وزير الخارجية الأمريكي ترك في بيروت ”مضبطة اتهام“ عنوانها ”لبنان قد يدفع ثمنًا باهظًا“

النشرة الدولية –

انتهت جولة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في الشرق الأوسط، برسالة ثقيلة (معدة سلفًا ومكتوبة)، عمّمها من وزارة الخارجية اللبنانية، تقول باختصار: لبنان قد يدفع ثمنًا باهظًا؛ لإصراره على الخضوع  لحزب الله وبالتبعية لإيران، بحسب ما نشره موقع “إرم نيوز”.

قد لا تكون هذه الرسالة جديدة في فحواها، لكن الأوساط السياسية اللبنانية قرأت في نصوصها ونبرتها موقفًا أمريكيًا جديدًا يدعوها للقلق ويضعها في حالة استنفار تراقب ما لمسته من وجود بدائل أمريكية تُحيّد ”الحرص على استقرار لبنان“، وتفتح المجال لسابقة ربما تصل حدّ مقاطعة داعمي حزب الله في بيروت، وتحديدًا وزير الخارجية جبران باسيل.

مضبطة اتهامية

صحيفة النهار اللبنانية، وصفت ما تحدث به وزير الخارجية الأمريكي في مؤتمره الصحفي مع نظيره اللبناني، بأنه أقرب لأن يكون ”مضبطة اتهامية“ واسعة جدًا، في الذي تضمنته من هجمة دبلوماسية وكلامية هي الأعنف التي شنها مسؤول أمريكي رفيع خلال زيارته للبنان.

بومبيو وعون

ولم تكن صحيفة النهار الليبرالية وحدها التي قرأت في البيان المكتوب لبومبيو كما ألقاه على مسامع الرئاسات والشعب اللبناني، تهديدًا بقادم كبير محتمل. فصحيفة الأخبار المقرّبة جدًا من حزب الله قرأت الشيء ذاته ووصفته بأنه ”فتنة“.

وزادت ”الأخبار“ على ذلك ملاحظة ملفتة، وهي أن غضب بومبيو انصبّ على وزير الخارجية باسيل، الذي كان يتحدث في المؤتمر الصحفي المشترك وكأنه ينطق باسم حزب الله. فقد نقلت عن بومبيو حديثًا مع مرافقيه بعد مغادرته القصر الجمهوري، قال فيه: ”في عملنا نلتقي بالكثير من الأشخاص الذين نأمل أن يغيروا أسلوبهم“، معطيًا الانطباع بأن الكيمياء المفقودة بينهما لم تلغ احتمالات أن يغيّر عون موقفه، وهو احتمال لم تراهن عليه الصحيفة المقرّبة من حزب الله.

صحف لبنانية أخرى ذات طابع ليبرالي مثل ”الجمهورية“، عززت هواجسها من القادم المحتمل الصعب، بتسجيل النصوص الحرفية لبيان بومبيو الذي كان رسالة ختامية لجولة إقليمية محورها الأساسي الانتقال في مواجهة التهديد الإيراني إلى مرحلة جديدة من العقوبات، تشمل كل من يدعم أو يتعاطى أو يُسهّل لإيران وميليشياتها بمن فيهم حزب الله والفصائل الإيرانية الموجودة في الجنوب اللبناني أو الحوثيين.

نصوص تهديدية ثقيلة

في مؤتمره الصحفي مع وزير الخارجية جبران باسيل، وبعبارات شديدة الوضوح، قال بومبيو إنّ ”حزب الله يقف عائقًا أمام آمال الشعب اللبناني، ومن خلال الترهيب المباشر للناخبين هو ممثّل بالبرلمان ويتظاهر بدعم الدولة“، معتبرًا أنّ ”حملات الحزب منافية لمصالح الشعب اللبناني“. وسأل: ”كيف يمكن لصرف الموارد وإهدار الأرواح المساعدة، وكيف يمكن لتخزين الصواريخ تقوية هذه البلاد؟“

وقال بومبيو، إنّ ”إيران لا تريد لهذا الوضع أن يتغيّر، وهي ترى الاستقرار في لبنان على أنه تهديد لطموحات إيران في الهيمنة“، مركزًا على أنّ ”شركات إيران الإجرامية ومحاولاتها تبييض الأموال، تضع لبنان تحت مجهر القانون الدولي“، مبينًا أنّ ”حزب الله يسرق موارد الدولة ويجب ألّا يجبر الشعب على أن يعاني بسبب طموحات الحزب“. ولفت إلى أنّ ”هذا الأمر يتطلب شجاعة من الشعب للوقوف بوجه إجرام حزب الله“.

وأضاف سائلًا: ”ماذا قدّم حزب الله وإيران للدولة سوى التوابيت والأسلحة؟“، مشيرًا إلى أنّ ”قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يستمر في تقويض المؤسسات الشرعية والشعب اللبناني“.

وقال: ”أعربت عن أملي في أن تتمكّن الحكومة من تلبية احتياجات الشعب اللبناني. شعب لبنان يواجه خيارًا، إمّا المضي قدمًا وإما أن يسمح لطموحات إيران وحزب الله بأن تهيمن“، مشددًا على أنّ ”لبنان دفع ثمنًا باهظًا لتحقيق استقلاله“. وذكّر بأنّ ”قبل سنوات، قَتل حزب الله دبلوماسيين وأعضاء في المارينز، وأنا زرت الضريح التذكاري لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري الذي كان ضحية لسيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على لبنان.

وتابع: ”سنستمر في الضغط على إيران لوقف سلوكها الإرهابي. دعم إيران لحزب الله يشكل خطرًا على الدولة اللبنانية ويقوّض فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين“، منوهًا إلى أنّ ”الضغط الذي نمارسه يهدف لقطع التمويل عن إيران“. ولفت إلى أنّ ”الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ترجّى مناصريه لتقديم التبرعات، ونحن سنستمر باستخدام الأساليب السلمية لتضييق الخناق عليهم“.

 

بومبيو وريا الحسن

يشار إلى أن زيارة بومبيو لبيروت، تضمنت سابقة ملفتة، تمثلت باختيار بومبيو وزيرة الداخلية ريا الحسن لتكون لقاءه الأول، معطيًا الانطباع بأن الاهتمام الأمريكي يبدأ بالملفات الخاصة بالأمن الاستباقي. فالداخلية وصية على الأمن العام وشعبة المعلومات الاستخبارية المناط بها الأمن ومواجهة شبكات تهريب وتبييض الأموال والممنوعات ومكافحة الإرهاب المعولم، وهو ما وسع من دائرة قلق الذين استمعوا لبومبيو لاحقًا، وهو يكرر القول إن ”لبنان قد يدفع ثمنًا باهظًا“؛ جراء خضوعه لحزب الله وإيران.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى