انطلاق الملحمة الشعرية الثامنة لمسابقة أمير الشعراء، بمشاركة 11 شاعرة عربية يتنافسن على اللقب
النشرة الدولية –
انطلق الموسم الثامن لبرنامج أمير الشعراء وسط احتفاء واضح من أعضاء لجنة التحكيم خاصة أحاديثهم في المؤتمر الصحافي والندوة التي تلته، بالشاعرات أولا على مستوى من تقدمن للترشيح للمسابقة وثانيا من فزن ودخلن المنافسة، حيث تتنافس 11 شاعرة من بين 20 على الفوز بلقب “أمير الشعراء”.
على مسرح شاطئ الراحة انطلقت الحلقة الأولى لبرنامج “أمير الشعراء” الذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، بأوبريت للشاعرين كريم معتوق وحيد العبدالله غناه المطربان فايز السعيد ويارا، وحمل تحية لفكرة عام التسامح التي أطلقها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات والتي جاءت امتدادا لعام زايد، حيث يحمل العام الجديد قيم التسامح التي طالما نادى بها الشيخ زايد وكانت جزءا أصيلا من شخصيته.
أعقب الأوبريت تقرير عن عام التسامح ليكون عام 2019 في دولة الإمارات الذي أطلقه الشيخ خليفة في 15 ديسمبر 2018، مستهدفا إبراز دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وتأكيد قيمة التسامح باعتبارها امتدادا لنهج زايد مؤسس الدولة، وعملا مؤسسيا مستداما يهدف إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة.
وأوضح التقرير أن العام يقوم على خمسة محاور رئيسية هي: تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع من خلال التركيز على هذه القيم لدى الأجيال الجديدة، ترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح من خلال مجموعة من المبادرات والمشاريع الكبرى منها المساهمات البحثية والدراسات الاجتماعية المتخصصة في حوار الحضارات، التسامح الثقافي من خلال مجموعة من المبادرات المجتمعية والثقافية المختلفة، طرح تشريعات وسياسات تهدف إلى تعزيز قيم التسامح الثقافي والديني والاجتماعي، تعزيز خطاب التسامح وتقبل الآخر من خلال مبادرات إعلامية هادفة.
الحب كان علامة مميزة لقصائد الشعراء الأربعة المتنافسين في الحلقة الأولى من البرنامج وإن اختلف التناول
بعد ذلك جاء دور الشعر وملحمته، حيث توسط المسرح 20 شاعرا وشاعرة هم الذين سيكتبون على مدى عشرة أسابيع الملحمة جنبا إلى جنب، مع ثلاثة نقاد وإعلامية وفريق هائل في فن الإضاء والديكور والتصميم والجرافيك والرسم والفيديو آرت، فالمسرح هذا العام يتبادل مع الشاعر أو الشاعرة أفكاره وأحاسيسه ورؤاه، حيث يتشكل المحيط الداخلي للمسرح بلوحات متحركة تتماس مع الرؤى الشعرية لقصيدة هذا الشاعر أو تلك الشاعرة.
الحب كان علامة مميزة لقصائد الشعراء الأربعة المتنافسين في الحلقة وهم الجزائرية رابعة العدوية بدري والإماراتية عائشة الشامسي والمصرية ميار أحمد والعراقي سعد جرجيس، وإن اختلف التناول حيث كانت قصيدة رابعة العدوية تتغنى بحب الأم وأواصله التي تربط بين الأم وابنتها، وأخذ شكل التمر على التقاليد التي تكبل حرية المرأة في قصيدة الاماراتية، ومزجت قصيدة العراقي بين الحب والحرب والخوف على الحبيبة من ويلاتها، أما المصرية فقد قدمت قصيدة حب رومانسية طرفاها عاشق ومعشوق يتدلل، وفي الجميع ثمة حالة من الوجد الإنساني الجميل وحلم بتحقق الحب ومشاعره وأحاسيسه الجميلة.
بدأت الحلقة بالشاعرة الجزائرية رابعة العدوية بدري بقصيدة “سفر وحنين”:
ما لامست كفاي أنقاض الأسى
إلا وقامت لذكر أمي بيت
أفرغت صدري فيه مؤمنة بها
يممت شطر فؤادها صليت
مازال تكثر في مداي دروبها
مازلت أمشي كي أقول أتيت
أتيت
والشاعرة وفقا لعضو لجنة التحكيم صلاح فضل تحمل نفحة من روح وشعر المتصوفة والشاعرة رابعة العدوية، حيث رأى أن القصيدة يفوح منها عطر الشعر والأنوثة معا وتعبر خير تعبير عن تلك العلاقة الحميمة التي تربط الابنة بأمها وما يداخلها من شغف، مؤكدا أن أبياتها تقطر بجماليات الحب والقدرة على التعبير عنه عبر المزج بين الأشكال الشعرية.
