إنما الدنيا حكاية.. وما أحلى الرجوع إليه
بقلم – د. حنان بدر الرومي
تمضي السنوات مسرعة.. جيل يسلم الأمانة للجيل الذي يليه.. أصبحوا ماضيا، كما أصبح الحاضر حاضرا، أما المستقبل فبعلم الغيب.. لكن يظل لكل زمان أهله وحكاياتهم التي نسجوها.. منها ما كانت البسمة عنوانه وأخرى صاحبت الألم وبعضها عزفت بألحان المشاعر الإنسانية المتنوعة.
سلسلة جديدة من «الحزاوي» ستأخذنا أحيانا للزمن الماضي بكل عبقه الجميل، كما ستحط بنا الرحال في وقتنا الحاضر لنروي حكايات أشخاص حقيقيين ومن جنسيات متعددة، منهم من رواها لي بنفسه والبعض الآخر وصلني من المقربين منهم أو ممن عاصروهم.. حكايات متنوعة نستقي منها العبر والدروس التي لا تحصى.. وتظل الدنيا حكاية.
انفتح باب مطار ليون الأوتوماتيكي للخروج.. الهواء البارد جدا يتسلل لداخل المطار ليخبر القادمين أن الجو في الخارج شديد البرودة.. الناس من حولها يدفعون عرباتهم بسرعة خوفا من ابتلالها بالمطر.. تسمرت روضة في مكانها لثوان شعرت بالخوف كالتيار الكهربائي يسري في جسدها.. أخذ قلبها يخفق بقوة.. ازدردت لعابها بعد أن جف حلقها تماما لم تشعر ببرودة الجو فجسمها حار جدا.. إنها ليست مريضة إنما مهمومة وخائفة.
أحست بيد تجر ملابسها وصوت صغيرها يعيدها للواقع مرة أخرى وهو يقول بطفولة: أمي.. أنا بردان.
نظرت نحو صغيرها ذي الأربعة أعوام والذي تمسك بجاكيتها فوجدته يرجف من البرد وقد اصطبغ وجهه باللون الأحمر.. فتحت الحقيبة الصغيرة بسرعة وأخرجت المعطف وألبسته إياه ووضعت القبعة على رأسه.. نظرت لوجهه البريء وتنهدت بحزن وهي تغمغم: ماذا سيحدث لنا يا صغيري في هذه الغربة؟
سألت الموظف المختص بلغة فرنسية سليمة عن مكان الباص الذي سيأخذها للفندق.. أشار لها لمكانه.. رفعت ابنها عن الأرض وأجلسته على الحقائب وطلبت منه أن يتمسك جيدا لأنها ستسرع بالمشي.. هز الصغير رأسه.
٭ ٭ ٭
تنتمي روضة لإحدى دول المغرب العربي..عاشت مع والديها وشقيقها في منزلهم الذي ورثه والدها من أبيه وأجرى عليه بعض التغيرات ليتناسب معهم، خصوصا إن والدتها كانت تمتهن الخياطة ولكن في المنزل.. منذ نعومة أظافرها وهي تلعب بالأقمشة والخيوط حتى تعلقت بمهنة الخياطة وتلمذت على يد والدتها.. في مدينتهم الهادئة وداخل منزلهم التراثي ذي الطابع الأصيل وبين النفوس الطيبة قضت طفولتها الجميلة وبداية شبابها.. وضعهم المادي جيد فوالدها يملك بقالة صغيرة ووالدتها لها زبائنها.. عندما بلغت العشرين من العمر رشحتها إحدى الجارات كزوجة لأحد أقاربها الذين يسكنون العاصمة.. وجدته شابا مهذبا ملتزما دينيا ويدير منجرة تدر عليه ربحا جيدا.. أخبرها بأنه يقدر إن للزوجة خصوصيتها لذلك فسيستأجر لها شقة للسكن بعيدا عن بيت عائلته.
٭ ٭ ٭
تزوجت روضة وانتقلت إلى العاصمة والتي تبعد عن بلدتها آلاف الكيلومترات..
