كيف تواجه مصر أزمة التغيرات المناخية؟
كتب: أحمد سبع الليل
عدد من السنوات الطويلة قد مضت، تجاهلت فيها الحكومة بمصر ظاهرة “التغير المناخي”، بل اعتبر بعض المسئولين بعدد من الحكومات السابقة قبل عام 2015 أن مجرد التفكير في وضع حلول لمواجهة تلك الظاهرة نوع من الرفاهية، قد يتناسب مع الدول المتقدمة، لكن بطريقة أو بأخرى أحدثت ظاهرة التغير المناخي عدد من التغيرات البيئية الجسيمة كموجات الحرارة المرتفعة والتي ضربت مصر وعددا من الدول وأسفرت عن مصرع وإصابة مئات المواطنين، تلك التغيرات فرضت نفسها علي المسئولين في مصر، ودعتهم إلي التفكير كثيرا في وضع سياسات وحلول وعقد الاتفاقات الدولية لمواجهة التغيرات المناخية التي باتت لها تأثيرات واضحة علي كافة أوجه الحياة كالزرع وتآكل الشواطئ، بل وصل الأمر إلي تغير حالة الطقس العامة في مصر، وبات الحديث عن ظاهرة مثل “الاحتباس الحراري” بين المواطنين بالشارع، وبندا هامًا في اجتماعات الحكومة، وبؤرة اهتمام من المسئولين المعنيين عن البيئة في مصر
مجلس الوزراء المصري يدرس إعادة هيكلة “المجلس الوطني للتغيرات المناخية”
وأصدرت حكومة مصر قرار من مجلس الوزراء عام 2015 لتشكيل “المجلس الوطني للتغيرات المناخية”، بهدف العمل علي تحقيق عدد من الأهداف أهمها؛ رسم السياسات العامة للدولة فيما يخص التعامل مع التغيرات المناخية، ووضع وتحديث الاستراتيجيات والخطط القطاعية لتغير المناخ في ضوء الاتفاقيات الدولية والمصالح الوطنية، وصياغة وتحديث استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ، كما يختص المجلس بربط السياسات والاستراتيجيات والخطط الوطنية الخاصة بتغير المناخ باستراتيجية التنمية المستدامة؛ ويهدف المجلس أيضاً إلى زيادة المعارف العلمية والبحوث المنشورة المرتبطة بالتغيرات المناخية ومتابعة تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، ورفع وعي المسئولين ومتخذي القرار والجمهور بكل ما يتعلق بالتغيرات المناخية، فضلاً عن العمل على دمج المفاهيم والمعارف المرتبطة بالتغيرات المناخية داخل مراحل التعليم المختلفة، وبناء القدرات المؤسسية والفردية اللازمة للتعامل مع التغيرات المناخية.
ليس هذا فحسب بل تابعت الحكومة “المجلس الوطني للتغيرات المناخية” وأصدرت قرار خلال شهر مارس 2019، بإعادة تشكيله وفقًا لاستراتيجية جديدة تراعي فيها التغير العالمي في المناخ بكافة جوانبه.
مصر تفوز بأفضل مشروعات الطاقة الشمسية في العالم
وعلى صعيد المشروعات المحلية للحد من التغيرات المناخية، أعلن البنك الدولي فوز مشروع الطاقة الشمسية في بنبان بمصر كأفضل مشروعات البنك الدولي تميزا على مستوى العالم، حسبما ذكرت عدد من المواقع والصحف الملحية والدولية، هذا المشروع العملاق الذي أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسي، على أرض أسوان لتصبح مصر دولة مصدرة للطاقة الكهربائية بعد أن كانت هناك مشكلة حادة في توفير الكهرباء قبل عام 2014 حيث وصل إجمالي الاستثمارات بهذا المشروع القومي لنحو 2 مليار دولار، كما أنه ساهم حالياً في توفير حوالي 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، موضحاً بأن مجمع بنبان للطاقة الشمسية يعد أكبر مجمع محطات لتوليد الكهرباء في العالم حيث يهدف المشروع إلى زيادة الطاقة النظيفة المنتجة، فضلاً عن توفير الاحتياجات من الطاقة الكهربائية للمواطنين والمشروعات العملاقة.
