قاتل المصلين* د. عبدالمحسن حمادة
النشرة الدولية –
يتضح من خلال بيان الكراهية الذي كتبه الإرهابي الأسترالي أنه في الفترة الأخيرة انخرط في أعمال «إزالة الكباب» وهو مصطلح درج على الإنترنت، ويعني منع الإسلام من غزو أوروبا، ونفذ عمليات القتل على الهواء مباشرة على موقع «فيسبوك» عبر كاميرا ثبتها على رأسه.
قبل أيام سقط في أحد مساجد نيوزيلندا 50 شهيداً كانوا يؤدون صلاة الجمعة في أحد المساجد، واشتهرت نيوزيلندا بالأمن، وجاء تصنيفها كثاني بلد آمن في العالم، سقط الضحايا نتيجة لعمل إرهابي قام به شاب أسترالي 28 عاما، ويتضح من البيان الذي نشره أنه شخص عنصري يؤمن بتفوق العنصر الأبيض، وينظر إلى المهاجرين على أساس أنهم قوة محتلة جاءت لاحتلال الغرب.
ويتضح أيضا من خلال بيان الكراهية الذي كتبه أنه في الفترة الأخيرة انخرط في أعمال “إزالة الكباب” وهو مصطلح درج على الإنترنت، ويعني منع الإسلام من غزو أوروبا، ونفذ عمليات القتل على الهواء مباشرة على موقع “فيسبوك” عبر كاميرا ثبتها على رأسه.
ونفذ عمليات القتل على وقع نشيد حماسي كانت تبثه الميليشيات الصربية أثناء هجومها على المسلمين والكروات في حرب البوسنة، ويحمل البيان فكراً يتبناه اليمين المتطرف في أوروبا وأستراليا وكندا وأميركا الذي ينظر إلى الهجرة التي تحدث على أرض تلك الدول على أساس أنها بمثابة مؤامرة ضد الأوربيين البيض للتخلص منهم تدريجيا والسيطرة على الدول التي يشكلون أغلبية فيها، خاصة بسبب تراجع نسبة المواليد بين السكان البيض مقابل تكاثرها لدى غير البيض.
يتضح من سيرة هذا المجرم أنه لم تكن له رغبة في مواصلة تعليمه العالي بل ترك الدراسة مبكراً نظراً لسوء نتائجه الدراسية، وعمل مدربا للإسكواش، في حين يؤكد بيان الكراهية المطول الذي نشره والذي بلغ عدد صفحاته 74 صفحة تقريبا أنه شخص واع ومثقف يسترجع التاريخ ويختار منه أحداثا وصفحات ليبني فكرا وأيديولوجية عميقة تعبر عن الفكر اليميني العنصري المتطرف الذي ينتمي إليه.
وقد يعني هذا أنه ليس وحده من كتب هذا البيان، بل مجموعة من العنصريين وهم من اختار يوم الجمعة لتنفيذ تلك المذبحة ليوقعوا أكثر عدد من الضحايا، ومن العبارات التاريخية التي كتبها دخول الأمويين الأندلس ثم هزيمتهم، وأشار إلى حصار عكا في زمن صلاح الدين، وفي عام 1571 إشارة إلى معركة بحرية خسرتها الدولة العثمانية، وفي عام 1689 إشارة إلى معركة فيينا التي خسرتها الدولة العثمانية ووضعت حدا لتوسعها في أوروبا.
وأشار في بيانه إلى مآذن كاتدرائية آية صوفيا في إسطنبول التي أصبحت متحفا بعد أن حولها العثمانيون إلى مسجد، وأشاد بالرئيس ترامب ووصفه بأنه رمز لإحياء الهوية البيضاء، ورفض البيت الأبيض تلك الإشادة واصفا المجرم بالقاتل الحقير.
وكانت ردة الفعل لهذه الجريمة البشعة في نيوزيلندا رائعة، حيث حضرت رئيسة الوزراء إلى البرلمان يعلو وجهها الحزن والغضب مرتدية ملابس سوداء، وطالبت بعدم ذكر اسم المجرم بل علينا ذكر أسماء الضحايا، وافتتحت جلسة البرلمان بتلاوة من القرآن الكريم، وبدأت كلمتها قائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته باللغة العربية، وقالت اليوم الجمعة مر أسبوع على تلك الجريمة، وعلينا أن نشارك المسلمين أحزانهم.
وبالفعل ذهبت إلى المسجد مع مجموعة من المواطنين ليقدموا التعازي للمسلمين، وسمح يرفع صوت الأذان للصلاة لأول مرة في تلك الدولة، أما ردة الفعل في العالم العربي والإسلامي فقد اعتبر الرئيس أردوغان الحادث عدوانا ضد تركيا والإسلام، ونأمل ألا يستغل تلك الحادثة كدعاية انتخابية لحزبه في الانتخابات التي ستجرى الشهر القادم، وكذلك فعل قادة طهران.
*الجريدة الكويتية