بدت لها الحياة جميلة وجديرة بالاهتمام فزوجها لطيف وحنون في تعامله معها وبرغم كثرة انشغالاته إلا أنه يخصص لها وقتا فيأخذها للحدائق والمنتزهات والأسواق، كما حرص على إعطائها دروسا في الدين وأحكامه.. كانت روضة مسلمة بالوراثة معلوماتها الدينية قليلة وجدت في علم زوجها الديني ما شجعها على أن تناقشه في بعض الأمور العقائدية والأحكام وكان الزوج يرد عليها بهدوء وباستفاضة بالشرح والتوضيح التام.
بمرور الأيام بدأ حب الزوج يتمكن من قلبها الغض فاجتهدت لإرضائه.. تحجبت والتزمت بحضور الدروس الدينية مع الجماعة.. تعودت روضة على مملكتها الخاصة وعلى حياتها الجديدة ولكن الوحدة تظل كالوحش ينهش القلب والعقل، فهي غريبة بلا أهل ولا أصدقاء ومعظم الوقت تقضيه في المنزل وحدها وزيارتها لأهل زوجها البعيدين عن منزلها قليلة لانشغال زوجها الدائم وحضور الدروس لا يكون صداقات بل علاقات عامة.. بعد إلحاح طويل قبل زوجها انضمامها لدورات خياطة في أحد المعاهد المعروفة.
٭ ٭ ٭
تمكنت روضة من مهارات التفصيل والخياطة ولفتت نظر المدربات فرشحنها للعمل في مشاغل مشهورة.. رفض زوجها ذلك بحجة أن وضعه المادي جيد وهم ليسوا بحاجة لعملها كما ان عليها أن تتذكر انهما اتفقا على تأخير الإنجاب مدة عامين والآن قد حان الوقت لتكبر الأسرة.. سايرته روضة لرغبتها بالذرية وبدأت بمراجعة طبيبة نساء.. أنجبت ولدها الذي ملأ حضوره للدنيا قلب والديه فرحا.. استحوذ الصغير على وقت أمه وتفكيرها فصارت حياتها تتمحور حول العناية به وتهدئته.. احتاجت روضة لأشهر قبل أن تعود لماكينة الخياطة ومتابعة الدروس الدينية وكلما كبر الصغير أصبح الوقت أكثر اتساعا لروضة.. حملت بعده أكثر من مرة ولكن لم يكتب للحمل أن يستمر.
٭ ٭ ٭
مرت ست سنوات ولم ترزق روضة إلا بولدها الوحيد ولكن الحياة في نظرها كانت مشرقة وبراقة ومفعمة بالحيوية والأمل فلقد أحبت حياتها الأسرية وأعطتها جل اهتمامها كما نجحت في تكوين علاقات صداقة وزمالة عديدة مع جاراتها وزميلات الحلقات الدينية ومع زوجات أصدقاء زوجها.. شجعها زوجها في أن تستغل هوايتها بالمشاركة في مهرجانات الجمعيات الخيرية.. كان الفرح يملأ قلبها عندما تشاهد الملابس التي تخيطها تباع بالكامل مما دعم ثقتها بمهاراتها.
٭ ٭ ٭
أسرّت لها إحدى جاراتها يوما بأن زوجها متزوج من أخرى منذ أشهر وأن الجديدة سيدة غنية وتكبره كثيرا بالسن.. ثارت ثائرة روضة للخبر وكذبت الجارة التي عاملتها بكل لطف وهي تقول: تمنيت أن لا أنقل لك هذا الخبر الأليم فأنتِ طيبة جدا ولكنني لا أريدك أن تكوني آخر من يعلم.