ولفت علي بن تميم وعبدالملك مرتاض إلى تمكن الشاعرة من لغتها وامتلاكها لمفردة خاصة وقدرتها على المزج بين القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة بسلاسة، واعتبرا أن حضور روح الشعر للمتصوفة رابعة العدوية كان واضحا في حنين الابنة إلى أمها حنين العشق الصوفي.
أما قصيدة الشاعر العراقي سعد جرجيس “قمر وأصابع الحرب” والتي جاء فيها:
أخاف عليك من زمن القتال
ومن ليل به صوت اشتعال
ومن درب يظل بلا طيور
ومن شجر يطل بلا ظلال
تعالي لا تبالي إن أنثى
تحاورها الكواكب لا تبالي
فقد واجهت انتقادات شديدة من أعضاء لجنة التحكيم حتى أن صلاح فضل قال إنه كان ينتظر من الشاعر القادم من العراق أن يكون على قامة الشعر العراقي ورموزه الكبار الذين أثروا الشعر العربي قديمه وحديثه، لكن قصيدة الشاعر جاءت مخيبة للآمال.
وقال علي بن تميم إن التكرار في القصيدة يكشف عن ضعف في بنيتها، وإن لي ذراع الكلمات وسيطرة القافية واستعبادها للشاعر ذهب بالقضية الأساسية التي تعالجها وهي الحب والحرب.
وعلى الدرب نفسه سار عبدالملك مرتاض الذي قال إن العراق يمتلك قصائد عظيمة لذا فإن قصيدة الشاعر تبدو وكأنها ليست عراقية، فصورها تحتاج إلى بلورة ومعالجتها لقضية الحب في زمن الحرب هشة وضعيفة.
وأثنت لجنة التحكيم على قصيدة عائشة الشامسي “تلاوة للوجد في محراب الذكرى” والتي جاء فيها:
أتذكرني!.. فإني طفلة هزت
جدار الصمت باستحيائها علنا
وما أدراك ما الأنثى إذا هبت
تسافر تقتفي أحلامها وطنا
وتنفض من عباءتها هنا وهما
وتمضي ظلها باق وإن ظعنا
أتذكر كفي المغلول أعواما
فمن يهدي لنا بابا يحررنا
فندلف فيه نكتب فيه عشاقا
ونشرب كأس وحشتنا فيسكرنا
أتذكر وجهي المسكون في شعري
وأرى فيه لو تدري أنا وأنا
ورأت لجنة التحكيم في قصيدة الشامسي جرأة في تناول قضية المرأة والنظرة الذكورية والمجتمعية التقليدية لها، ولفت د.مرتاض إلى بساطة وعمق النص في آن حيث تكشف أعماق النص عن توهج عاطفي ووجودي. لافتا إلى أن القصيدة تجربة في الحرية والشعر والبوح العسير ترتقي بالوجد المشبوب. فيما تساءل بن تميم: هل يتناسب هذا التفجر المتوهج مع امرأة معاصرة؟ وحكاية المرأة السجينة التي تعيش مع السجان؟ وأكد أن الشاعرة تحمل قدرة واضحة على بلورة رؤاها العاطفية والإنسانية.
أما فضل فقال إن الشاعرة في قصيدتها تتخذ موقفا وجوديا فيه تحد وثورة على كل ما يكبل انطلاقها.
واختتمت الحلقة بالشاعرة المصرية ميار أحمد وقصيدتها “في محراب الشوق”:
والله لم يزد النوى غير الجوى
قل كيف يرتد الفؤاد عن الهوى؟
آمنت لا بالحب بل بعذابه
ألا شريك لمن على قلبي استوى
وليت أشواقي قبيل مدامعي
شطر انتظار سل من روحي القوى
مد الغياب دروبه فتمهدت
ما للقاء طريقه عنا انطوى
أشاد الناقد فضل بالشاعرة والقصيدة وبدفقات الحب وانسيابيتها التي تتجلى في البساطة والعمق والشفافية، على العكس من بن تميم ومرتاض اللذين لم تنل القصيدة إعجابهما وآخذا عليها الكثير من الملاحظات.
وفي ختام الحلقة تأهلت الشاعرة رابعة العدوية بدري إلى الجولة التالية بقرار لجنة التحكيم، فيما يتأهل الباقون بنسب التصويت التي تجري هذا العام على موقع المسابقة.