القسوة النبيلة* صلاح الساير
النشرة الدولية –
تكشف بعض الاستبيانات مكامن العلل في المجتمع، فقبل أيام أطلقت مؤسسة إعلامية عربية استبيانا على الجمهور عن طريق الإنترنت، وينطوي على سؤال عن كيفية تعزيز قوانين المرور في المجتمع.
هل بالمزيد من التوعية أم بتغليظ العقوبات؟ فكانت معظم إجابات المشاركين تقول بالطريقة الأولى «التوعية»، حيث أغلبية الناس «يتوهمون» ان عدم التزام السائقين بقانون المرور يعود إلى ضعف الوعي المروري لديهم.
وذلك وهم فاضح وكذبة فادحة، أو ربما انها حيلة «غير إرادية» تمارسها الذهنية الجمعية لتبرر عدم احترامها للقانون بانعدام التوعية المرورية.
التوعية مطلوبة بين الصغار حين تنطلق حملات التوعية بأهمية الالتزام بقانون المرور في المدارس او عبر البرامج التلفزيونية الموجهة للصغار، أما بين السائقين فلا تنفع التوعية و«الكلام الفاضي» ومن المجدي والنافع والمثمر تغليظ العقوبات الرادعة وتطبيقها بلا هوادة. فمن المعروف ان قيادة السيارة «فن وأخلاق» وعندما تتوافر الأخيرة «الأخلاق» تغطي نقص الأولى.
فالسائق قد يعوض نقص مهارته بأخلاقه.
وأغلب الحوادث المرورية تنتج عن نقص الأخلاق لا نقص المهارة، فعدم احترام إشارة المرور أو القيادة بسرعة فائقة أو عدم الالتزام بالخطوط الأرضية جميعها تعكس نقص الأخلاق.
السائق أو عابر الطريق الذي ليس لديه اخلاق تردعه، أو المستهتر بأرواح الآخرين وسلامتهم، تردعه العقوبات الغليظة لا التوعية الوهمية. وقديما قيل «ما حطت السلاطين الا للشياطين»، وأشير الى ان المجتمعات أو الدول التي يلتزم أفرادها بالقوانين يكون لديها في الأساس قوانين رادعة وغرامات مالية موجعة.
وأشير الى أن رسوم موقف السيارة في المواقف الجانبية للطرقات في دولة الإمارات العربية المتحدة يبلغ 2 درهم للساعة وفي حال وقف السيارة دون دفع ذلك الرسم البسيط تقع على المخالف غرامة قدرها 150 درهما (!) ولعل الفرق الشاسع بين الرسم والمخالفة يشرح الحكمة من هذه القسوة النبيلة.