إستياء واسع إزاء تصريحان السفيرة الأميركية لدى القاهرة حول الجيش المصري
قالت السفيرة الأميركية السابقة في مصر، آن باترسون، إن الجيش المصري أطاح بالرئيسين حسني مبارك ومحمد مرسي، مشيرةً إلى أنه قد يتدخل للإطاحة بالرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. وتسبب تصريحات باترسون التي تولت مهام منصبها أثناء حكم جماعة الإخوان المسلمين، لهجوم شرس من وسائل إعلام وحقوقيين مصريين، ووصفوا تصريحاتها بـ”الأكاذيب والافتراءات”.
وقالت باترسون، إنه إذا استطاع أي أحد أن يضع نهاية لحكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فسيكون الجيش، ووصفت الرئيس الأسبق محمد مرسي بأنه كان “متعجرفا وغير مؤهل للحكم”.
وأضافت باترسون التي شغلت منصبها في القاهرة أثناء تولي جماعة الإخوان الحكم في مصر، أن هناك “3 نقاط رئيسية أثرت على العملية الديمقراطية في مصر”، موضحة أن أولها هي “السياسة الأميركية الثابتة تجاه مصر منذ عقود وكلها تدور حول حفظ السلام مع إسرائيل”، وتابعت: “نعم كان هناك مراحل صعود وهبوط ومبادرات ديمقراطية وغير ذلك، ولكن عندما يصبح الأمر حرجا يتراجع كل ذلك من أجل العلاقات الجيدة مع إسرائيل”.
وقالت باترسون خلال ندوة حول مرور 8 سنوات منذ الانتفاضات العربية في مركز “التقدم الأميركي” بواشنطن، أن العامل الثاني هو “دور الجيش المصري، فالجيش هو الذي تخلص من (الرئيس الأسبق حسني) مبارك، وتخلص من مرسي، وإذا تخلص أي أحد من السيسي فسيكون الجيش المصري”، معتبرة أن تدخلات الجيش “لم تكن عملية ديمقراطية”.
وذكرت أن العامل الثالث هو “المجتمع الدولي الذي لم يركز على ما حدث عندما أسفرت الديمقراطية عن نتائج لا تعجبنا”.
وأشارت إلى أنه “كان واضحا منذ البداية أن الإخوان المسلمين سوف يؤدون جيدا في (بالانتخابات) في مصر، والمفاجأة كانت في السلفيين، ولكن يجب أن نتذكر أن الإسلاميين فازوا بـ72% من أول انتخابات في مصر، والكثير من ذلك كان متوقعا”.
واعتبرت السفيرة الأميركية السابقة أن “المشكلة مع مرسي لم تكن في أنه إسلامي متطرف، بل ببساطة في أنه لم يكن يعرف ماذا يفعل، ومع زيادة الضغط عليه بدأ ينهار مع مجموعة من المستشارين المنعزلين الذين ليس لديهم خبرة، وكثيرون في الحكومة الأميركية طفح بهم الكيل منه لأنه كان متعجرفا وغير مؤهل ومنعزل”.
واستطردت: “كنا نحاول العمل مع الإخوان المسلمين، وكنا نحاول العمل مع السلفيين أيضا، الإخوان بالفعل كانوا القوة المنظمة الوحيدة، والأحزاب العلمانية لم تكن لديها أي قدرة على منافسة الإخوان والسلفيين، ولم يكن هناك أي طرف آخر للعمل معه سوى هذين الحزبين والجيش”.
غضب في مصر
وتسببت تصريحات باترسون في تعرضها لانتقادات شديدة من وسائل إعلام وسياسيين وحقوقيين في مصر، ووصف رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، محمود البدوي، تصريحات باترسون، بأنها “محض افتراء وكذب ولا يعززها أي دليل من واقع”.
