إذا كنت بدينة …عريسك في موريتانيا…!
نواكشوط – عائشة سيدي عبد الله –
تعانين من السمنة المفرطة لاتفكري كثيرا استقلي أول طائرة متجة إلى موريتانيا ستجدين الرجال يفرشون طريقك بالورود ويطلبون التقرب منك…
تلك النظرة ليست وليدة اليوم فمنذ أبصر المجتمع الموريتاني النور تحظى المراة الممتلئة فيه بمكانة خاصة بل وهناك مثل شعبي يقول ” لمرة تكبظ من الفراش لتكبظ من لخلاك” ومعناه أنها تحتل من مساحة الفراش مثل ماتحتل من مساحة القلوب.
وترمز المرأة النحيفة في المخيلة الشعبية إلى الفقر والحرمان بالمقابل تعتبر البدينة محفزا لزواجها المبكر وأيقونة لثراء عائلتها ولذالك تلجأ
العديد من القبائل الموريتانية من سكان الأرياف والقرى الى التمسك بتسمين الفتيات، وهي عادة تعرف محليا بـ”لبلوح”
وتسمين الفتاة يبدأ بإخضائها لنظام غذائي معين لمدة تتراوح من شهر إلى خمسة شهور أو حتى تنتهي المهمة التي تشرف عليها طاعنات في السن لديهن من الخبرة والتجربة ما يأهلهن لإتمام العملية في أسرع وقت ممكن وذالك من خلال إرغام الفتيات على تناول الوجبات الدسمة، مثل لحم البقر والكسكس والأرز باللحم ، إضافة إلى شرب أكثر من 5 لترات يوميا من حليب الإبل أو البقر أو الضأن.
وأثناء العملية القسرية، تتعرض الفتاة الى أنواع الإكراه النفسي والبدني من قبل المشرفات على عملية تسمينها وذلك باستعمال آلة خشبية يطلق عليها محليا “أزيار” صنعت خصيصا لهذا الغرض.
التصدي للعادة الإجتماعية
تقول فاطمة محمد الكبير ناشطة ضد التسمين القسري ” آخر دراسة رسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة الموريتانية تؤكد أن هذه العادة متأصلة في المجتمع وتنطلق من سن السادسة والعاشرة في الأرياف والقرى. مضيفة : ” الجهات الرسمية تجد صعوبة في التصدي للظاهرة التي يتم التكتم عليها داخل البيوت المغلقة.
متو عبد المالك صحفية في إذاعة موريتانيا تؤكد للرسالة” أن نسبة كبيرة من الرجال يعتبرون نحافة المرأة عيبًا ونقصًا حتى المثقفين منهم ومن سافروأصبح أكثر إنفتاحا وتحضرا ،مضيفة بل إن بعضهم يعتبر أنه لا يمكن الحديث عن جمال المرأة إذا كانت نحيفة، مهما بلغت درجة وسامتها.
“وبالرغم من أن النحافة إحدى مقاييس الجمال عالميا تقول منت عبد المالك إلا أن المجتمع الموريتاني يشكل استثناء نتيجة لخصوصيته والتي هي مزيج من تقاليد العرب والبربر والامازيغ والزنوج.
ضد التسمين القسري
حمزة محمد ابراهيم مدون على موقع فيس بوك ” البدانة كرمز للجمال عادة سيئة سـاهمت في تحطيم شخصية المرأة وإيقاف طموحها في دخول معترك الحياة التعليمية والمدنية والمساهمة الفعلية في تطوير موريتانيا
سهام ( 26) سنة موظفة في البنك الشعبي الموريتاني تضيف”السمنة تحتل الصدارة على سلم معايير الجمال في المجتمع ويمثل الرجل دور الحارس الأميـن لتلك العادة لا تستغربوا فالمجتمع الذكوري يسعى لتلبية رغبات الرجل بكل أريحية وعلى المرأة أن تلتزم الصمت مكرهة فلا بديل لديها، مضيفة بكل أسف ” الفتاة النحيفة في العرف المحلي “تفضح أهلها أمام الأغراب”وتجعلهم عرضة للإحتقار والذم يالسذاجة..!
خالد كابر (25 سنة) طالب جامعي “عن نفسي لا أعتبر المـرأة النحيفة قبيحة إطلاقا وأرفض قسوة المجتمع عليها.
جيل محافظ
زينب عبد الرحمن (40 عاماً) ربة منزل وتاجرة في سوق النساء تقول ل للرسالة ” يا إلهي كيف تعتبرون النحافة جمالا وصاحبتها تدعوا للشفقة..! أنا مع بدانة المرأة وأعتبرها رمزا للجمال والأنوثة وتضيف ضاحكة : لو لم أكن بدينة لما كان زوجي وأبو أولادي متمسكا بي ويعتبرني ملكة جمال الكون.
تصمت قليلا وكأنما تتذكر بعض الذكريات ثم تواصل حديثها
عندما كان عمري 7 سنوات أرسلتني والدتي إلى جدتي في الريف حيث أشرفت على عملية التسمين وتوقفت حينها عن المدرسة لمدة 5 شهور وطيلة مقامي هناك تناولت مختلف الوجبات الدسمة من بينها الكسكس بالزيت والأرز بالزبدة، بالإضافـة إلى خمس لترات يوميا من حليب البقر الطازج . بمعدل ست وجبات يوميا .
وعندما أرفض بحجة أن معدتي أمتلئت كانت جدتي رحمها الله تقوم بربط عودين خشبيين، وتشدهما على أصابع قدمي حتى أتناول طعامي بسرعة . مضيفة “لن أنسى يوما تقيأت فقامت جدتي بإرغامي على تناول ماتقيأته شيء مقزز لكن العادات والتقاليد لا ترحم وإن أنا بقيت نحيفة في تلك الفترة لن يرغب رجل بالزواج مني …”.
وتستطرد قائلة: مع أني أعتبر البدانة رمزا للأنوثة إلا أني لن أرغم بناتي مالم يقتنعن بذالك لأنهن خلقن بزمان غير زماننا .
الشيخ أمين أستاذ ثانوية (55) سنة : يرى أن المرأة البدينة قمة في الأنوثة والجاذبية وأنه شخصيا أختار زوجته على أساس بدانتها ويراها مثيرة بقوامها الممتلئ على العكس من تلك النحيفة التي لا تتميز بأي معيار جمالي ملموس إضافة إلى كونها أقرب للمرض من الصحة والرخاء.
موقف الجهات الرسمية ..
التلفزيون الموريتاني ومختلف الجهات المختصة بمحاربة التسمين أظهرت في مختلف موادها الإعلامية التوجيهية المرأة البدينة كعالة على المجتمع وقدمتها للمشاهد في ثوب المرض والجهل والتخلف ونجحت نسبيا في تغيير العقلية وإثارة الرأي العام ضدها.
وزارة الصحة الموريتانية في آخر مسح أجرته تبين أن “عادة الإطعام القسري للفتيات أخذت بالإنحسار وأن 11 بالمئة من البنات الصغيرات يتم تسمينهن قسرا في الأرياف والقرى فقط