إلى أين يتجه الدولار عالمياً بعد صعودة القوي خلال العام الماضي؟

النشرة الدولية –

إلى أين يتجه الدولار الأمريكي بعد صعوده القوي خلال عام 2018؟، الأمر يعتمد على منظورك الخاص، حيث أن الدولار الأمريكي عبارة عن حكاية “ذات وجهين”.

ويشير التقرير الأسبوعي لأكبر شركة إدارة أصول حول العالم “بلاك روك” إلى أن الورقة الأمريكية حققت مكاسب مقابل غالبية عملات الدول المتقدمة لكنها تراجعت أمام نظيرتها في الأسواق الناشئة خلال العام الحالي وحتى الآن.

وترى بلاك روك إلى أنه من المرجح أن يستمر هذا الاتجاه على المدى القصير في ظل غياب مفاجآت السياسة النقدية.

ولقد جاءت قوة الدولار هذا العام كوضع مفاجئ بالنسبة للبعض، حيث من شأن مزيج من شهية المخاطرة الآخذه في الارتفاع وتباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي وحديث بنك الاحتياطي الفيدرالي عن توقف سياسته النقدية التشددية أن يلقي بظلاله على الورقة الخضراء في العادة.

ومع ذلك، فإن العوامل نفسها التي تبقي الفيدرالي في وضع الانتظار والمتمثلة في تباطؤ النمو الاقتصادي وتشديد الظروف المالية، تدفع البنوك المركزية الأخرى تجاه موقف أكثر حذراً (تيسيراً).

وساعد ذلك الدولار في الحفاظ على موقفه كأفضل عملات الدول المتقدمة ذات من حيث العائد كما دعم مكاسبه المعتدلة هذا العام.

وعلى الجانب الأخر، فإن معظم عملات الأسواق الناشئة ذات العائد المرتفع تفوقت في الأداء، لكن فإن فروق معدلات الفائدة ليست المحرك الوحيد للعملات، فعلى سبيل المثال مصير الجنيه الإسترليني مرتبط أكثر بتطورات البريكست.

كما أن أسعار النفط الآخذه في الارتفاع إلى جانب شهية المخاطرة ساعدت أداء الدولار الكندي في العام الجاري حتى الآن.

ماذا يعني الدولار المستقر؟

وأدت ميزة عائد الدولار، وهي الأعلى منذ أوائل عام 2018 مقابل سلة عملات مجموعة الدول العشرة، إلى إحياء استراتيجية “كاري تريد”.

وتجارة الفائدة “carry trade” هي استراتيجية مالية حيث يقوم المستثمرون باقتراض أموال بعملة بلد ذات معدل فائدة منخفض ثم استخدامها في شراء عملة بلد أخرى تدفع معدل فائدة أعلى.

ويقوم المستثمرون باقتراض عملات ذات عائد منخفض مثل اليورو أو الين الياباني والاستثمار في عملات ذات عوائد مرتفعة مثل الدولار وعملات الأسواق الناشئة في مسعى لحصد مكاسب من الفرق بين العوائد.

وتعتبر أكبر شركة لإدارة الأصول بالعالم أن هذا الاتجاه بمثابة المحرك الرئيسي لتحركات العملة في المدى القصير، حيث من المرجح أن يوقف بنك الاحتياطي الفيدرلي زيادات معدل الفائدة على الأقل خلال النصف الأول من هذا العام كما من المتوقع أن تبقي البنوك المركزية في الدول المقدمة الأخرى على نهج حذر.

ويدعم الدولار الأكثر استقراراً إلى جانب تباطؤ النمو الاقتصادي النظرة الإيجابية لبلاك روك بشأن أصول الأسواق الناشئة.

ويرجع ذلك إلى أن هذا الوضع يمحي خطر رئيسي بالنسبة لاقتصادات الأسواق الناشئة مع أعباء الديون الخارجية الكبيرة.

ومثل العديد من الأسواق الناشئة المديونة فإنها تقترض بالدولار، وبالتالي فإن الورقة الخضراء الأقوى تزيد تكاليف الاقتراض وتؤدي لتشديد الظروف المالية للأسواق الناشئة.

ويقلص الدولار الأكثر استقراراً كذلك مخاطر التعرض لعملات الأسواق الناشئة، وهو مصدر كبير تاريخياً للتقلبات بالنسبة للمستثمرين في ديون الأسواق الناشئة بالعملة المحلية.

وترى بلاك روك أن كل من ديون الأسواق الناشئة المقومة بالدولار وبالعملة المحلية مصادر جذابة للدخل مع زيادة الوزن لأسهم الأسواق الناشئة في المحافظ الاستثمارية.

وبشكل عام، تميل أصول الأسواق الناشئة إلى الأداء الجيد عندما ترتفع عملات الأسواق الناشئة.

وبالنسبة للمخاطر على الرؤية الإيجابية للأسواق الناشئة، فإنها تتمثل في استئناف بنك الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية التشددية في وقت مبكر عن المتوقع، وتجدد قوة الدولار التي من شأنها أن تتبع ذلك.

والخلاصة: الدولار سوف يحتفظ بمكاسبه أمام معظم عملات الدول المتقدمة لكنه سوف يتراجع مقابل عملات الأسواق الناشئة في المدى القصير.

ولكن تثير حالات عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي العالمي والشكوك الجيوسياسية ضبابية بشأن الوضع على المدى الأطول.

ومن المحتمل أن يعزز دور الملاذ الآمن للدولار قيمة العملة في حالة أيّ عودة لمخاوف الركود الاقتصادي أو ظهور المخاطر الجيوسياسية من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button