الذهب الأحمر في غزة يتحدى الحصار ويصل الأسواق العالمية بعلامة الجودة

زراعة الفراولة أو التوت الأرضي أو ما يطلق عليه في قطاع غزة “الذهب الأحمر” تعد من أشهر الزراعات التي حصدت اعترافاً دولياً في الجودة، بعد أن اكتشف الأوروبيون أن أرض بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، من أفضل الأراضي الخصبة والمناسبة لزراعة الفراولة، ورغم ذلك لم تفلت المحاصيل الموسمية من قبضة الحصار المفروض منذ 11 سنة على القطاع، الأمر الذي تسبب بفرض واقع غير مريح على هذه الزراعة، في ظل تمسك بعض المزارعين بها لأصالة وجودة ما يزرعون.

الفراولة ابنة مناخها وشمال قطاع غزة يناسبها

 

يقول المزارع أكرم أبوخوصة: أفضل مناخ في العالم لزراعة الفراولة هو مناخ بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، ويساهم هذا المناخ بإخراج حبة الفراولة بحجم كبير مع احتفاظها بمذاقها الحلو، بينما زراعتها في أماكن كإسرائيل يعطي حبة كبيرة ولكن مذاقها ليس بحلاوة ما تخرجه أرض بيت لاهيا.

ويضيف: هذا الأمر اكتشف من قبل الأوروبيين حقيقة، لذا كان اهتمامهم لافتاً للنظر، وخاصة أن الهولنديين تدخلوا بشكل كبير وضغطوا على إسرائيل لكي تسمح بتصدير الفراولة إلى الأسواق الأوروبية، ونجحوا في ذلك عام 2006 حتى يومنا هذا، والميزة الثانية لزراعة الفراولة في بيت لاهيا هي المياه الحلوة التي تروى بها، وخصوبة الأرض واعتدال ملوحتها، ورغم ذلك المساحات التي كانت تزرع بالفراولة تمَّ تقليصها بشكل كبير، فبعد أن كانت المساحات الزراعية المخصصة للفراولة 2500 دونم في سنة 2009 ومع الحصار والمعوقات الكثيرة تقلصت في بعض الأعوام إلى 450 دونماً، إلا أن تحسناً طرأ على التصدير إلى الضفة الغربية، في عام 2018 فوصلت المساحات المزروعة بالفراولة 1000 دونم، وفي هذا العام توسعت المساحة إلى 1200 دونم.

 

الفراولة تحمل اسم فلسطين في أوروبا

ويقول أبوخوصة: كل دونم فراولة ينتج 3 أطنان، أي 30 ألف طن في السنة هي الكمية التقريبية التي ينتجها قطاع غزة من الفراولة، ثلث الكمية يتم تصديرها إلى الضفة الغربية والأسواق الأوروبية، والباقي إلى السوق المحلي، وبالنسبة إلى إسرائيل فهم لا يستقبلونها رغم الاعتراف الدولي بجودة الفراولة، ولكن تصديرها إلى السوق الأوروبية يتم باسم فلسطيني، وشعار فلسطيني، وتكاد تكون هي الثمرة الوحيدة التي تدخل الأسواق الأوروبية باسم فلسطين.

 

انعدام الأمن والاستقرار وارتفاع تكلفة الزراعة يهددان الفراولة

وعن الصعوبات التي تعترض مزارع الفراولة يقول أكرم أبوخوصة: أهم المعوقات أمامنا هي انعدام الأمن والاستقرار، خاصة وأن أرض الفراولة ملاصقة للحدود الشمالية لقطاع غزة، وفي بعض الأوقات يحرم علينا دخول أراضينا تحت ذرائع التوتر، أو وجود حالات تسلل.

ويضيف: المُعوِّق الثاني لزراعة الفراولة يكمن في توفير المبيدات والأسمدة الضرورية، وغالباً ما تمنع إسرائيل دخول المواد الزراعية والأسمدة، والمعوق الثالث والأهم هو التكلفة المرتفعة لزراعة الفراولة، لأن الشتلة الواحدة تكلف المزارع 12 شيكلاً ما يعادل 4 دولارات، إضافة إلى ارتفاع سعر الأسمدة والأدوية والمبيدات الزراعية، واحتكار الشركات الإسرائيلية لهذه المواد، ودخولها إلى قطاع غزة، يتطلب الكثير من الجهود، وغالباً ما يتدخل الأوروبيون لحل هذه الإشكالية.

الجودة العالمية وغياب الدعم الوطني الحقيقي

تفيد وزارة الزراعة الفلسطينية بأن زراعة الفراولة في غزة حصلت على الجودة العالمية، ضمن نظام شبكات التسويق العالمي (جلوبال جاب)، وأغلب مزارعي الفراولة يحملون هذه الشهادة، لتمكينهم من تصدير محاصيلهم إلى خارج قطاع غزة.

ورغم ذلك يقول المزارع وائل أبوخوصة: ينحصر الدعم الرسمي لوزارة الزراعة لمزارعي الفراولة على الإرشاد والتوعية الزراعية، ودروس في كيفية تحسين المحصول، ودور الجمعيات المتخصصة في الفراولة يبقى مبنياً على تسهيلات قدر الممكن مقابل نسبة تحصل عليها، وهذا يزيد من أعباء المزارع وارتفاع تكلفة الفراولة.

هذا ويشغل القطاع الزراعي وفق إحصائيات وزارة الزراعة الفلسطينية نحو 11% من القوة العاملة في قطاع غزة، أي ما يقارب 44 ألف عامل.

الفراولة والسياحة الزراعية

وينهي أبوخوصة حديثه مع “العين الإخبارية” بقوله: إن موسم الفراولة يبدأ من شهر ديسمبر/كانون الأول ويستمر حتى نهاية فبراير/شباط، لذا فكرنا كمزارعين الاستفادة من زراعة الفراولة المعلقة، وتحسين كمية إنتاجها، كما أضفنا إلى الدفيئات الزراعية مساحات محيطة بها وحولناها إلى استراحات سياحية لجلب المواطنين إلى مزارع الفراولة، والترويج لبيعها مع تقديم خدمات ترفيهية أخرى كخلق متنفس لسكان قطاع غزة، وإبقاء الذهب الأحمر في صدارة ما تزرعه غزة.

 

نقلا عن العين الإخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى