الاقتصاد الإيراني يئن تحت صراع الأجنحة و“قبضة فاسدة“
النشرة الدولية –
سلَّط تقرير لوكالة ”بلومبيرغ“ الاقتصادية الأمريكية، الضوء على ”الفشل الاقتصادي“ في إيران، في ظل تغلغل الفساد داخل البلاد.
وقال التقرير إن ”الأيام العشرة التي ستنتهي، الإثنين، لاحتفالات إيران بالذكرى الأربعين لثورة 1979، لم تستطع أن تخفي حقائق الفشل الاقتصادي المتراكم، والمتضمن فساد المحسوبية، وغياب العدالة، ونهج التسلط والعقوبات، فضلًا عن قطاع مصرفي متهالك يئن تحت كل هذه الأثقال“.
وأضاف أن“ذروة المفارقات تظهر في أن القوة التي اتخذت اسم الإسلام تنتهي بعد أربعين عامًا بالترويج إلى أنها ستفتتح قريبًا في الحي الشمالي الغربي لطهران أكبر مول تجاري في العالم، وهي بذلك تستبدل شعار ثورة العدالة بشعار ثورة التسوّق الاستهلاكي من خلال مول تجاري ضخم“.
وفي هذه المفارقة، كما يشير التقرير،“تأكيد على أن الثورة الايرانية أضاعت أهدافها، وأنها فشلت بتحقيق شعاراتها بالرفاه، والعدالة، واستبدلتها بسوء الإدارة، ونهج تصدير الفوضى للدول المجاورة التي تجاوزتها في أرقام التنمية والنمو“.
ويسجل التقرير أن ”معدل أمية النساء في إيران تضاعفت أكثر من ثلاث مرات خلال السنوات الأربعين الماضية، كذلك القطاع النفطي الذي لم يتعافَ منذ الحرب مع العراق، ومثله القطاع المصرفي“.
ويصف علي فائز، مدير مشروع إيران في ”مجموعة الأزمات الدولية“، هذا كله بأنه ”بعثرة جيل إيراني كامل“.
ويصف التقرير“تسلط الملالي على البلاد منذ العام 1979 بأنه قبضة موسومة بالفساد، استهلك فيها التضخم رواتب الموظفين والعمل، وأشعلت فيها العقوبات الأمريكية دواعي الشكوى لدى الإيرانيين، وهم يشهدون تقلص موارد الدولة، ويخرجون للشوارع معبّرين عن اليأس من قدرة نظام الملالي على توفير الحد المعيشي الأدنى“.
ويسجّل التقرير معارك شرسة داخل أجنحة النظام الإيراني بشأن الطريقة التي يمكن فيها إعادة تدوير عجلات الاقتصاد.
فرئيس الجمهورية، حسن روحاني، يرى وجوب أن تخضع المؤسسات الكبرى التابعة لسلطة المرشد الأعلى إلى دفع الضريبة، بما في ذلك الحرس الثوري.
فهذه المؤسسات استحوذت، طوال العقود الماضية، على المؤسسات الصناعية والاستثمارية الكبرى، فضلًا عن النزف الهائل الذي أرهق إيران جراء أحلامها النووية التي كان روحاني العام 2015 أحد مؤيدي وقفها، وفقًا لتقرير ”بلومبيرغ“.
وفي المقابل، كما تقول، بلومبيرغ، فإن المرشد الأعلى، علي خامنئي يقود جناحًا يتبنى فكرة ”اقتصاد المقاومة“، وهو جناح يبدو الآن أنه يتعرض للعزلة تحت ضغط الصدمات الخارجية.
وقناعة خامنئي -كما يقول علي فائز- هي أن الانفتاح الاقتصادي والسياسي سيُضعف مركزية النظام وسطوته.
أما بالنسبة لقطاع القضاء الذي يسيطر عليه الملالي، فإنه لا يكف عن ملاحقة رجال الأعمال تحت شعار محاربة الفساد، وهو الشعار الذي جرى إحياؤه خلال الصيف الماضي، ويتزايد عدد الذين يجري اعتقالهم بموجبه.
ويشير التقرير إلى أن تفاقم الضائقة المالية في إيران أجبر“مؤسسة المُستضعَفين“ التي يسيطر عليها الملالي، أن تعلن في أغسطس الماضي عن وقف بناء العقارات المرفَّهة، والمولات.
وفي المقابل فإن القطاع المصرفي يعاني، ليس فقط من نضوب السيولة، بل أيضًا من تفاقم ظواهر الفساد التي انتهت بالاعتراف الرسمي بأن 94% من قروض بنك ”سارماية“ على سبيل المثال، هي قروض مشبوهة ومشكوك بسدادها.
ويفسر الاقتصادي الإيراني، سعيد لايلاز، هذه الظاهرة، بأنها ”نتيجة طبيعية لتبعية البنوك لمؤسسة الملالي التي ترى في البنوك أداة تمويل لبرامج الحرس الثوري، والأنشطة المسلحة خارج الحدود“.
ويعطي التقرير مثالًا على هذا الفساد، وسوء الإدارة، في مبنى ”مول إيران“ الذي ما زال بناؤه يراوح منذ 7 سنوات.
وتغطي أرض المول مليوني قدم مكعب، والشروع فيه كان أيام الرئيس محمد أحمدي نجاد، عندما كانت العائدات النفطية تسمح بمشاريع من هذا النوع، حتى وإن كانت مرتعًا للفساد.
وكانت وكالة ”فارس“ للأنباء كشفت في تقرير بأن حجم ما جرى استثماره في هذا المول، بلغ 220 بليون ريال ايراني (7.6 مليون دولار في حينه) قروضًا من بنك آياندة، لكن التقرير جرى سحبه من أرشيف وكالة الأنباء الرسمية في اليوم التالي.
وتصل مفارقات الفساد ذروتها في القصص التي انتشرت في طهران منذ يناير الماضي بأن رئيس مجلس إدارة بنك آياندة، رجل الأعمال على أنصاري، غادر إيران هاربًا بثروة تقدَّر بمليارات الدولارات.
واكتفى البنك المركزي الإيراني بالإعلان عن أن البنك لن يُعلن إفلاسه الآن.