جهة سوس … الواقع المقلق للتنمية الاقتصادية
المغرب / وليد بليلة، مراسل النشرة الدولية
إستبشر السوسيون خيرا بتولي سعد الدين العثماني رئاسة ائتلاف حكومي يضم بعض زعماء أحزاب ينحدرون من سوس ، و كان الأمل واحدا لدى الأهالي في إنهاء مرحلة الركود الاقتصادي التي تعيشه أﮔادير عاصمة المنطقة ، و بناء مرحلة تؤسس فيها دينامية سوسيواقتصادية للجهة البارزة على المستوى الوطني .
إلا أن الأمل تحول إلى خيبة أمل ، بعدما تفاجئ الرأي العام السوسي بما جاء به مشروع ميزانية 2017 ، حيث خصصت من خلاله الحكومة رقما هزيلا للاستثمارات العمومية بالجهة حيث لم يتجاوز نسبة 1 في المئة من مجموع الاستثمارات المخصصة لجهات المملكة و في المقابل نالت جهة الرباط -القنيطرة حصة الأسد بنسبة وصلت إلى %34 ، تليها جهة طنجة – تطوان – الحسيمة بنسبة تفوق %21 من مجموع ما خصص من استثمارات .
جدير بالذكر أن جهة سوس ماسة التي تمتد على مساحة جغرافية تمثل 8.3% من اجمالي المساحة الإجمالية للدولة المغربية ، و بساكنة تناهز حسب آخر إحصاء لسنة 2014 مليونين و 676 ألف نسمة ، تعتبر من أكثر الجهات إنتاجا و مساهمة في الناتج الداخلي الخام بعد جهة الدار البيضاء – القنيطرة لسنة 2016 ، و يؤكد بعض المنتخبين أن حجم الاستثمارات العمومية لا تتناسب مع حجم المساهمة السوسية في الناتج الداخلي الخام و هو ما يعكس صورة اللاتوازن المعرقلة للاستراتيجية التنموية .
تتوفر الجهة على ثروات طبيعية هائلة تستثمر بالأساس في الفلاحة التي تجسد قطاعا رئيسيا في اقتصاد المنطقة ، حيث تعتبر مزودا هاما للاسواق الداخلية و الخارجية بالبواكر و الحوامض و الخضراوات و الفواكه و تشغل أعدادا كبيرة من الأيادي العاملة تتضمن نسبة مهمة من اليد العاملة الوافدة من مناطق مختلف من المغرب . أما ثاني قطاع مهم فهو الصيد البحري الذي يوفر للجهة ثروة سمكية هامة متاحة للتصدير ، و يساهم بنسبة مهمة في الإنتاج الداخلي للجهة كما يشغل الآلاف من الأيادي العاملة ، زيادة على ذلك تعتمد الجهة على السياحة كقطاع يستقطب السياح الداخليين و الأجانب بحكم المقومات الطبيعية و الثقافية التي توفرها المنطقة.
و رغم كل هذه الإمكانيات و الموارد الطبيعية الهائلة التي تتوفر عليه جهة سوس ، إلا أنها لا زالت تعرف بطئا في التنمية الاقتصادية ، حيث أن القطاع الصناعي الذي كان من المفروض أن يشهد تطورا بالنظر إلى حجم الإنتاج الفلاحي و البحري، لا يزال يعاني من ضعف ملحوظ يتمثل في حجم الإنتاج الصناعي وأنواع الأنشطة الصناعية المتواجدة .
و يشبه أهل سوس الوضعية الراهنة التي تعيشها عاصمتهم أﮔـادير بحالة “الركود ” أو” الكساد ” الإقتصاديين ، ففي الوقت التي تعيش فيه بعض المدن المغربية مثل طنجة و الرباط و الدار البيضاء على واقع مشاريع تنموية كبرى ، تشهد العاصمة السوسية تراجعا كبيرا في الإستثمارات الكبرى و هو ما أثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية ، حيث ترتفع البطالة ما يجبر بعضا منهم إلى البحث عن فرص الشغل في المدن الكبرى الأخرى ، كما أصبحت تنتشر العديد من الظواهر الاجتماعية المسيئة لصورة المدينة كالتسول و الفقر و الجريمة …
مؤخرا صدم الجميع بما آل إليه مشروع سياحي كبير ” أﮔـادير لاند ” و هو أكبر مشروع ترفيهي بالمغرب بإستثمار ضخم يناهز 192 مليون درهم سيوفر أزيد من 1000 منصب شغل ، حيث تم رفضه وسط سخط و غضب من مختلف فعاليات المدينة و لا تزال الأسباب الحقيقية و الجهات التي وراء ذلك الرفض غامضة و غير معروفة .
و تتحمل المجالس المنتخبة مسؤولية كبيرة في ما تعيشه جهة سوس و مدينة أﮔـادير اليوم ، حيث فشلت إلى حد الآن في طرح مخططات و إستراتيجيات تنموية و الدفاع عنها و كذا تسهيل إستقطاب الإستثمارات الأجنبية و بناء مشاريع اقتصادية منتجة.