السودان يتطلع للخروج من الأزمة الاقتصادية وسط استمرار الاضطراب السياسي
ارتفاع الديون الخارجية والعجز التجاري وتدهور سعر الصرف عوامل تعمق الفجوة في الحياة المعيشية
النشرة الدولية –
يعيش السودان أزمات اقتصادية خانفة في ما يتعلق بالخبز والوقود وتوفير السيولة بالعملة المحلية والأجنبية، فضلاً عن انخفاض سعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية. الحكومة السودانية، قبل وبعد تفجر الأزمة الحالية، وعدت بحل المشكلة، إلا أن ذلك لم يحدث، مما تسبّب في التظاهرات اليومية،بحسب ما نشره موقع إندبندنت عربية.
إلى ذلك، يرى محلّلون اقتصاديون في حديث لـ إندبدنت عربية “أن حكومة الوفاق الوطني الجديدة في السودان، والتي تحكم منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، لم تفلح في إيجاد حلول صحيحة لتوفير الإيرادات، بل ان الأزمة تفاقمت في سعر الصرف اليومي، بالإضافة الى ارتفاع أسعار الخضروات والغذاء “.
وبحسب الخبراء، “فإن ارتفاع حدة العجز التجاري وبقاء معدلات التضخم عند أعلى مستوى، عوامل أدت الى المزيد من الأزمات في ما يتعلق بالخبز والطحين، والوقود والأوراق النقدية، وذلك نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق “.
ويؤكّد الخبراء ان “كل ذلك أدى الى ارتفاع كلفة المعيشة في السودان وسط محدودية الأجور، مما جعل الحكومة السودانية تُقر زيادة أجور العاملين في الدولة. لكن رغم ذلك، فإن الفجوة السياسية والاقتصادية قد توسعت .
من الزراعة الى النفط بداية الأزمة
في هذا الصدد، يؤكّد الخبير الاقتصادي الدولي والاستقصائي عبد الرحمن الأمين في اتصال مع إندبدنت عربية “إن نظرة سريعة على أزمة الاقتصاد السوداني تُظهر ان الأزمة تعود للخلل الذي سيطر على إدارة الدولة للقطاعات الاقتصادية، والتي كانت تعتمد في البداية على الزراعة والقطن، والاقتصاد الثابت. لكن بعد تغير الاتجاه والاعتماد على النفط فقط، انقلبت هيكلية الاقتصاد من منتج زراعي الى مستورد على رغم الوفرة المالية التي حصل البلد عليها “.
وذكر الخبير السوداني في حديثه “انه ومنذ عام 1999، تم تصدير أول شحنة من النفط بكميات تصل إلى 600 ألف برميل، في وقت كانت حقول النفط وعمليات التنقيب في الجنوب تعمل في أجواء من الاستقرار. وبعد أن بدأت العمليات العسكرية، توقّفت هذه الحقول عن العمل، حتى ان النظام الحاكم الحالي اعتمد سياسة الأرض المحروقة في تلك المنطقة، فخسر السودان موارده من النفط “.
وقال “إلا أنه ومع انطلاق عملية السلام الشامل وتوقف الحرب في 2005 بعد طرحها للاستفتاء بضمانات دولية، تم العمل على تشغيل هذه الحقول “.
واعتبر انه “مع دخول الجنرال جون قرنق حكومة الوحدة بتعيينه نائباً للرئيس السوداني عمر البشير، بدأ النشاط الاقتصادي في التنامي وشهدت الحقول النفطية حركة، وذلك حتى وفاة قرنق، القائد الجنوبي، بعدما أمضى 21 يوماً في منصبه الرسمي، مما أدى بعد ذلك إلى واقع مضطرب جديد، حيث بدأت الحرب ومن ثم حدث الانفصال “.
وأضاف الخبير: “مما أعاد الحكومة السودانية الى مربع أزمة استخراج النفط من جديد، ومن هنا بدأت تداعيات الأزمات الاقتصادية والمالية “.وأكد “ان التحول الاقتصادي من الاعتماد على الزراعة وانتاج القطن الى النفط من دون رؤية اقتصادية بعيدة المدى، مع اضطراب سياسي في مناطق الانتاج، هو سبب جوهري لما يعيشه السودان من تدهور مالي في الميزانية”.
ارتفاع الدين الخارجي إلى مستوى قياسي
وقال الأمين “انه مع اعتماد السودان على النفط، وهو المادة الناضبة، بدل الزراعة، حصلت النقلة المعاكسة.” من جهة اخرى، أشار الاقتصادي السوداني في حديثه الى “أن فشل المشروعات الاقتصادية للحكومة الحالية يرجع الى ارتفاع المديونية الخارجية والتي وصلت حداً قياسياً بلغ 54 مليار دولار، علماً بأن قيمة ما صدّره السودان من النفط من عام 1999 حتى 2011 بلغ بين 65 و75 مليار دولار، بحسب مصادر مالية عالمية “.
وأضاف ان “ما شهده السودان من ارتفاع في الدين الخارجي فاق التوقّعات في ظل غياب الشفافية والمصداقية للجهات الرسمية التي حرصت على التعامل مع اعلان أرقام التصدير، والموارد من النفط بمستوى من السرية الشديدة “.
وتوقع الخبير أن تلجأ حكومة البشير الى طباعة النقد من دون غطاء، وذلك في ظل تفاقم الأزمة الحالية. وعندما نشهد ذلك، فان ورق العملة سيكون أغلى من قيمتها، كما هو حاصل في الدول التي تعاني من الأزمات كفنزويلا “.