رئيس المخابرات السابق لفنزويلا: حزب الله متورط مع مادورو بالمخدرات

النشرة الدولية –

بعد فضيحة شبكة الدعارة لجماعة حزب الله، فجر رئيس المخابرات السابق في فنزويلا أسراراً يتم الكشف عنها لأول مرة بتورط نظام الرئيس نيكولاس مادورو والدائرة الضيقة المحيطة به في ممارسات تجارة مخدرات واستضافة وتنسيق وتدريب عناصر تنظيم حزب الله الإرهابي.

انقلب رئيس المخابرات السابق هوغو كارفاخال، 58 عاما، والذي يعد أحد أبرز الشخصيات في الحكومة، على الرئيس مادورو مؤخرا، واصفاً إياه بالدكتاتور ذي الدائرة الداخلية الفاسدة.

وأفصح عن الكثير من الأسرار، التي تفضح مادورو وعصابته، خلال مقابلات حصرية لصحيفة “نيويورك تايمز”، والتي ترجع أهميتها إلى أنكارفاخال، بالإضافة لمنصبه السابق هو عضو في الكونغرس عن الحزب الاشتراكي الحاكم. حث كارفاخال الجيش على التخلي عن مادورو ومساندة جبهة المعارضة لدواعٍ إنسانية.

ويعد انشقاق كارفاخال عن نظام مادورو ضربة قوية حيث أنه جاء من جانب شخصية كانت تتولى حراسة أدق الأسرار في فنزويلا، عندما كان يعمل كرئيس للمخابرات. وتضفي اتهامات كارفاخال لمسة جديدة إلى الدراما التي تتكشف يوما بعد يوم وتضيف إلى الأدلة، التي تدين مادورو وتجعل سقوطه حتميا. ويقدم كارفاخال باعترافاته المثيرة الأخيرة دليلا على صحة الاتهامات التي طالما وجهتها المعارضة الفنزويلية ضد الرئيس والدائرة الداخلية بالتورط بروابط مع مهربي المخدرات وتنظيمات إرهابية حول العالم.

في مقابلته مع نيويورك تايمز، أدلى كارفاخال، الذي عمل على رأس جهاز المخابرات من 2002 إلى 2012، تفاصيل سرية يتم الكشف عنها لأول مرة عن العمل الداخلي للحكومة، أكد فيها أن الاتجار بالمخدرات والفساد كان من الأمور الشائعة والروتينية، ويقوم بإدارة عملياتها شخصيات بارزة مثل نيستور ريفيرول، وزير الداخلية وطارق العيسمي، الوزير الذي شغل منصب نائب الرئيس فيما بعد، والرئيس مادورو نفسه.

وقال كارفاخال إنه من المثير للدهشة أن المسؤولين الفنزويليين، الذين يتولون مهام مكافحة تهريب المخدرات والمنوط بهم حماية البلاد من شرورها، هم أنفسهم الذين يقومون بالمتاجرة بها في نفس الوقت. ومن المعروف أن هؤلاء المسؤولون الذين ذكرهم كارفاخال، مدرجين بالفعل على قوائم الاتهام أو صدرت بحقهم عقوبات في الولايات المتحدة.

يواجه كارفاخال نفسه اتهامات من جانب محققين أميركيين بتهريب المخدرات وأنه تمكن من الهرب من عملية تسليم مجرمين بتهم تتعلق بالمخدرات أثناء تواجده في أوروبا في عام 2014، كما صدر قرار بالحظر وعقوبات ضده من جانب وزارة الخزانة الأميركية ضده بسبب مساعدته لمجموعات حرب العصابات الكولومبية في تهريب الكوكايين.

واعترف كارفاخال بالتعامل مع كلا العالمين، مكافحة التهريب والتهريب، موضحا أن تعاملاته مع مهربي المخدرات، بما فيهم المهرب الفنزويلي الذي يدعى وليد مقلد، جاء في إطار دوره في التحقيق معهم كرئيس للمخابرات. وقال إنه التقى بأفراد من القوات الثورية المسلحة لكولومبيا في عام 2001، ولكن اقتصر دوره فقط على المشاركة كمفاوض حكومي في إطلاق سراح رجل أعمال فنزويلي مختطف، وهي رحلة تمت الموافقة عليها من رئيسي كل من فنزويلا وكولومبيا.

