تحذير أميركي من مستحضرات تجميل شهيرة تسبب السرطان
زهراء مجدي- القاهرة
حذرت هيئة الغذاء والدواء الأميركية المستهلكين من استخدام مستحضرات تجميل شركتي “كليرز” Claire’s و”جستس” Justice الرائدتين عالميا، وحددت منها مظلل العيون Eye Shadow والمساحيق المضغوطة Compact Powder ومساحيق تحديد الوجه Contour، لاحتوائها على ألياف الإسبستوس المسرطنة، وكررت أنه “لو كان بمنزلك أي من هذه المستحضرات، توقفي فورا عن استخدامها”، بحسب موقع الهيئة الرسمي وحسابها عبر تويتر.
تحذيرات منذ 2017
كانت إدارة الغذاء والدواء قد أخضعت منتجات “كليرز” و”جستس” للفحص في عام 2017، وأعطت الاختبارات نتائج إيجابية باحتوائها على ألياف الإسبستوس المسرطنة، وقد أجري أول اختبار للإسبستوس بواسطة مختبرات تابعة لجهة خارجية، ثم أعادت الإدارة بنفسها التأكد من النتائج باختبارات مستقلة أخرى، حتى اختتمت اختبارات المتابعة للتأكد في أواخر فبراير/شباط الماضي.
رغم ذلك رفضت الشركة الامتثال للطلب بسحب المنتجات التي ثبت ضررها البالغ على النساء والمراهقين، كما ردت الشركة على الاتهام الموجه لها بأن ادعاءات إدارة الغذاء والدواء غير صحيحة وأن نتيجة اختبارها خاطئة، وأن جميع منتجاتها آمنة.
ووفق موقع هاف بوست الأميركي، قالت ميلاني بيري، المتحدثة باسم “كليرز” إن نتائج الاختبارات التي أجرتها إدارة الغذاء والدواء تظهر أخطاء كبيرة وخلط جسيم، لأن الإدارة وصفت في تقريرها مادة الإسبستوس بشكل مختلف عن وصفها المذكور حسب معايير وكالة حماية البيئة، ورغم محاولات الشركة التواصل لمناقشة هذه النتائج مع إدارة الغذاء والدواء فإن الأخيرة أصرت على إعلان نتائجها.
وأضافت بيري “نشعر بخيبة أمل من اتخاذ إدارة الأغذية والعقاقير هذه الخطوة، وسنواصل العمل معهم لإثبات سلامة منتجاتنا”.
القوانين البالية ضد أمان المستهلكين
من أجل سلامة الأميركيين حثت إدارة الغذاء والدواء الأميركية شركات مستحضرات التجميل على أن تكون صادقة وشفافة بشأن الإجراءات التي تستخدمها لتحديد ما إذا كانت منتجاتها آمنة، وعلى وجه الخصوص، أن تكون صادقة حول كيفية التأكد من أن المساحيق المستخدمة في أي منتج تجميلي خالية من الإسبستوس.
وقالت هيئة الغذاء والدواء الأميركية إن نتائج الاختبارات تعتبر بمثابة تنبيه هام بأن الإدارة في وضعها الحالي لا تملك سوى أدوات محدودة لضمان سلامة منتجات مستحضرات التجميل، فلم يتم تحديث القانون الذي يأذن للإدارة بتنظيم صناعة المستحضرات التجميلية، بناء على القانون الفدرالي للأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل، منذ إقراره عام 1938.
وتقول الوكالة، بحسب موقع يو أس آي توداي، إن القانون يعتمد على مصنعي مستحضرات التجميل لضمان سلامة منتجاتهم، ولا يضطرهم لاختبار منتجاتهم وتسجيلها. ودعت إدارة الأغذية والأدوية إلى اتخاذ خطوات إضافية لحماية المستهلكين، بما في ذلك تقديم تفاصيل بشأن إجراءات السلامة الخاصة بالشركات، خاصة بشأن ضمان أن المنتجات خالية من الإسبستوس.
ردا على تحذيرات إدارة الغذاء والدواء، اقترح نواب البرلمان الأميركي الدفع بتشريع جديد من شأنه تحديث اللوائح المنظمة للرقابة على منتجات العناية الشخصية ومستحضرات التجميل، وتشديد الرقابة عليها كالرقابة على المنتجات الغذائية، خاصة مع تكرار أزمة استخدام مادة الإسبستوس، ورفض الشركات المتهمة للامتثال للمنظمات الصحية.
