انقسام المشهد الدولي ما بين «عشاء وارسو» ومؤتمر سوتشي… هل يُدخل المنطقة في حقبة جديدة؟
النشرة الدولية –
انقسم المشهد الدولي في الساعات الـ48 الأخيرة بين حدثين، الأول في وارسو حيث جمعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دولاً عربية ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مائدة واحدة، والآخر في سوتشي التي جمعت للمرة الرابعة محور أستانة المتعجل حسم الأزمة السورية لمصلحة أطرافه، مستفيداً من لحظة انسحاب واشنطن من سورية والقلق الذي يلاحق وجودها العسكري في العراق.
مائدة وارسو لم تقتصر على الملفات، فالعشاء الذي جمع نتنياهو، المقبل على انتخابات في أبريل، مع ممثلي الدول العربية كان محل احتفاء من رجالات إدارة ترامب وفي مقدمتهم نائبه مايك بنس الذي ركز في افتتاح المؤتمر على خطر إيران، دون أن تغيب عن ناظره «رئاسية ٢٠٢٠»، التي يرغب في الفوز بها إلى جانب رئيسه.
لكن رغم هذا المشهد المزدوج، كان الانقسام سيد الموقف في وارسو كما في سوتشي، فالدول الأوروبية التي خفضت تمثيلها لإيصال رسالة اعتراض إلى الحليف الأميركي لحقتها دول أخرى اعترضت بشكل أو بآخر على الاجتماع الذي أغضب كلاً من طهران والفلسطينيين، أما في سوتشي فالنزاع المتصاعد بين طهران وموسكو والذي اتخذ أشكالاً عنيفة أخيراً كان حاضراً إلى جانب معضلة إدلب.
وفي وارسو، قال بنس، لممثلي 60 دولة من بينها إسرائيل ووزراء خارجية 10 دول عربية: «نحن الآن شاهدون على بدء عهد جديد بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقادة البحرين والسعودية والإمارات، جميعهم يتقاسمون الخبز، وسيتشاركون في المؤتمر وجهات النظر الصادقة حول التحديات التي تواجهها المنطقة».
وأضاف: «بولندا والولايات المتحدة ترحبان بهذا الملتقى الذي يعتبر رمزاً للتعاون وإشارة مليئة بالأمل لمستقبل مشرق ينتظر دول الشرق الأوسط».
من جانب آخر، طلب بنس من الحلفاء الأوروبيين الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران ووصفها بأنها «أكبر تهديد للسلام والأمن في الشرق الأوسط»، متهماً إياها بالتخطيط لارتكاب «محرقة جديدة» بسبب طموحاتها الإقليمية.
وفي كلمته، دعا وزير الخارجية مايك بومبيو إلى عهد جديد من التعاون في الشرق الأوسط، وقال إنه لا يمكن لأي دولة أن تظل بمعزل عن التصدي للتحديات الإقليمية مثل إيران وسورية واليمن والسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وعقب كلمة الوزير الأميركي الذي تحدث وسط توتر مع الأوروبيين، أكد وكيل وزارة الخارجية الألمانية نيلس أنين أن «أوروبا ليست منقسمة حول قضية إيران»، لكنه دافع عن تمسك الاتحاد الأوروبي بـ«الاتفاق النووي» لمنع تطوير قنبلة نووية إيرانية.
من جهته، أشاد نتنياهو، خلال كلمته أمس، بالعشاء الافتتاحي للمؤتمر مساء أمس الأول، وقال إنه شكل «منعطفاً تاريخياً»، مضيفاً: «في القاعة جلس 60 وزيراً للخارجية يمثلون عشرات الحكومات، ورئيس وزراء إسرائيلي ووزراء خارجية دول عربية بارزة وتحدثوا بقوة ووضوح ووحدة غير عادية ضد التهديد المشترك الذي يشكله النظام الإيراني».
وغداة لقائه في مقر إقامته بوارسو وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، علق نتنياهو على جلوسه إلى جانب وزير الخارجية اليمني خالد اليماني في المؤتمر بنشر صورة على «تويتر» وكتب فوقها بالعبرية: «نصنع التاريخ».
وهذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى ومسؤولون عرب في مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.
في المقابل، سخر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مما وصفها بـ«أوهام نتنياهو» بعدما صرح به عن اجتماع مزمع مع ممثلين عرب لـ«دفع المصالح المشتركة بشأن الحرب مع إيران» على هامش مؤتمر وارسو.
من جانب آخر، قال كبير مساعدي الرئيس الأميركي، غاريد كوشنير، إن «البيت الأبيض» سيقدم خطته للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي يطلق عليها «صفقة القرن» بعد الانتخابات الإسرائيلية التي ستجرى في التاسع من أبريل المقبل، فيما عبّرت السلطة الفلسطينية أمس عن استنكارها للمؤتمر، الذي يهدف برأيها إلى «تطبيع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية».