدثني أنا، بل ويحفزني على اكتشاف نفسي والعالم بشكل مختلف، أو من الجهة الأخرى التي تشرق فيها شمس الحياة.
قد يكون هذا أحد الأسباب التي جعلتني دائما أقول “صباح الحياة”، حتى بات هذا الصباح عنوان كتابي “صباح الحياة”، كما تأثرت أيضا بكتب ديل كارنجي في التنمية البشرية، وخصوصا كتاب “الموهبة لا تكفي أبداً” لجون سي ماكسويل الذي قرأته عدة مرات، وبروايات عديدة مثل “أنا حرة” لإحسان عبدالقدوس، فالكاتب يعبر عن الشخصيات بكل تفاصيلها الدقيقة ومشاعرها الحقيقية بدون رتوش، حتى تجد نفسك البطل أحياناً لشدة ما تشعر بالتصاقك بالشخصيات، أو أنك عالق بها. يستفزك عبدالقدوس ويحفزك أيضا على اكتشاف نفسك، على التساؤل والتأمل والتجديد، وينبهك إلى أن الحياة ليست روتيناً أو استسلاماً لمعتقدات المجتمع التي تربينا عليها، والتي يأمرك الجميع أن تكون ملتزماً بها، مثلهم كما يأمرك الأهل أن تكون نسخة عنهم، ويحاربونك إذا فكرت في أن تخرج عن القطيع، ورغم كل هذا التمرد في الشخصية إلا أن عبدالقدوس يخبرك في النهاية أن منتهى الحرية هي المسؤولية.. ما أجملك إحسان عبدالقدوس!
أما بالنسبة لكاتبها المُفضل فلا يوجد كاتب مُفضل لدى أمل بل هناك كتاب كثر قرأت لهم وتأثرت بهم، فكل كاتب له أسلوبه وأفكاره وبصمته التي تروي أفكاري وأحاسيسي. فأنا أخاف أن يكون لي كاتب واحد مفضل، أهتم بنصوصه وأحفظها وألتزم بها، فالنحلة لا تنتظر إنتاج زهرة واحدة من الرحيق، كل الحقول لها، والمهم بالنسبة إليها أن تجني العسل، ولا فضل لزهرة دون أخرى عليها. هكذا أفكر، فقد يعجبني كاتب بجزء من أفكاره وأختلف معه بجزء آخر، فلماذا لا أجمع أفكاري من كتاب كثر، وأجعل هذه الأفكار تتحاور داخلي، وأخرج في النهاية بنتيجة أو نتائج تكوّن شخصيتي.
أحب أن أكون حرة بأفكاري وأسلوبي، فقد أنتمي إلى اتجاه أو تيار، لكن ليس إلى كاتب أو فيلسوف أو عالم، فأنا لا أٌقدس آراء الأشخاص مهما علا شأنهم، خصوصاً أن أفكاراً كثيرة سقطت مع مرور الزمن، وحتى اكتشافات علمية كثيرة ثبت بطلانها، وأدوية للعلاج ثبت ضررها، لذا أترك نفسي سابحة في أفكار العالم كله، أختار أفكاري كمن يجمع باقة ورد.
وعن طريقة قراءتها قالت: أحب أن أكتب على صفحات الكتاب نفسه عندما أجد جملة جميلة، أو فكرة، أو أعلق على هامش الصفحة، وهذه الطريقة تجعلني أحفظ بعض الجمل المميزة أكثر، وكثيراً ما أتذكر الصفحة ومكانها. أحب أن تكون لديّ ذكريات مع الكتاب والصفحات، وعندما أكتب ملاحظاتي أشعر بأني أتحاور مع صاحب الكتاب، وكثيراً ما شعرت بصداقة قوية مع بعض الكتاب من خلال هذا الاحتكاك بأفكاره. وهكذا يتحول الكتاب نفسه إلى صديق، وكم جميل أن نكون أصدقاء للكتب، فصداقة الكتب وقراءتها بنفس حواري هما اللتان تأخذاننا إلى حب القراءة التي نفتقدها اليوم. وعندما نشعر بأن الكتاب صار جزءاً منا وذاكرتنا وتركنا بين صفحاته أطياف مشاعرنا تصبح القراءة عنواناً لمستقبل باهر.
وترى الكاتبة الكويتية أمل الرندي أن لكل عصر مفرداته الجديدة، أكيد الكتاب الإلكتروني يتوفر بشكل أسرع، كما أن الكتاب المسموع أيضا مفيد جداً، فأنا أستغل وجودي خلف مقود السيارة، في زحمات السير والمسافات الطويلة التي أقطعها كل يوم لأستمع إلى كتب مسجلة أو مقاطع أو محاضرات، أشعر بأننا في حاجة لكل أنواع الكتب، فكل نوع له مكانه ومناسبته، ولا نزال في حاجة ماسة إلى الكتاب الورقي، ونميل إليه بطبيعتنا، ونتعلق به لأنه ذاكرتنا في القراءة، لكن لا مانع عندي من انتشار الكتاب الإلكتروني والمسموع، ولا أقف في وجه التحولات العلمية التي تجري في العالم.
أما عن مكتبتي فهي مزيج بين كتب الأدب وقصص الأطفال والتنمية البشرية، والشعر أيضا، والكتب التربوية. بعض الكتب في مكتبتي باتت للزينة والاستئناس فقط، أنظر إليها فأتذكرها وأطمئن أنها ما زالت بجانبي، وأنها ما زالت حية ومفيدة، ثم أميل نظري عنها واعدة إياها بأني قد أعود إليها يوماً. وهناك مكتبة أخرى أكبر، تتكدس فيها الكتب التي أشعر بأنها تسبح فيها لشدة الفوضى التي فيها. ودائما أعدها بالترتيب، ولا أعلم متى وكيف سأجد الوقت المناسب!