عرفت روضة من الجارة والتي تعمل في احدى الصالونات النسائية الكبيرة أن السيدة الغنية زبونة لديهم وأنها قد استدعتهم منذ أشهر ليرتبوا مظهرها لحفل زفافها وبعد ذلك طلبت منهم الانتظار ليأخذوا من الحلوى بعد انتهاء عقد القران.. فوجئت الجارة بأن العريس هو زوج روضة.. كذبت عينيها ولكنها صممت على أن تتحقق من ذلك.. وخلال زيارات السيدة فيما بعد للصالون تيقنت أن العريس هو جارها وأنه كان يقوم ببعض أعمال النجارة لمنزل السيدة وهكذا تم التعارف.. استلطفت السيدة زوج روضة كثيرا وأعجبتها أمانته وتدينه وسعت لتوثيق علاقتها به ونجحت.. وانه أخبرها بأن لديه زوجة وطفلا لكنها لم تمانع من ذلك.
٭ ٭ ٭
انقلبت حياة روضة فأصبحت كثيرة الشجار مع زوجها وأصبح البيت المستقر مهددا.. فاجأتها ردود أفعال زوجها اللامبالية بها فهو يرى أن زواجه الثاني شأن خاص به وأن عليها تقبل الموضوع فالشرع حلل له أربعاً.. نصحتها الجارات بالتزام الهدوء للتفكير ولكن قلبها كان يحترق كلما شاهدته يبتعد أكثر عنها وعن بيته وان حياة العز والعلاقات الجديدة نقلته لعوالم لم تخطر له ببال.. أصبح كثير الغياب وأهمل بيته وابنه.. رضخت روضة للواقع المر لعله يعود لها يوما ولكنها فوجئت بوصول ورقة الطلاق لها ومعها مبلغ من المال وإنذار بأن إيجار الشقة لم يعد من مسؤوليته.
كانت الصدمة قوية جدا على روضة، سعت لأن تقابله في المنجرة ولكنه أمر العمال بطردها.. وسطت أصدقاءه من دون جدوى.. طالبته بنفقه الصغير ولكنه رفض بتعنت وهي لا تملك المال لتوكيل محام.. اتخذت قرارها بالعودة لأهلها.
٭ ٭ ٭
رجعت روضة الى بيت والدها.. عادت بصورة كائن مهزوز هش.. وقعت في بئر الكآبة والحزن فصدمتها كبيرة ودموعها لا تتوقف وهي تتساءل بغضب: لماذا فعل ذلك بها وهو الإنسان المتدين؟ أين دينه عندما ظلمها وظلم ابنه ومن دون سبب؟.. اجتهد والداها وشقيقها لدعمها ومساندتها.. لاحظ المحيطون بها أن ردود أفعالها أصبحت غريبة.. أخذت تتساءل: أين العدل في حرمان صغيرها من النفقة؟ وأين العدل في طلاقها المفاجئ؟ وهل الله يقبل الظلم؟ وهل الدين له أكثر من وجه؟ وغيرها من الأسئلة الغاضبة وعندما تأتيها الإجابات كانت تضع كفيها على أذنيها حتى لا تسمع.. رمت الحجاب تحت قدميها.. لاحظ أهلها توقفها عن الصلاة بدأت تناقش أفكار الإلحاد وترد بضراوة على كل من حولها.
٭ ٭ ٭
عن طريق مكتب موثوق به للعمل في الخارج حصلت على عقد عمل في أحد مصانع الغزل والنسيج في مدينة ليون الفرنسية.. باعت كل ذهبها ودفعت للمكتب المبلغ المطلوب لإنهاء جميع إجراءات السفر.. في اليوم المحدد حزمت الأمتعة وأبلغت والديها بقرار سفرها.. فوجئ الجميع بالأمر، حاولوا مناقشتها لكنها رفضت التحدث في الأمر.. خرجت من البيت وأغلقت الباب وراءها.
للغربة طعم مر أشد من مرارة الليمون.. تجربة قاسية عاشتها روضة باختيارها.. عالم غريب عليها مواجهته بنفسها.. حياة صعبة تكتنفها الوحدة، تعلمت خلالها الكثير من دروس الحياة الحزينة.. اشتغلت في المصنع لساعات طوال وفى إجازة نهاية الاسبوع تعمل نادلة في الكافيهات وأحيانا بائعة في المحلات.. تغيرت كثيرا وأصبحت جامدة الملامح كجمود غربتها.. لم تفكر يوما في الاتصال بوالديها أو حتى الاطمئنان عليهما.. مسحت من عقلها حياتها السابقة.. كانت تكلم ابنها باللغة الفرنسية، ابتعدت تماما عن التعامل مع العرب المهاجرين صبغت شعرها باللون الأشقر وعاشت بأسلوب حياة الأجانب، تناست دينها الإسلامي وعادات وقيم المجتمعات المسلمة لكنها لم تستطع أن تغير ملامح وجهها العربية أبدا.
