الأيكونومست: هل ستكون الديون الضخمة للشركات الأمريكية السبب في الأزمة المالية القادمة؟

 

النشرة الدولية –

بدأت الأزمة المالية العالمية عام 2007 نتيجة ديون الأسر الأمريكية، ولكن بعد التعافي، بدت واشنطن نموذجاً للجدارة الائتمانية لكنمنذ عام 2012، تراكمت ديون الشركات إلى مستويات تنذر بكارثة جديدة، بحسب تقرير نشرته صحيفة “الإيكونوميست”.

وبحسب تقديرات الاحتياطي الفيدرالي، ارتفعت ديون الشركات غير المالية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي بحوالي 8% على مدار السبع سنوات الماضية، وجاء ذلك في ظل تبني بنوك مركزية عالمية معدلات فائدة منخفضة شجعت الشركات والأفراد على الاقتراض.

وتضيف الصحيفة، أنه ورغم ذلك، لم تقترض الشركات من أجل ضخ أموال في استثمارات محفوفة بالمخاطر كما حدث في أزمة الديون الأسوأ في تاريخ أمريكا خلال سبعينيات القرن التاسع عشر، بل إنها أعادت الأموال في شكل توزيعات نقدية إلى المساهمين والتي بلغت حوالي 2.9 تريليون دولار – تقريباً نفس حجم ديونها منذ عام 2012.

وتذهب الصحيفة الى القول، أنه نتيجة تراكم الديون على كاهل الشركات، بدأ القلق يتسرب للأسواق المالية عام 2018، كما تحدث رئيس الفيدرالي “جيروم باول” أمام الكونجرس في فبراير عن تزايد مخاطر ديون الشركات.

نتيجة ارتفاع أرباحها بالتزامن مع الفائدة المنخفضة، تمكنت الشركات في أمريكا من خدمة ديونها جيداً، وبعد تحليل موازنات الشركات غير المالية التي تشكل ثلثي الديون غير المالية الإجمالية المقدرة بـ9.6 تريليون دولار، بدت تلك الشركات قادرة على دفع الفائدة على الديون.

منذ عام 2012، زادت وتيرة الديون المعدومة من جانب الشركات بشكل كبير، ويعادل حجمها حالياً نفس حجم ديون الرهن العقاري عام 2007.

يرى محللون أن هناك طريقة لخفض الديون عالية المخاطر من خلال التركيز على سوق قروض الروافع المالية، وهي عبارة عن اقتراض تنظمه مجموعة من البنوك ثم تبيعه للمستثمرين في سوق ثانوي.

تشكل شركات صغيرة غير مدرجة وشركات كبرى مدرجة مثل “أمريكان إيرلاينز” بعض زبائن مثل هذه الأسواق، وزاد حجم قروض الروافع المالية في السنوات الماضية بشكل ملحوظ.

وأضافت الصحيفة على عكس السندات ذات العائد الثابت، فإن العائد على قروض الروافع المالية تكون معومة، ويراها مستثمرون تحوطاً في مواجهة معدلات الفائدة المرتفعة، وتشكل قروض الروافع المالية أكبر مشكلة في ديون الشركات بوجه عام، وحذر بشأن مسؤولو الفيدرالي.

انخفضت جودة الائتمان في الولايات المتحدة، وهو ما زاد من القلق بشأن حجم الديون لاسيما قروض الروافع المالية التي تم إصدارها دون ضمانات، كما أن هناك قلق بشأن المقترضين الذين يزيدون إصدار السندات بضمان أرباحهم.

أفاد محللون أن قروض الروافع المالية لم تبدو ضمن أسواق الديون عالية المخاطر أوائل الألفية الثالثة، كما أن التعثر في سداد القروض بوجه عام ليس المشكلة الوحيدة التي تؤرق الأسواق بشأن ديون الشركات.

هناك مصدر آخر لعدم الاستقرار في الأسواق المالية الأمريكية، ويكمن في مستثمري التجزئة الذين زادوا مشترياتهم من ديون الشركات على مدار عقود منذ الأزمة المالية العالمية.

ضاعفت صناديق التحوط استثماراتها في ديون الشركات منذ الأزمة المالية – بحسب الفيدرالي – حتى بلغ حجم حيازتها من ديون الشركات حوالي تريليوني دولار.

يرى صندوق النقد الدولي أن صناديق التحوط تمتلك ما يقرب من خُمس قروض الروافع المالية، بينما تمتلك صناديق المؤشرات المتداولة جزءاً صغيراً من حجم تلك القروض، ولكن هذا الحجم يزداد بشكل متسارع.

منذ أشهر، بدت معدلات الفائدة في الولايات المتحدة مصدر قلق لأسواق الدين، ففي أواخر عام 2018، كانت التكهنات تشير إلى استمرار الاحتياطي الفيدرالي في رفع الفائدة تدريجياً.

لكن في يناير 2019، أشار رئيس الفيدرالي “جيروم باول” إلى أن البنك المركزي سوف يتبنى سياسة الصبر في رفع الفائدة، وهو ما قلص المخاوف بشأن زيادة فوائد الديون، وتعافت أسواق الأسهم، وبدأت الهوامش الائتمانية في التراجع، وارتفعت قروض الروافع المالية.

أسهم خفض الضرائب – الذي أقره الكونجرس الأمريكي – في نمو ربحية الشركات المدرجة على مؤشر “S&P 500” بحوالي 22% عام 2018، ولكن الأرباح مهددة هذا العام بنمو الأجور وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي.

مع استمرار القلق بشأن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، قلصت الشركات توقعات أرباحها في الربع الأول، وكلما زادت الصورة قتامة من حيث الاقتصاد العالمي، كلما زادت مخاطر ديون الشركات.

لو أجبر نمو الأجور – وضغطه على الأرباح – الفيدرالي على رفع معدل الفائدة، فإن زيادة الفائدة سوف تضغط على الشركات من خلال زيادة خدمة الدين.

في ظل هذا السيناريو، سترتفع وتيرة مبيعات سندات الشركات، وسوف يسحب مستثمرو التجزئة أموالهم من الصناديق كما ستزداد وتيرة الإفلاس، وبالتالي، ستنخفض الاستثمارات ووتيرة التوظيف بالتبعية.

على الرغم من أن زيادة ديون الشركات لن يكون السبب الرئيسي للأزمة المالية القادمة، إلا أن التاريخ يلمح إلى أن تكدس هذا النوع من الديون يدق جرس إنذار بشأن الركود.

زر الذهاب إلى الأعلى