14 آذار حلم “اللبناني العظيم”* سوسن مهنا
النشرة الدولية –
يبقى هذا اليوم المفصلي في حياة لبنان واللبنايين يوماً عظيماً تاريخياً، وسوف يكرر اللبناني تفاصيل 14 آذار، على مسامع أولاده وأحفاده مستقبلاً.
سوف يكرر اللبناني تفاصيل 14 آذار على مسامع أولاده وأحفاده
يوم إجتمع في ساحة الشهداء والتي صارت تعرف بساحة الحرية، الشيخ والشاب، رجل الدين والعلماني، الاستاذ والطالب، النساء والرجال، السياسي والمواطن، ليهتفوا:”حرية، سيادة، إستقلال”. لأول مرة في تاريخ هذا البلد المشرذم توحدت القلوب والعقول على هدف واحد نبيل، محاربة الطغيان المتمثل حينها بالإحتلال السوري.
لكن هذا اليوم لم يكن وليد صدفةً، بل جاء بعد سلسلة أحداثاً هائلةً ضربت الساحة اللبنانية، ودُفعت من أجله أثماناً كثيرة معمدةً بالدم ابتداءً من العام 2004 وحتى العام 2012، من إغتيالات ومحاولات إغتيالات.
تعرض النائب مروان حمادة، لمحاولة اغتيال نجا منها بإعجوبة ولكن بجروح بالغة في جسده وذلك في 1 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2004 . وكانت هذه المحاولة الأولى التي تستهدف مسؤولاً لبنانياً، بعد اقرار إتفاق الطائف، وبداية الرسائل الموجهة للبنان وللشهيد رفيق الحريري، حيث أتت بعد محاولة الحريري تشكيل حكومة وفاق وطني حينها.
يقول الشهيد الحي النائب مروان حمادة، في الذكرى الرابعة عشر حول مسار ومستقبل 14 آذار، “أني كلي أمل وأتوقع اعادة احياء حركة شعبية وسياسية منبثقة من مبادئ وروحية 14 آذار ولو لن تضم بالضرورة كل القوى السياسية التي اطلقت ثورة الأرز”. وأنه ومن وجهة نظره: “الإنتكاسات التي اصابت 14 آذار كحركة سياسية ناشطة تحمل رايات السيادة والديمقراطية والعروبة، أثرت على مصداقية القيادات، ولكنها لم تلغِ عند معظم شرائح الشعب اللبناني، ما جمعها في ذلك اليوم المشهود. 14 آذار أقوى من التسويات المرحلية التي غلّبت المصالح على المبادئ”.
وما يؤمن به النائب حمادة، لا زال هناك الكثير من السياسيين واللبنانيين يؤمنون به وبتحقيق مبادئ ثورة الأرز ولو بعد حين، ومفاعيل ما نتج عن هذه الثورة من خروج الاحتلال السوري إلى إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي ومن المتوقع أن تٌصدر ،هذه السنة 2019،
حكمها النهائي بعد أن استكملت في 21 أيلول/سبتمبر الماضي محاكمة آخر أربعة متهمين، وكلهم من حزب الله.
لا زال هناك الكثير من السياسيين واللبنانيين يؤمنون بتحقيق مبادئ ثورة الأرز
في هذا الخصوص، يقول النائب حمادة: “المحكمة مهمة جداً ولكن لن تكون أكثر من محطة تؤكد إدانة الفريق الذي ارتكب سلسلة الإغتيالات في سياق محاولة السيطرة على لبنان، استكمالاً للهلال الذي أرادوا اقامته من طهران إلى بيروت عبر دمشق وبغداد”.
لكن إلى أي حد سيشكل صدور الحكم النهائي في قضية الشهيد رفيق الحريري برداً وسلاماً على قلوب اللبناينين، وهل فعلاً قد تقتص العدالة الدولية من المجرم الحقيقي، أم أن المتهم ما زال يكمل ما بدأه عام 2004 ، وخاصة بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى بيروت عقب تشكيل الحكومة، والتي تزامنت مع 14 شباط ذكرى إغتيال الشهيد رفيق الحريري، وكأنه جاء ليؤكد ما كان قد قيل في أكثر من مناسبة وعلى لسان مسؤولين إيرانيين، أن لبنان جزء من دول عربية عدة اصبحت خاضعة لطهران وميليشياتها، وما تلى الزيارة من ردود فعل لبعض السياسيين اللبنانيين، أن أغتيال رفيق الحريري حقق الهدف الذي أراده الجناة وهو إدامة السيطرة على لبنان، ولكن مع نقل التبعية، من الخضوع لدمشق إلى الخضوع لطهران.
في هذا السياق، وبعد ما تداولته الأوساط السياسية والإعلامية مؤخراً عن إحتمال عودة النظام السوري إلى لبنان، يستبعد النائب حمادة حصول ذلك: “لأن النظام السوري أضعف من أن يستطيع الهيمنة على لبنان، وهو لم يسيطر بعد على الآراضي السوري والمصير السوري”، ويضيف أن “جٌلَّ ما يستطيع أن يقوم به هو الإفادة من القوى الحليفة له “للحرتقة” بإسمها وعلى حسابها، أما عودة بشار والهيمنة السورية، فرغم المظاهر هي ساقطة في دمشق وغير عائدة إلى بيروت”، يختم النائب حمادة.
النظام السوري أضعف من أن يستطيع الهيمنة على لبنان
ولكن بعد كل هذه السنوات، هناك سؤال عالق في نفوس من آمن بهذه الثورة، هل من الممكن أن تتحقق مبادؤها يوماً؟
لا شك أن حركة 14 آذار أصيبت بالشيخوخة مبكراً، ولم تصمد أمام العراقيل والعقبات التي واجهتها، ربما لأن قيادي ثورة الأرز أحبطوا فأحبطوا اللبنانيين معهم، وربما لأن مصالحهم الشخصية تغلبت في لحظة ما على أهداف هذه الثورة، فأصيبوا بالتشتت.
لكن، حركة 14 آذار ولدت في لحظة مفصلية من تاريخ لبنان، ومفاعيل هذه الحركة لم تؤثر على لبنان فحسب، بل أحدثت زلزالاً لف المنطقة بأسرها، وغيرت من تفكير معظم الشعب اللبناني وبعد أن كان مقتنعاً بهيمنة السوري على الحياة السياسية في البلد، الذي كان مرتاحا لمسار الامور وبأن جرائمه لن تكشف، جاءت هذه الحركة وطردت النظام وأخرجته ذليلاً مكسوراً.
ثورة الأرز ستبقى أروع ما حدث في تاريخ لبنان الحديث، طالما أن هناك لبنانيون ما زالوا يؤمنون بهذه الثورة فهي مستمرة وباقية وستتجدد مع بداية كل ربيع.
السياسة اللبنانية