وأشار كارفاخال إلى مسؤولين حكوميين آخرين، بمن فيهم وزير الداخلية ريفيرول، الذي تتهمه الولايات المتحدة بالضلوع في مساعدة مهربي المخدرات وتسهيل عملياتهم الإجرامية، قاموا بإلغاء تحقيقات قام بإجرائها، أثناء توليه منصب مدير الإدارة الوطنية لمكتب مكافحة المخدرات ONA.

ويقول كارفاخال إلى الواقعة حدثت في عام 2012، عندما كان يجري تحقيقات في مزرعة فخمة في فنزويلا، يملكها لورد المخدرات الفنزويلي مقلد، حيث كان فريق مكافحة تهريب المخدرات قد ضبط شحنة تزن حوالي 400 كيلوغرام من الكوكايين بعدما وصلت إلى المزرعة على متن طائرة صغيرة.

وبعد أن تمت مصادرة المخدرات، بحسب كارفاخال، تلقى مكالمة غير عادية تم إبلاغه خلالها أن الجيش قرر أن الشحنة لا تحتوي على مخدرات، وهو ما فسره كارفاخال بأنه محاولة لإعادة الشحنة إلى مقلد، لكنه تمكن من معارضة القرار، وأكمل إجراءاته.

وقال كارفاخال إن العيسمي وريفيرول “مسؤولان بشكل مباشر” عن تلك العمليات الإجرامية، وأنهما يتلقيان عمولات لغض الطرف عن الاتجار بالمخدرات.

واتهم كارفاخال نائب الرئيس العيسمي بأنه فتح الأبواب لتعاملات مريبة مع تنظيم حزب الله الإرهابي اللبناني. وقال إنه عندما سافر هو والعيسمي إلى إيران في عام 2009، كجزء من وفد يمثل الرئيس هوغو شافيز، طلب العيسمي، وزير الداخلية آنذاك، التوقف في سوريا بحجة أنه كان لديه أصدقاء وأقارب هناك.

وقال كارفاخال إنه خلال فترة التوقف، التقوا بممثل عن حزب الله ودبلوماسي فنزويلي متعاطف مع التنظيم الإرهابي. واقترح العيسمي خطة سيأتي بها عناصر من تنظيم حزب الله إلى فنزويلا للتعاون في تجارة المخدرات وتمويل التسليح بالتواطؤ مع عناصر الحركة المتمردة الكولومبية، المعروفة باسم “القوات المسلحة الثورية لكولومبيا” FARC.

واستطرد كارفاخال قائلا إن ناشطا من تنظيم حزب الله قام بإهداء 3 بنادق إلى العيسمي، الذي أعطى بدوره واحدة لكارفاخال. وعرض كارفاخال، أثناء المقابلة الصحفية مع “نيويورك تايمز”، البندقية وجواز سفره، الذي يحتوي على أختام دخول إلى إيران وسوريا خلال التواريخ المذكورة للتأكيد على صدق روايته.

لكن لم يتمكن كارفاخال من تذكر هوية العميل الناشط بحزب الله، إنما حدد الدبلوماسي غازي نصر الدين، القائم بالأعمال السابق في السفارة الفنزويلية في دمشق، بأنه الشخص الذي قام بالتنسيق للقاءات.

في عام 2008، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية حظرا وعقوبات بحق غازي نصر الدين على خلفية اتهامات بممارسات مشبوهة لصالح تنظيم حزب الله الإرهابي، من بينها ترتيب وتسهيل سفر أعضاء حزب الله، من وإلى فنزويلا”. كما تم إدراج غازي نصر الدين على قوائم المطلوبين من المباحث الفيدرالية الأميركية لاقترافه جرائم مماثلة.

وقال كارفاخال إنه أبلغ اعتراضه على خطط التواطؤ مع أعضاء حزب الله وتسهيل ترددهم على فنزويلا للقيام بأنشطة إجرامية إلى مادورو، الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الخارجية. وأضاف أن مادورو، الذي فضل استعداء الولايات المتحدة، بدا متفائلا بشأن هذه الخطط، وهو ما يثبت كذب مادورو فيما بعد إذ أنكر علمه بوجود صلات بين حكومته وتنظيم حزب الله.