٭ ٭ ٭
بعد عشر سنوات ترقت إلى مديرة للمخازن وارتفع دخلها كثيرا لذلك قامت باستئجار شقة أكبر بدلا من الاستديو الصغير.. أصبحت إجازة نهاية الاسبوع ملكها الخاص ترتاح فيها وتقوم بعمل ما تريده منفردة أو بصحبة ابنها.. أعادها للماضي إعلان دورة للخياطة.. اشتاقت نفسها لماكينة الخياطة وللإبرة والخيوط والأقمشة فاشتركت.. استعادت مهاراتها القديمة بسرعة وتمرست على فنون خياطة جديدة.. تعلقت كثيرا بالخياطة فأكملت سلسلة الدورات.. أثنى المدربون على كفاءتها.. عرض عليها أحد المدربين العمل خياطة بدرجة متقدمة لدى ماركة فرنسية جديدة وبراتب مجز على أن تنتقل الى باريس.. وجدت أن الحظ قد ابتسم لها فوافقت.
٭ ٭ ٭
العمل لدى المصمم يتطلب الكثير من الدقة والحرص ووفق نظام محدد.. استطاعت روضة أن تقنع الجميع بمهاراتها ودقتها وبرغم التعب الشديد والمجهود المضني إلا أنها كانت سعيدة بعملها وحياتها الجديدة في باريس.. في إحدى الأيام حضرت أميرة خليجية مع ابنتها العروس للاتفاق مع المصمم على فستان زفاف الابنة وشاءت الأقدار أن تمرض المترجمة فلا تحضر معهم لذلك كان التفاهم مع المصمم مستحيلا.. رشحت إحدى مساعدات المصمم روضة للترجمة بحكم كونها عربية الأصل.. اجتهدت روضة للمحافظة على رباطة جأشها وعدم رفض الترجمة فهي فرصة ذهبية للتعامل مع المصمم مباشرة.. سعت لتذكر الكلمات العربية التي اعتقدت أنها مسحتها من ذاكرتها.. مرت الترجمة بسلام وطلب المصمم أن تأخذ روضة رقم هاتف الأميرة للتواصل معها وهذا ما حدث.. لمدة أربعة أشهر كانت روضة هي حلقة التواصل بين الأميرة والمصمم.. سافرت مع فريق الشركة لبلد الأميرة لتسليمها الفستان والإشراف عليه يوم الحفل.. في البلد الخليجي استمعت لصوت الآذان لأول مرة بعد فترة انقطاع طويلة حاولت ألا يهزها ذلك، فالإيمان حسب ظنها ماهو الا خدعة كبيرة.
٭ ٭ ٭
كثر عدد الزبائن من جميع الجنسيات العربية وروضة هي من يقوم دائما بالترجمة.. ومن دون أن تشعر عادت للحديث والتفكير باللغة العربية.. زادت زياراتها لمختلف الدول العربية والخليجية.. كان صوت الأذان يرن في أذنها دوما.. بدأ الشك يتسرب لنفسها هل هناك إله حقا ليؤمن به هذا الجمع الغفير من الناس وهل هناك حياة أخرى سأحاسب فيها على إلحادي وكفري.. ولكن طريق الكفر والجهل الذي اختارته كان يملأ نفسها غرورا فترجع عن التفكير وتسعى لإلهاء نفسها.
