آثار مشاريع الوقود الأحفوري على التغير المناخي وحياة السكان في مصر
القاهرة – أحمد سبع الليل
أعلنت الشركة القابضة لكهرباء مصر، في 25 يونيو 2018، عن اختيارها تحالفًا صينيًّا لتنفيذ محطة كبيرة لتوليد الكهرباء من الفحم بمنطقة الحمراوين على ساحل البحر الأحمر، بقدرة 6 آلاف ميجاوات، المحطة التي تعد الأولى في مصر والأكبر والأحدث على مستوى الشرق الأوسط.
كما أعلنت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، عن افتتاح أكبر تجمع لتوربينات الرياح على مستوى العالم بجبل الزيت آخر يونيو 2018، بتكلفة 12 مليار جنيه، بإجمالي عدد توربينات 300 توربينة بواقع 3 مشروعات، بكفاءة 580 ميجاوات من طاقة الرياح.
ووقفت مصر موقفًا حير خبراء البيئة والطاقة، وأثار حالة من الجدل، مع تنفيذ الحكومة المصرية هذان المشروعان الكبيران، والذي يعتمد أحدهما لتوليد الطاقة من الرياح، والآخر لتوليدها من الفحم، الأمر الذي يعد تبايناً واضحًا حيث التوسع في الاعتماد على الطاقات المتجددة النظيفة، وخطط لزيادة الاستثمار بأكثر الطاقات الأحفورية تلويثًا للبيئة وهو الفحم.
“السياحة” تتبنى مبادرة لتشجيع الفنادق على توليد الكهرباء من الشمس
ومؤخرا قامت وزارة السياحة المصرية، بتبني مبادرة تشجع الفنادق على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، من خلال استغلال أسطح الفنادق لتركيب محطات شمسية بتكنولوجيا الخلايا الضوئية.
المبادرة التي انطلقت أواخر يناير 2019، بأحد أشهر الفنادق في مصر والذي يعد أول فندق ينشئ محطة خلايا شمسية لتوليد الكهرباء، من جانبها شددت وزارة السياحة على ضرورة استخدام الطاقة النظيفة في الفنادق، الأمر الذي يعمل علي توفير 25 % من استهلاك الكهرباء، وأوضح وزير الكهرباء المصري، الدكتور محمد شاكر، أن العالم يهتم بالطاقات المتجددة خاصة مع الانخفاض المستمر في أسعارها وتطور التقنيات المستخدمة في إنتاج الكهرباء، وذلك تزامنا مع تزايد الاهتمام العالمي بقضايا التغير المناخي وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري، وتأثيراته على صحة الإنسان والبيئة.
إشادة
كما أشاد الموقع الإلكتروني للمنتدى الاقتصادي العالمي، ببناء أكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم في مصر، وقال الموقع إن واحدا من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم وأكثرها طموحا يتم تنفيذه في أحد المواقع بالصحراء الغربية على بعد 659 كيلو متر جنوب القاهرة.
وأوضح التقرير الذي نشر آواخر يناير 2019، أن مجمع بنبان للطاقة الشمسية سينتج ما يكفي من الكهرباء لتشغيل مليون منزل، والأكثر من هذا أنه جزء من إستراتيجية بالكامل لمشروعات البنية التحتية التي ستشهد بدء الحكومة المصرية في العمل عن قرب مع الشركات الخاصة.
ولفت التقرير إلى أنه من المتوقع أن يتم التشغيل في 2019، وسوف يضم 32 محطة للطاقة عبر مسافة 37 كيلومتر مربع، وستكون قادرة على توليد 1650 ميجاوات من الكهرباء. وبهذا ستقطع مصر شوطا طويلا نحو تحقيق هدف إنتاج 20% من طاقتها الكهربائية من خلال مصادر الطاقة المتجددة.
المصريون ينتجون فيلمًا تسجيليًا لرصد تأثيرات الفحم السلبية على المجتمع والبيئة
وفي منتصف عام 2016، رصدت المخرجة شيرين طلعت، عدد من القصص والمشاهد الواقعية في فيلمًا وثائقيًا حمل عنوان “الفحم… مصر: لوحة لم يرسمها فان جوخ”، أبطاله أناس حقيقيون عاشوا بالقرب من مصانع الإسمنت التي تستخدم الفحم وقودًا لها، و عانوا ويلات التلوث، وتعالت صرخاتهم الاحتجاجية، التي رصدتها المخرجة المصرية في فيلم مدته لم تتجاوز ١٩ دقيقة.
من جانبها أكدت المخرجة، شيرين طلعت”، أن حملة “مصريون ضد الفحم” لاقت قبولاً واسعًا بين المجتمع المصري، والفيلم كان به حالات من المجتمع المحيط بمصانع الأسمنت وغيرها، عانوا صحيًا وبيئيًا بسبب معيشتهم بهذه المناطق، مضيفة أن الحملة توقفت لأسباب ضعف العمل العام في مصر.
