أخطاء الشعراء (2)* صالح الشايجي
النشرة الدولية –
يقول نزار قباني في واحدة من أشهر قصائده:
«الحب في الأرض بعض من تخيلنا.. لو لم نجده عليها لاخترعناه»
أي: إن الحب في الأرض مجرد تخيل وغير موجود، ثم يعود ليقول: لو لم نجده على الأرض لاخترعناه.
تناقض واضح مفضوح ولكنه مر مرور الكرام عليه وعلى محمد عبدالوهاب ملحن القصيدة وأيضا على من غنتها وهي نجاة الصغيرة.
ويقول عبدالحليم حافظ في أغنية «فوق الشوك» وهي أيضا من ألحان عبدالوهاب:
«يا اللي نسيك الحب انساه.. وابعد عنه عشان تلقاه»
فهو في الوقت نفسه يوصيه بالشيء ونقيضه، يوصيه بنسيان الحب ثم يعود ويوصيه بالبعد عنه من أجل ملاقاته.
ويقول شاعر قديم:
قلت قراطيسكم أم جف حبركم.. أم كاتب مات أم أقلامكم (كسرا)
أم المطايا التي من بيننا ضلعت.. أم الطريق الذي من بيننا (خطرا)
ويحتوي البيتان بالنظر إليهما من الزاوية النحوية على خطأين متمثلين في كلمة «كسرا» في ختام البيت الأول و«خطرا» ختام البيت الثاني.
فنحن نقول عادة الأقلام كسرت بالتأنيث أما الشاعر فذكرها بقوله «كسرا». أما خطؤه في كلمة «خطرا» في البيت الثاني فلأن الكلمة مرفوعة بالضمة لكونها خبرا للمبتدأ وهو كلمة «الطريق» ويجوز فيها الرفع فقط ولا يجوز النصب كما وردت في البيت المذكور.
لا أظن أن هؤلاء الشعراء يجهلون القاعدة، ولكن هذا مما يسمى بالضرورة الشعرية، فهل تصل الرخصة التي أعطيت للشعراء إلى حد التكسير البين لقواعد اللغة؟!
وفي قصيدة شهيرة تنسب للإمام الشافعي بيت يقول فيه:
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها.. صديق صدوق صادق الوعد (منصفا)
وحسب قواعد النحو المعروفة فإن الصفة تتبع الموصوف ولقد طبقها الإمام فوصف كلمة الصديق والتي جاءت مرفوعة بالضمة بالصدوق وصادق الوعد وهما صفتان مرفوعتان تتبعان موصوفهما، ولكنه في الصفة الثالثة وهي «منصفا» نراه قد شذ عن القاعدة فنصب صفة لموصوف مرفوع.
لا يمكن أن يقع الإمام الشافعي في مثل هذا الخطأ، وبالتأكيد هناك مبررات ومسعفات لغوية لجأ إليها الإمام فكتب بمثل هذه الصورة، وكذلك بقية الشعراء الذين ترصدت بعض أشعارهم.
الأنباء الكويتية