في أحد الأيام شعرت روضة بضيق في صدرها وكأن قد وضع عليه الطابوق.. أخذت تدور في المنزل لتلهي نفسها عن التفكير بلا فائدة.. ابنها قد خرج مع أصحابه وهي وحيدة في المنزل.. ماذا عليها أن تفعل.. فكرت أن تفتح جهاز الكمبيوتر وتشغل نفسها بمشاهدة فيلم كوميدي.. كتبت اسم الفيلم وضغطت على الزر للمشاهدة لتخرج لها صفحة كتب فيها بداية سورة البقرة.. بتوتر شديد ضغطت لتغيير الصفحة.. شاهدت أمامها سورة يس على الشاشة.. ضغطت للمسح ولكن الصفحة أبت أن تنمحي، أغلقت الجهاز بغضب.. لأيام متتالية كانت صفحات من القرآن الكريم تظهر فجأة على شاشات موبايلها الخاص والكمبيوتر.. زاد الضيق في صدرها حاولت اغلاق عينيها عن مشاهدة الآيات الكريمة ولكن هيهات.. بعد صراع مع الشاشة لتغيير الآيات ظهر لها رجل يرتدي الثوب الخليجي وعلى وجهه علامات السكينة التي جذبتها للاستماع.. كان الشيخ يتحدث عن التوبة لله.. استمعت لكلماته وأن الله يقبل التوبة من عباده مهما تنوعت ذنوبهم إذا صدقوا في التوبة.. رتل الشيخ قوله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ـ الزمر: 53). شعرت بالخشوع وبدأت تنهمر دموعها بقوة ولسانها يردد كلمة واحدة فقط يا رب.. كان فجرا جديدا لحياتها قد بدأ.
٭ ٭ ٭
سعت روضة لتقوية إيمانها وتثبيته في قلبها فأخذت تتابع المحاضرات الدينية والتفاسير عن طريق الكمبيوتر واشتركت مع جماعة من المسلمين المغتربين في المركز الإسلامي القريب من منزلها.. بدأت تصلي بخشوع وتكثر من الاستغفار.. لمس ابنها باستغراب تغيرها المفاجئ فحدثته بصدق عن أصوله العربية الإسلامية وعن حقيقة إلحادها ودعته للعودة للدين.. اتصلت على عائلتها وطمأنتهم عن أحوالها بعد أن فقدوا الأمل برجوعها.. في الإجازة رجعت لأرض الوطن ومعها ابنها.. سعت للوصول لوالد ابنها وأرسلت إليه من يبلغه بوجود ابنها.. كان الأب في شوق لولده الوحيد فهو لم يرزق من الأخرى بذرية.
٭ ٭ ٭
أيقنت روضة أن الحياة ستستمر سواء ضحكت أم بكت وإن مصائب الحياة هي ابتلاءات من الله للبشر والتي تكشف جوهر الإنسان وحقيقته والتي ربما لا يعرفها هو بنفسه وإن القلب السليم هو الذي ينجح في اجتياز المحن ليثبت الله قلبه على إيمانه..أدركت أنها إنسانة قوية بتغلبها على أزمات الحياة فسامحت أبو ابنها على ما فعل.. ارتدت الحجاب ولكن فرنسا دولة ليبرالية علمانية وعملها يرفض الحجاب وهى بحاجة للراتب خاصة إن ابنها بالجامعة.. استخارت واستشارت من تثق برأيهم فكانت تخلع الحجاب عند باب الشركة وتعود لارتدائه بعد انتهاء ساعات الدوام.. ولكنها تشعر بالضيق من نفسها والخجل من ربها فكانت تكثر من الدعاء أن يلهمها الله الحل.. هدأت نفسها عندما وجدت أن عودتها لأهلها ووطنها فيه السكينة لنفسها فيكفيها ما عانته من وحدة.. أبلغت ولدها أنه بعد تخرجه تكون قد أدت الأمانة المطلوبة منها وهو حر باختيار طريقه فوالده الآن رجل غني ويمكنه أن يساعده خاصة أنه وريثه الوحيد أما هي فستعود لوطنها ولحضن والديها وشقيقها وأهلها.. وستفتح مشغل خياطة بما وفرته من كرم الزبائن العرب وبهذا لن تحتاج لأحد وستحفظ دينها.