أخطاء الشعراء (1)* صالح الشايجي
النشرة الدولية –
ما أجمل عالم الشعر وما أجمل السباحة في بحوره والغوص في معانيه وصوره وأخيلته!
إنه أجمل العوالم الإبداعية قاطبة وأشدها جاذبية للناس وأكثرها تأثيراً في النفس البشرية.
وما سأكتبه اليوم في هذه المقالة لا يحمل تنقيصاً من مكانة الشعر العلية، ولكنه مجرد تساؤل واستغراب.
وقد قال العرب قديما «الشعر ديوان العرب» لإعلاء شأنه ومكانته.
وقالوا أيضاً «يحق للشاعر ما لا يحق لغيره» وهذا القول الأخير هو مربط فرس مقالتي هذي وهنا مناخها أو منصة إطلاقها.
لا أدري ما هو القصد من القول «يحق للشاعر ما لا يحق لغيره»، هل القصد بلاغي أدبي بمعنى أن يجنح في الخيال والمبالغة ويهيم في أجواء متخيلة لا علاقة لها بالواقع، أم أن من حقه الخروج عن القواعد والمبادئ الأدبية المعروفة.
وسأورد أمثلة لما أثار استغرابي مما ورد في أشعار كبار الشعراء لا صغارهم.
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي
فإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ *** هذان في الدنيا هما «الرحماءُ»!
والشاهد هنا أن يكون الوصف جمعاً والموصوف مثنى فهو يصف «هذان» بـ «الرحماء» بدل «الرحيمان». وهذا مخالف لقواعد النحو العربي.
ويقول «شوقي» أيضاً:
«أنا من بدّل بالكتب الصحابا» وهو أخطأ هنا في إدخاله حرف الباء على المبقى عليه لا على المتروك، والباء تدخل على المتروك المستبدّل لا على المبقى عليه. والأصوب أن يقول «أنا من بدّل بالصحب الكتابا».
وثمة بيتان من الشعر مشهوران جداً ويرددان في ختام كثير من أصواتنا الغنائية:
يا أم عمرو جزاك الله مكرمةً *** ردي عليّ فؤادي أينما كانا
«لا تأخذين» فؤادي تلعبين به *** وكيف يلعب بالإنسان «إنسانا»
أما البيت الأول فهو سليم وخال من الشوائب ولكن البيت الثاني حوى خطأين، حيث أخطأ الشاعر بإلغائه مفعول لا الناهية الجازمة والموجبة حذف النون في فعل «تأخذين» وكان عليه أن يقول «لا تأخذي»، أما الخطأ الآخر ففي نصبه للفاعل وقوله «إنسانا» وكان يجب أن يقول «وكيف يلعب بالإنسان إنسانُ» بدلاً من «إنسانا».
فهل كل تلك الخروجات من حق الشاعر حتى يستقيم الوزن وتتناسق القافية!!
ومازال في جعبتي أمثلة أخرى سآتي عليها في المقالة القادمة.