ومن جانبه صرح المهندس جمال محمود نائب رئيس شركة نقل الكهرباء والمشرف على مشروع الطاقة الشمسية ببنبان بأن المشروع يضم 32 محطة شمسية بقدرة تصل إلى 1465 ميجاوات دخلت منها حتى الآن 17 محطة الخدمة بإجمالي 830 ميجاوات، فيما مستهدف دخول 15 محطة أخرى للتشغيل الفعلي خلال عام 2019، لافتاً إلى أنه جارى دعم محطة محولات بنبان 3 بتركيب 2 محول إضافي لتصل طاقتها إلى 1000 ميجا وات بدلاً من 500 ميجاوات.
واتجهت مصر للاستثمار في طاقة الرياح؛ حتي باتت لها تجربة رائدة نالت إشادة من العالم أجمع؛ لما تمتاز به طاقة الرياح من انخفاض تكلفة الإنتاج وسلامتها البيئية وتخفيضها من انبعاث الكربون ودورها في مكافحة التغيير المناخي، حيث أطلقت مصر العام الماضي، إحدى أكبر المحطات لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في العالم في منطقة جبل الزيت على ساحل البحر الأحمر مقسمة على ثلاثة مشاريع متكاملة بكلفة تصل إلى 12 مليار جنيه (أكثر من 672 مليون دولار) ويبلغ إجمالي عدد توربينات الرياح في المشاريع الثلاثة الواقعة بمحاذاة الجانب الغربي للطريق الساحلي للغردقة 390 عنفة؛ يضم المشروع الأول 120 عنفة والثاني 110 والثالث 60 منها، ويُرجَّح أن تصل الطاقة الإنتاجية للمحطة الممتدة على مساحة 100 كيلومتر إلى 580 ميجاواط؛ بمعدل 240 ميجاواط من المشروع الأول و220 من الثاني و120 من الثالث.
كما بادر مركز البحوث الزراعية، ممثلا في معهد بحوث أمراض النباتات، بعقد حلقة نقاشية تدور حول أثر التغيرات المناخية في انتشار وظهور أمراض جديدة في مصر بتاريخ 10/ 2/ 2019 وكذلك جمعية أمراض النبات المصرية بتاريخ 26 / 2 / 2019 وذلك هروباً من احتمالات نقص الغذاء ودرءاً لشبهات الدمار المنتظر لو تأخر رد فعل الطبيعة في المساعدة على إصلاح ما أفسده الدهر نتيجة النشاط البشرى المتزايد والطفرة في التغيرات المناخية على مستوي العالم.
“الأرصاد المصرية”: 2018 من أكثر الأعوام ارتفاعًا في درجات الحرارة.. وندرس إعادة تغيير وصف مناخ مصر بسبب التغيرات المناخية
قال الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية، إن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم سببها الثورة الصناعية، وزيادة استخدام البترول ومشتقاته، والذي أحدث غطاء من الملوثات حول الكرة الأرضية، وأثر على كل دولة بشكل مختلف كحدوث أعاصير، أو جفاف أو غيره، وأضاف أن من مظاهر التغير المناخي في مصر ارتفاع الرطوبة، حيث لم تقل الرطوبة الصيف الماضي عن 80%، منوها بأن 2018 كانت من أكثر الأعوام ارتفاعا في درجات الحرارة.
وكشف “عبد العال”، أن هناك لجنة كبرى مشكلة من قبل هيئة الأرصاد تضم علماء الهيئة لبحث إمكانية تغيير وصف مناخ مصر في ظل التغيرات المناخية التي أثرت على العالم كله ومنها مصر، أن اللجنة تعقد اجتماعات مستمرة لبحث مدى تأثير التغيرات المناخية التي لحقت بالعالم ومصر ومدى تأثير ذلك على مناخ مصر والذي يوصف بأنه حار جاف صيفا ومعتدل ممطر شتاء.
وكشف رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن اللجنة تدرس وتتابع بيانات الطقس في مصر وخرائط توزيعات الضغط وغيرها من بيانات تتعلق بالطقس على مدار 50 عام مضى وستخرج بتقرير نهائي عن وصف بمناخ مصر حاليا وإرساله لوزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي لإبلاغهما بذلك التغيير الجديد.
تحرك محلي ودولي من مصر للحد من ظاهرة التغير لمناخي، لكن الأمر لن يكون سهلاً، فمصر تعاني كثيرا من ارتفاع المعدلات السكانية بصورة ملحوظة، لكنها لن تكتفي بالمشاهدة، وتحاول بشتى للطرق الحد من ظواهر التغيرات المناخية على كافة الأنشطة خصوصًا في مجال الصناعة والنقل ومشروعات الطاقة النظيفة كالرياح والشمس ورفع الوعي بمفاهيم التغيرات المناخية وأسبابها وسبل الحد من انتشارها.