وأضاف لـ”إيلاف” أن “ما أدلت به من تصريح خبيث حول أن الجيش المصري هو من أطاح بالرئيس (المتخابر) محمد مرسي هو قول عار تمام عن الصحة، وأن هذا القول هو محض افتراء وافتئات علي إرادة الملايين من الشعب المصري المسالم، والذي رفض الفاشية الإخوانية، وقام بثورة تاريخية علي جماعة الإخوان الإرهابية التي لا تدين بالولاء للوطن ولا تعترف بقيمته، ولا تقيم وزناً لدستور أو قانون أو مؤسسات بالدولة، ولا تعترف بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة”، على حد تعبيره.
وقال إن ما جاء بمداخلة آن باترسون خلال الحلقة النقاشية التي نظمها مركز التقدم الأميركي في واشنطن، تحت عنوان ( الانتفاضات العربية بعد 8 سنوات.. الدروس المستفادة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ) هو محاولة ساذجة لترويج أكاذيب حول حقيقة الثورة الشعبية المصرية التي تجلت في 30 يونيو 2013 والتي انحاز لها الجيش المصري الباسل بوصفه هو درع وسيف يحمي ويصون إرادة المواطن المصري، على حدّ تعبيره.
ولفت إلى أن “خروج ملايين المصريين الرافضين للممارسات الإخوانية “الإرهابية” إلى الميادين والشوارع، كان إشارة واضحة المعالم ولا يمكن أن تخطئها عين”، مشيرًا إلى أن الرئيس الأسبق محمد مرسي “فتح الباب على مصراعيه أمام فلول الجماعات الإرهابية التابعة لجماعته بغرض إشاعة الفوضى في الداخل المصري وبث الرعب في نفوس الشعب مصر، مستخدماً في ذلك ميليشيات الجماعة الإرهابية المسلحة، ومن ثم كان تدخل الجيش المصري الباسل بوصفه جيش الشعب يأتمر بآمره ويقف كحائط صد قوي ضد من يضمر له السوء أو يلوح له بالشر”.
وقال إن الجيش المصري “لا ينخرط بالشؤون السياسية للبلاد، ولكنه في ذات التوقيت هو جيش الشعب وهو الحامي والضامن للإرادة الشعبية المصرية الرافضة لإرهاب جماعة الشر الإخوانية”، حسب قوله.
وحول توقعات باترسون بأن الجيش المصري بما يتدخل للإطاحة بالرئيس السيسي، قال البدوي، إنه “قول ينم عن جهل بحقيقة الواقع المصري، لأن الجيش المصري هو الحامي للإرادة الشعبية، وأنه لا مجال للمقارنة بين ممارسات رئيس يدرك قيمة الوطن ويفتديه بروحه ويعمل على نمائه ورخائه ويسابق الزمن لتحقيق نهضته الاقتصادية عن طريق سلسلة لا تتوقف من المشروعات العملاقة، فضلاً عن تحقيق النهوض الدبلوماسي من خلال مسار يعتنق مبادئ السيادة الوطنية والندية في العلاقات مع كافة القوى العظمى، وساهم في عودة مصر إلي مكانتها التي تليق بقيمتها وتاريخها بين دول العالم، وأعاد للمواطن الأمن والأمان وارتقي بمعيشته وحقق له السكن اللائق وارتقي بالخدمات الصحية واهتم بها، وبين شخص جاء في غفلة من الزمن ليعتلي سدة الحكم في مصر وثبت أنه متخابر، وأنه وجماعته لم يهتموا بمصالح المواطن المصري أبداً بل أنهم سعوا تجاه حلم التمكين الإخواني وتحقيق أوهام أستاذية العالم والتي روج لها مؤسسها حسن البنا، ولكن كان لهم شعب وجيش وشرطة مصر بالمرصاد”.
يذكر أن آن باترسون تولت منصبها سفيرة لأميركا في مصر، في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام حكم حسني مبارك، واستمرت حتى اسقاط حكم جماعة الإخوان، وكانت لديها علاقات متينة مع المرشد العام للجماعة محمد بديع، المسجون حاليًا في مصر على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب والعنف.