“مصريون ضد الفحم” حملة شعبية لمواجهة أثر الوقود الأحفوري على البيئة
كما أطلق المصريون عدة حملات الكرتونية عديدة، كان أهمها “مصريون ضد الفحم”، الحملة التي لاقت قبولا واسعًا منتصف عام 2016، وشارك فيها عدد من المواطنين الذين تواجه بيئاتهم استخدام كثيفًا من الفحم والغاز والبترول، في تحرك من هؤلاء المواطنين، للإبقاء على الوقود الأحفوري في الأرض، وتسريع التحول العادل إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100% ومستقبل مستدام للجميع، حفاظًا على صحتهم ودعمًا للكوكب.
كبير مستشاري وزارة البيئة الدكتور حسين أباظة، شدد على أهمية إستخدام مصر للوقود الأحفوري كضرورة اقتصادية بسبب ارتفاع الدولار، موضحا بأن هذا الأمر يتطلب تحول مصر نحو الكفاءة في استخدام الطاقة أي كانت، والترشيد في استخدام الطاقة بكافة أشكالها، حتى على مستوى المواطنين، مشيرا إلى أن لهذا آثار إيجابية ناتجة من الإصلاح الاقتصادي الذي قامت به القيادة السياسية.
وتابع قائلا “أنه ومع انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة، توجهت الدولة نحو استخدام الطاقة المتجددة وذلك لسد الطلب المتزايد على الطاقة سواء الاستهلاك المنزلي أو الأنشطة الإنتاجية مثل السياحة أو الصناعة أو التجارة وغيرها”.
وأكد “أباظة”، على أن ارتفاع الدولار تسبب في زيادة تكلفة استيراد الطاقة الاحفورية، والضرورة تطلبت تقليل تكلفة الاستيراد، نتيجة ارتفاع الدولار وزيادة الأسعار عالميًا، حتى ولو لم توجد مشكلة في التغير المناخي، فأنت مضطر لذلك اقتصاديًا”.
وأضاف “هناك توجه للدولة نحو أوجه الطاقة النظيفة، وأعطى مثالا على ذلك، محطة بنبان التي تعد أكير مشاريع الشرق الأوسط لإنتاج الطاقة من الشمس، وأيضا الإهتمام الشديد للدولة لتشجيع زيادة استخدام السيارات الكهربائية، واللجوء إلى استخدم الوقود الأحفوري كضرورة اقتصادية، والتحول للطاقة المتجددة بكثافة سواء طاقة الرياح او الشمس، وتشجيع الإعتماد على السيارات والنقل العام المستخدمة للطاقة الكهربائية”. أما على صعيد قطاع الإسكان، فقال “هناك مدن مستدامة يتم إنشائها حاليًا في مصر، وهناك ايضًا السياحة البيئية والفنادق الخضراء لاستخدام اسطح الفنادق في إنتاج الطاقة الشمسية، والزراعة ايضًا بها تحول في استخدامات الطاقة لضخ المياه وايضًا ترشيد المياه، عن طريق الري بالتنقيط”.
الوقود الأحفوري يؤثر على العالم وقد تغرق مدن بالكامل
وأكد كبير مستشاري وزارة البيئة للتنمية المستدامة الدكتور حسين أباظة، على أن ثاني أكسيد الكربون المتزايد ينتج عنه زيادة في الانبعاثات الحرارية التي ينتج عنها زيادة درجات الحرارة، وهذه مشكلة عالمية حيث تتسبب الحرارة المتزايدة في اذابة الجليد ثم يتحول إلى ماء وارتفاع منسوب البحار وتآكل المناطق العمرانية الواقعة على السواحل، وقد تغرق مدن نتيجة لذلك، وهناك عدة بلاد ستتضرر بنسبة كبيرة، فعلى سبيل المثال تكونت الدلتا نتيجة ترسيب الطمي، ومصر ضمن اتفاقية باريس للتغير المناخي ونحن ملتزمون بها.
العالم يسير مغمض العينين متجاهلاً التغير المناخي
وذكر أباظة، بأن العالم كله يسير مغمض العينين عن الكارثة التي سيتعرض لها العالم نتيجة التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، وكانت هناك توقعات باستخدام مصر للطاقة بنسبة أقل وهذا لم يتحقق، والمعدلات أعلى مما تم التخطيط لها، وإذا استهلك العالم مثل مصر، ستحدث كارثة، لكن مصر في مرحلة تحول كبيرة، وهناك دول كثيرة كانت تعتمد اعتماد كلى على الفحم مثلا لكنها تغيرت تدريجيًا، وهناك خطط مثلاً ألمانيا تقول إنها سنة 2035 لن يكون هناك فحم، والصين بها نسبة كبيرة جدا من التلوث، لأنها تستخدم الفحم بشراهة شديدة، لكنها وعت حجم المشكلة وبدأت في التخطيط لتقليل الاستهلاك، والتدريج في التحول إلى الطاقة المتجددة والنظيفة أمر هام، لأن الطاقة الأحفورية ستنتهي على أي حال.