الحجيج السياسي الدولي لبيروت يحولها إلى ساحة مواجهة في ملفات إيران وسوريا وحزب الله
النشرة الدولية –
استقبلت العاصمة اللبنانية بيروت، خلال فترة الـ 40 يومًا الماضية، التي أعقبت تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة سعد الحريري، حوالي 7 وفود دولية متفاوتة المستوى السياسي. وجميعها حمل عروضًا وطلبات، من أهمها منظمة حزب الله باعتبارها الذراع الإيرانية التي تسيطر على لبنان في لعبة المحاور الدولية والإقليمية التي تشهدها المنطقة.
وبين الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، لبيروت في الحادي عشر من فبراير/ شباط الماضي (أي بعد 10 أيام من مرسوم تشكيل حكومة الحريري)، والزيارة التي سيقوم بها الرئيس ميشال عون إلى موسكو قبل نهاية الشهر الحالي، توافدت على العاصمة اللبنانية وفود أمريكية وأوروبية، وفي جعبتها رسائل تتضمن تصورات وهواجس ومطالب يراد لها أجوبة في أوقات قصيرة مبرمجة… وكان أكثرها ثقلًا وسرعة استحقاق من قبل الطرف الأمريكي.
العرض الإيراني
وعمم جواد ظريف على الذين التقاهم في بيروت، استعداد بلاده للتعاون في كافة المجالات، متضمنًا نظام دفاع جوي، وهو العرض الذي كانت طهران قدمته عام 2014، ووجدت الحكومة اللبنانية نفسها غير قادرة على بحثه بشكل جدي لسبب معروف، وهو أنها إذا قبلت به فستفقد بالمقابل دعمًا أمريكيًا وعربيًا لا تستطيع المجازفة به.
ولم يمض وقت طويل على زيارة ظريف لبيروت، حتى أعلنت بريطانيا إدراج الجناح العسكري لحزب الله في قائمة الإرهاب، وهو قرار اعتبره رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، شأنًا بريطانيًا داخليًا لا علاقة للبنان به. لكن إيران وكذلك وزير خارجية لبنان جبران باسيل شجبا القرار واعتبراه تدخلًا لا يقدم ولا يؤخر.
وفود أوروبية
ولم تبتعد زيارة كل من وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، أليستر برت، وبعده رئيس الجمهورية الفرنسية السابق فرانسوا هولاند، لبيروت، كثيرًا من القضية الأساسية وهي سيطرة حزب الله على لبنان في مختلف جوانبها السياسية والأمنية والاقتصادية. لكن زيارتهما تطرقتا أيضًا للملفات الأخرى المتشابكة مع حزب الله، وهي العلاقات اللبنانية مع سوريا، والتي تدفع بها أطراف محلية إلى التطبيع السريع، هذا فضلًا عن موضوع ملف النازحين السوريين في لبنان، وما يُشكله من قوة استقطاب فئوية لها جوانب سياسية ومالية أخرى طائفية.
ساترفيلد وبومبيو
وحمل نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، ديفيد ساترفيلد، في لقاء مع الرئيس ميشال عون، رسائل فائقة الخشونة بشأن ما أسماه ”افتقاد الإدارة اللبنانية للتوازن نتيجة خضوعها غير المقبول لحزب الله“.
في الرسائل التي عممها ساترفيلد في بيروت، والتي سبقها بيان للسفيرة الأمريكية، إليزابيث ريتشارد، كان موضوع التبعية لحزب الله وإيران، هو الموضوع الرئيسي الذي سيبحثه وزير خارجيته، مايك بومبيو، عندما يصل بيروت أواسط الشهر الحالي.
ويرتبط ملف حزب الله في لبنان، بالملفات الأخرى التي تتشكل منها الأجندة المشتركة بين بيروت وواشنطن، ومنها المساعدات العسكرية. بالإضافة إلى ملفات النازحين السوريين واندفاع الخارجية اللبنانية للتطبيع مع سوريا، وانتظار المشاركة في إعادة إعمار سوريا، وهي قضايا كان ساترفيلد واضحًا جدًا في تحذير المسؤولين اللبنانيين من الاندفاع فيها قبل انجلاء مصير النظام السوري والمفاوضات السلمية.
عون وترامب وبوتين
يشار إلى أن الرئيس ميشال عون كان طلب الالتقاء بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن طلبه لم ينفّذ. ولعله في هذا السياق المأزوم بالشكوك بين بيروت وواشنطن، تأتي مراهنة عون وخارجيته وكذلك حزب الله، على زيارة عون لموسكو في 25 و 26 الشهر الحالي، أي بعد أن يكون وزير الخارجية الأمريكي قد حصل على الأجوبة على الأسئلة العالقة التي سبقه فيها إلى بيروت ساترفيلد.
ويتضمن برنامج عون في موسكو، كما هو متداول، تشجيع الروس للبنان على التطبيع مع سوريا، والاستعداد لبحث التفاصيل المالية واللوجستية في إعادة النازحين السوريين.
لكن البرنامج يتضمن ما هو أكثر من ذلك. ففيه عروض عسكرية واتفاقيات قديمة لم تفعّل، وأخرى للتنقيب عن الغاز في البلوكات اللبنانية بمياه شرق المتوسط المتداخلة في خطوط التقسيم مع إسرائيل. وتتضمن أيضًا رؤية مستقبلية لعلاقة لبنان مع سوريا التي تلعب فيها موسكو دورًا رئيسيًا مرشحًا للتوسع.
بيروت ساحة مواجهة أمريكية إيرانية
وفي خلاصة هذا الموسم من التوافد السياسي الدولي على بيروت، تشعر الرئاسات اللبنانية الثلاث، أن الاستحقاق الأكبر المطلوب منها هو التعاطي مع موقف أمريكي جامح لم يترك شكًا بأن بيروت هي إحدى الساحات الرئيسية للمواجهة مع إيران وحزب الله. فإجراءات المقاطعة الأمريكية والأوروبية لإيران وحزب الله موضوعة على نار متوسعة، وما لم يتم تصحيح الموقف اللبناني الذي يوصف بأنه خاضع لحزب الله وإيران، فإن أي مواجهة عسكرية محتملة، ومنها المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، لن تستثني لبنان كما أصبح معروفًا.
حزب الله فتح باب التبرعات
وعبر الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله في خطابه الأخير قبل أيام، عن درجة الإلحاح في هذه المستحقات، عندما فتح باب التبرع لحزب الله، بدعوى أن المقاطعة الأمريكية جففت منابعه.
وكان ملفتًا أن حزب الله حول موضوع ”الحرب على الفساد“، إلى سلاح بيده يحاول فيه الضغط على الذين ينتظرون منه أن يلتزم بشعار ”النأي بالنفس“، كما يقول معارضو سياسة حزب الله في لبنان.