شيخ الأزهر: تعدد الزوجات يحمل ظلما للمرأة وللأبناء في كثير من الأحيان

أعلن شيخ الأزهر أحمد الطيب، إن مسألة تعدد الزوجات في الدين الإسلامي تحمل “ظلما للمرأة وللأبناء في كثير من الأحيان، وتعد من الأمور التي شهدت تشويها للفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية”.

وجاءت التصريحات المثيرة للجدل خلال برنامج أسبوعي يقدمه شيخ الأزهر على القناة الفضائية المصرية الرسمية، وأثارت ردود فعل متباينة ما بين ترحيب من جانب النشطاء في مجال حقوق النساء، الذين يرون في الأمر إنصافا للمرأة وإصلاحا للفهم الخاطيء حول قضية الزواج الثاني للرجل، ومعترضين يرون أنها تمثل إنكارا لنص صريح في القرآن يبيح للرجل الزواج بأربعة نساء.

كما أثارت التصريحات نقاشا وجدلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسم المستخدمون بين مؤيد ومعارض لها، وتم تدشين بعض الوسوم (هاشتاغات) للتغريد حولها عبر موقع تويتر.

وأصدر شيخ الأزهر بيانا في اليوم التالي، أكد خلاله أن تصريحاته “اقتطعت من سياقها وأنه لا يمكن أن يتحدث بكلام يناقض النصوص القرآنية أو السنة النبوية”.

وقال المركز الإعلامي للأزهر عبر موقعه الرسمي على موقع الإنترنت، إنه تابع ما أثارته بعض المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الإعلامي حول حلقة برنامج “حديث شيخ الأزهر” المذاع على الفضائية المصرية، وما تضمنته الحلقة من حديث حول مسألة “تعدد الزوجات”.

وشدد المركز على أن الشيخ أحمد الطيب لم يتطرق مطلقا إلى تحريم أو حظر تعدد الزوجات، بل سبق له أن قال خلال كلمة له أمام مؤتمر الإفتاء العالمي في 17 من شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2016 نصا: “وأبادِرُ بالقولِ بأنَّني لا أدعو إلى تشريعاتٍ تُلغي حقَّ التعدُّدِ، بل أرفُضُ أيَّ تشريعٍ يَصدِمُ أو يَهدِمُ تشريعاتِ القرآنِ الكريمِ أو السُّنَّةِ المُطهَّرةِ، أو يَمسُّهمَا من قريبٍ أو بعيدٍ؛ وذلك كي أقطعَ الطريقَ على المُزايِدِينَ والمُتصيِّدين كلمةً هنا أو هناك، يَقطَعونها عن سِياقِها؛ ليتربَّحوا بها ويتكسَّبوا من ورائها”.

وأضاف الأزهر في البيان أن حديث شيخ الأزهر، خلال حلقة متلفزة قبل يومين، انصب على “فوضى التعدد وتفسير الآية الكريمة المتعلقة بالموضوع، وكيف أنها تقيد هذا التعدد بالعدل بين الزوجات، كما رد فضيلته على الذين يعتبرون أن تعدد الزوجات هو الأصل”.

ونشر المركز الإعلامي مقطعا مصورا يبين كلمة شيخ الأزهر خلال هذا المؤتمر للتدليل على موقفه من القضية .

في المقابل، تقول الناشطة النسوية “مُزُن حسن” في حديثها لبي بي سي إنها لا تطالب شيخ الأزهر بأي توضيحات في هذا الشأن لأنها تقدر الأزهر كمؤسسة دينية “محترمة” في العالم الإسلامي ولكن ليس لها وصاية على المجتمع.

لكن مُزُن، التي تشغل أيضا منصب المديرة التنفيذية لمؤسسة “نظرة” للدراسات النسوية، طلبت من الحكومة المصرية والبرلمان إعادة النظر في التشريعات التي تحكم قضايا الزواج والأحوال الشخصية بصفة عامة في مصر.

وتوضح مُزُن أن هذه التشريعات ترجع إلى العام 1920 وتخلفت كثيرا عن قضايا المرأة في الوقت الراهن وتضرب أمثالا متعددة بشأن قضايا الطلاق والخلع ورؤية الأطفال وحضانتهم التي تمتليء بها المحاكم وتقول في هذا الصدد إن القانون المصر يقر عقد الزواج المشروط بين الزوجين ولكن ليس هناك أي إلزام قانوني بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه في هذا العقد في حالة الخلاف.

الإسلام أنصف المرأة

لم تقف ردود الفعل عند حدود مواقع التواصل الاجتماعي لكنها تعدتها إلى بعض المؤسسات الرسمية بالدولة المصرية.

وأصدر المجلس القومي للمرأة بيانا رسميا تلقت بي بي سي نسخة منه يثمن تصريحات شيخ الأزهر ويشيد بها باعتبارها مقولة حق صادرة بدافع تنوير العقول وإظهار الحق، وتأكيده الدائم، أي شيخ الأزهر، على أن الدين الإسلامي الحنيف كرم المرأة وأنصفها واعطاها حقوق عديده لم تكن موجودة من قبل.

وأشاد المجلس بتفسير الشيخ الطيب لآية تعدد الزوجات وتأكيده على أن “هذا الحق مقيد وأنه رخصة وتحتاج إلى سبب ومشروط بالعدل بين الزوجات”

كما انعكس الأمر أيضا على البرامج الحوارية المسائية التي تحظى بمتابعة من جانب قطاع كبير في المجتمع.

تصريحات متأخرة

وخلال برنامج “الحكاية عبر فضائية خاصة قال الإعلامي عمرو أديب، إن وسائل التواصل الإجتماعي حرفت تصريحات شيخ الأزهر بشأن تعدد الزوجات، حتى أن بعضها ادعى أنه “يحرم تعدد الزوجات ويوقف آية من آيات القرآن الكريم على حد قوله”.

واستطرد عمرو أديب أن تركيز وسائل التواصل الاجتماعي على هذه القضية هو محاولة لإلهاء المجتمع عن قضاياه الحقيقية المتمثلة في النهوض بالبلاد والارتقاء بها في مجالات مختلفة.

مشيرا في هذا السياق إلى إطلاق دولة مجاورة لمصر، إسرائيل، صاروخا لغزو القمر، ونحن مازلانا نتجادل بشأن قضية حسمت منذ أكثر من 1400 سنة، وهي قضية الزواج الثاني للرجل والتي أضطرت شيخ الأزهر للرد ببيان رسمي عبر مؤسسة الأزهر تنفي أن يكون الرجل قد دعا إلى تحريم الزواج الثاني أو إصدار تشريعات بهذا الشأن.

بينما رأت نهاد أبو القمصان، من المركز المصري لحقوق المرأة إن تصريحات شيخ الأزهر الأخيرة تمثل إنصافا للمرأة “ولكنها تأخرت كثير”.

وتساءلت أبو القمصان خلال حديثها لبي بي سي عن “هل بعد أكثر من 1400 سنة لم تتطور ثقافة المجتمع لتتأكد أن تعدد الزوجات فيه ظلم شديد للمرأة؟”

وتضيف نهاد أبو القمصان أن عدم احساس النساء بالأمان والاستقرار في “العلاقة الزوجية” هو أمر يؤثر على احساسهم بالاستقرار بشكل عام في المجتمع.

وتقول إنها “تشفق” على الرجل الذي يقوم بالزواج الثاني لأنه يظلم نفسه أيضا من خلال الفهم الخاطيء للعلاقة الزوجية القائمة على التوحد والعاطفة والتكامل بين الطرفين، على حد قولها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button