وفق موقع “يو أس آي توداي” كانت الشركة قد أعلنت إفلاسها في مارس/آذار 2018، وتراجع أداء مبيعاتها في مراكز التسوق، ولكنها ظلت مرتفعة عبر المتاجر الإلكترونية، ولكن قد يحول إعلان الإفلاس بين المستهلكين ومقاضاتها، فبموجب القانون لا يمكن للمستهلكين مقاضاة الشركة بسبب تعريضها إياهم لمادة الإسبستوس، وتتجنب الشركة المسؤولية، حتى مثولها أمام القاضي وسماع ردها على الاتهام.
أزمة الشركات العملاقة
لطالما كان الإسبستوس، وهو معدن طبيعي، يمثل مشكلة في المنتجات الاستهلاكية التي كانت موجودة في السابق في مجففات الشعر والطباشير وأقلام الشمع وغيرها من منتجات الأطفال. وقد يتعرض الأشخاص للإسبستوس في أماكن عملهم أو منازلهم، إذ تنتشر المواد التي يدخل في صناعتها من حولنا.
ووفق المعهد الوطني للسرطان، يستنشق الإسبستوس بسهولة ويبقى بالرئتين لفترة طويلة، حتى يتراكم ويسبب ندبات والتهابات يمكن أن تؤثر على النفس وتسبب مشاكل صحية خطيرة. وجرى تصنيف الإسبستوس مادة تسبب السرطان عند البشر وفق الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، وهناك أدلة كافية على أنه يسبب ورم الظهارة المتوسطة النادر، وسرطانات الرئة والحنجرة والمبيض.
قد يحتوي مسحوق التلك المستخدم في صنع مساحيق الأطفال على بعض من ألياف الإسبستوس، وتورط في ذلك، نهاية العام الماضي، مسحوق تلك “جونسون آند جونسون” لحماية جلد الأطفال من التهاب الحفاضات.
في ديسمبر/كانون الثاني الماضي نشرت وكالة رويترز تقريرا استقصائيا، أكدت فيه أنها اطلعت على تقارير تثبت تسرب ألياف الإسبستوس المسرطنة إلى مسحوق الأطفال في بعض الأحيان، واتهمت الشركة بحجب هذه النتائج عن جهات التحقيق. وأشارت رويترز إلى أن تاريخ النتائج يعود للسبعينيات وفيه تظهر عينات إيجابية وجود كميات صغيرة من الإسبستوس في مسحوق الأطفال، في وقت لم تحدد فيه منظمة الصحة العالمية أي مقدار آمن للتعرض للإسبستوس.
بنشر التقرير اتهمت الشركة محامي التعويضات بالطمع في مكاسب شخصية، وأظهرت نتائج اختبارات معملية مستقلة عديدة خلو منتجها من الألياف المسرطنة، ولكن على مر تاريخها نجح 24 رجلا وامرأة في الحصول على تعويضات هائلة من الشركة بعد نجاحهم في إثبات دورها في إصابتهم بالسرطان، خاصة سرطان المبيض الذي أصاب 22 امرأة، وذلك من بين نحو 12 ألف دعوى قضائية ضد الشركة.
بالفعل كانت هذه نتيجة النمو الهائل لصناعة التجميل، وبسببها أصبح هناك نوع من الهستيريا والخوف من المكونات السامة، وللتغلب على ذلك استعرض نشطاء بحركة “الجمال النظيف” مكونات ثبت تأثيرها السلبي على الإنسان والبيئة، بناء على تقارير منظمات صحية وغير ربحية، تتضمن إدارة الغذاء والدواء وخبراء من كلية الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا، وشملت قائمة المنتجات (البارابين، السلفات، التلك، الزيت المعدني “المينرال”، الأوكسيبينزون في مراهم الحماية من أشعة الشمس، الهيدروكينون في مراهم التفتيح، قطران الفحم المستخدم لعلاج البهاق، ريتنيل بالميتات لعلاج التجاعيد).
المصدر : الجزيرة