كانت صحيفة دير شبيغل الألمانية، قد نشرت في العام الماضي تقارير، تؤكد أنّ حزب الله يمول عملياته الإرهابية من تجارة المخدرات في أوروبا، وسارع تنظيم حزب الله آنذاك لإصدار بيان عاجل نفى فيه هذا الأمر معتبراً إياه “فبركة إعلامية رخيصة” بالرغم من أن مصدر معلومات الصحيفة كان محققين من سلطات الجمارك والشرطة الجنائية والاستخبارات BKA في ألمانيا، والذين ألقوا القبض على شخصين من عائلة لبنانية تعيش في مدينة شباير متلبسين بتهريب مبالغ كبيرة من عوائد تجارة الكوكايين في أوروبا إلى لبنان عبر مطار فرانكفورت وسلموها لشخص على علاقة وثيقة بالدوائر العليا بحزب الله والأمين العام للحزب حسن نصر الله.

وتؤكد اعترافات كارفاخال ما تم تدواله من قبل بشأن اتهامات دلائل من مصادر أخرى تؤكد أيضا على أنّ حزب الله متورط في تجارة المخدرات من قلب أميركا اللاتينية، القارة الأكثر إنتاجاً للمخدرات في العالم. وكان وليد مقلد، لورد المخدرات الفنزويلي من أصل سوري، قد اعترف في أقوال تم عرضها على شاشة التلفزيون الكولومبي حول كيفية تصنيع والاتجار بالمخدرات، بواسطة عناصر حزب الله في فنزويلا بالتعاون مع جماعات متمردين أخرى كمنظمة الفارك FARC الكولومبية المعارضة، وبتسهيلات من النظام الحكومي الفنزويلي.

وتتهم السلطات الأميركية وليد مقلد، الذي يمتلك هو وعائلته مشروعات ضخمة تشمل عددا من المطارات الجوية وشركة طيران وشركة للنقل البري وعددا من المصانع بتهريب المخدرات، وهي الاتهامات التي تتسق مع اعترافات أدلى بها مقلد نفسه، قبل قيام الحكومة الكولومبية في عام 2011 بتسليمه إلى السلطات الفنزويلية، التي سارعت بعقد صفقة مع كولومبيا خشية أن يتم تسليم مقلد إلى الولايات المتحدة ومحاكمته هناك.

وأفادت السلطات الأميركية أن مقلد استغل امتلاكه لطائرات ومطار في مدينة بورتو كبيلو في شمال فنزويلا لتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة جواً بكميات ضخمة تقدر بأكثر من 10 أطنان شهرياً، بما يعادل 10% من التجارة العالمية للمخدرات، وفقا لما ذكرته شبكة FOX NEWS LATINO. كما تم رصد أن مقلد يقوم بتسليم أنصبة التنظيمات الإرهابية ومنها حزب الله في شكل تبرعات بمبالغ ضخمة لجمعيات خيرية تابعة للتنظيم ويستخدمها كواجهة للتغطية على الأنشطة المشبوهة له.

وأدت اعترافات مقلد، عام 2010، إلى تزايد اهتمام الولايات المتحدة برصد النشاط الإجرامي المتنامي لعناصر التنظيمات مثل حزب الله و”الجهاد الإسلامي” والمرتبطة بإيران في أميركا الجنوبية. ونشرت صحيفة “واشنطن بوست”، بتاريخ 20 مارس 2011، تقريراً مفاده أن بناء على اقتراح إيراني استضافت فنزويلا وبحضور الرئيس الفنزويلي السابق هوغو شافيز، اجتماعاً في مركز المخابرات العسكرية بمجمع فوريته تيوانا جنوبي العاصمة الفنزويلية كراكاس ضم خالد مشعل من حركة حماس، ورمضان عبد الله شلّح أمين عام تنظيم “الجهاد الإسلامي”، بالإضافة إلى قائد عمليات تنظيم حزب الله (والذي لم يذكر اسمه) وذلك في 22 أغسطس 2010.

وأشار التقرير إلى أن الاجتماع تم بتنسيق من غازي نصرالدين، الذي يحمل الجنسية الفنزويلية ومن أصول لبنانية، ويشرف على أنشطة تنظيم حزب الله المتنامية في أميركا اللاتينية، والتي تشمل عمليات إرهابية وتجارة مخدرات لتمويل شراء الأسلحة للتنظيم، بحسب الواشنطن بوست، وبما يتسق مع ما أدلى به رئيس المخابرات الفنزويلي السابق كارفاخال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى